صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

حلم الإعلام العربى

صالح الصالحي

الأربعاء، 18 يناير 2023 - 06:30 م

بالأمس القريب كان "التليفزيون العربى" و"إذاعة صوت العرب".. كانت "هنا القاهرة" التى كان يشعر معها كل عربى بالفخر بإعلام يعبر عن همومه وقضاياه، وهو من كان يقود حركات التحرر من الاستعمار على مدار عقود من الزمان..

إعلام حمل الهم العربى ودافع عن المواطن العربى، كل فى بلده على مدار عقود.. حتى غدا كل شىء يتغير وأصبح الإعلام فى العالم قوة تحتاج معها لاستثمارات ضخمة..

صناعة تدر مليارات الدولارات، تتاجر بهموم الشعوب، وتحقق المكاسب على جثثها معبرة عن خطط وأجندات أجنبية دمرت الاستقرار العربى وأصبحت بلدانه مرتعا للحروب والتناحر ومعسكرات للتطرف..

وأصبح لا يسمع أحد الآخر، الكل يحلم أن ينجو بنفسه من هول ويلات ما يلاقى..

فانحسر الخطاب العربى وأصبح خطابا محليا يعج بالفردية، رغم أن المشكلة واحدة، لكن الخيبات ضخمة لا تجعل أحدا يفكر سوى كيف ينجو مما هو فيه.

فزادت الفرقة والعزلة واختفى الخطاب العربى إلا ما ندر ومعه سيطرت الشركات الضخمة على صناعة الإعلام فأصبحنا لا نرى سوى محاولات متفرقة لجهود عربية يملؤها الحماس لخلق إعلام عربى موحد، وهو ما ليس بالمستحيل رغم الظروف الصعبة، لكن على قدر صعوبة الموقف تكون صعوبة المجهودات والتكاليف والإخلاص أيضا لمواجهة تحديات عالمية ضخمة..

فى واقع يجب أن نعترف معه أننا مازلنا لا نملك إعلاما عربيا موحدا ولا نعمل تحت مظلة موحدة أو حتى سياسة موحدة الأهداف ننطلق من خلالها، بل إنها مجرد جهود فردية وكل دولة تعمل على مصالحها تقاربت أو تباعدت عن المصلحة العامة المشتركة..

حتى وإن لم تتضارب المصالح فإنه ليس هناك شكل موحد معبر.. ولا أنكر بعض الجهود المتناثرة للجامعة العربية والمنتديات والملتقيات العربية، التى تؤكد الروح العربية الحماسية لخلق إعلام عربى قوى، لكنه لن يتأتى إلا من خلال كيان مشترك تتبادل عبره الرؤى والخبرات بين الدول العربية.. فى وقت أصبح التضامن والتنسيق ضرورة ملحة بعدما ما تمزقت الشعوب وتبعثرت هوياتها بخروقات أجنبية الهدف منها هو اغتنام ثروات الشعوب والبلدان.

وتزداد حاجتنا يوما بعد آخر إلى إعلام عربى استراتيجى يتبنى أهدافاً ومصالح جيوسياسية لصالح المنطقة العربية بشكل يستطيع أن يواجه تحديات الوقت الراهن فى مواجهة تناحر لأجندات دولية تعمل على إشعال الفتن والحروب على الأراضى العربية..

ويخلق صوتا عربيا موحدا يدافع عن مصالح المواطن العربى ويواجه أبواقاً خارجية تعمل على طمس الصوت العربى وتشويه الحق العربى فى كافة قضاياه فى المحافل الدولية.

وهذا ليس بالأمر السهل بل يحتاج جهدا وعملا متكاملا على جميع الأصعدة الرسمية وغير الرسمية، ولا نكتفى بلقاءات متفرقة معها تهدر الجهود وتنسى.. الوضع جد خطير فلم يعد الإعلام مجرد وسيلة تثقيفية أو ترفيهية أو سياسية تدغدغ بها مشاعر الشعوب فى مناسبات معينة..

الإعلام أصبح يقود كل قدرات الدولة الشاملة فهو قوتها الناعمة التى تقود اقتصادها وسياستها وثقافتها، ويعبر عن جميع شرائح المجتمع ويحفظ للشعوب هويتها واستقرارها..

وفى النهاية ورغم كل التحديات مازال حلم الإعلام العربى ليس بالمستحيل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة