د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا


حماية الأثرياء من نهاية العالم!

محمد حسن البنا

الأربعاء، 18 يناير 2023 - 06:36 م

"الذين يجدون حياتهم فجأة تحولت لجحيم نتيجة لتهديد نفسى ومعنوى عبر شبكة الإنترنت"

لم أر فى حياتى سفها أكثر من هذا. أثرياء يحاولون حماية أنفسهم من نهاية العالم عبر ملاجئ شديدة التأمين، توفر لهم الرفاهية المطلوبة. القصة وفقًا لكتاب Survival of the Richest لدوجلاس روشكوف وروتها لنا وبالصور قناة «CNBC عربية». حيث لجأ مليارديرات قطاع التكنولوجيا لبناء ملاجئ فاخرة استعداداً لنهاية العالم. قال روشكوف إنه دُعى إلى منتجع بعيد للتحدث مع خمسة من أغنى رجال العالم لم يكشف عن هويتهم، حول مستقبل الكوكب.

وكان السؤال عن أفضل الطرق للنجاة من وتجنب الانهيار البيئى، والاضطرابات الاجتماعية، والانفجار النووى، والعاصفة الشمسية، والفيروس الذى لا يمكن إيقافه، أو اختراق الكمبيوتر ببرمجيات خبيثة تحذف كل شيء». حيث قام المديرون التنفيذيون بتفصيل خططهم لبناء ملاجئ تحت الأرض. وسلط روشكوف الضوء على بعض شركات النجاة التى يستخدمها الأثرياء لتخطيط هروبهم.

هذه الشركات تبيع الملاجئ، وهى عبارة عن شقق فاخرة تحت الأرض. ولها مرافق خاصة ومنطقة تجمع يمكن للأفراد التجمع فى مناطق مشتركة، مع الحفاظ على مساحتهم الخاصة. ويقع أحد أفخم المواقع «Europa One» فى ألمانيا ويوفر للعائلات مساحة تتجاوز 2500 قدم مربع للمعيشة. وتعلن الشركة عن الموقع باعتباره أكبر ملجأ خاص فى العالم.

ويحتوى على العديد من وسائل الراحة ويعمل كقرية خاصة تقريبًا مع بار وكنيسة صغيرة وحمامات سباحة وأشياء أخرى. ويحصل السكان أيضًا على أماكن إقامة فاخرة خاصة بهم.

تم تصميم الموقع بحيث لا تؤثر على الصحة العقلية للسكان مع محاولات محاكاة الضوء الطبيعى فى الملجأ تحت الأرض. ويحتوى الموقع أيضًا على سينما وحديقة.

ويتضمن مبانى حراسة لتوفير الأمن - وهى مسألة قال روشكوف إنها سبب رئيسى لقلق المليارديرات الذين تحدث معهم على الرغم من جاذبية المرافق الفاخرة.

ولم يخف روشكوف شكه فى أن المواقع ستكون قادرة على النجاة من كارثة حقيقية. وأفاض فى التفاصيل قائلاً: توفر الشركة أيضا أماكن إقامة أكثر تواضعًا فى موقع فى ساوث داكوتا. وملاجئها مصممة للسماح للسكان بالعمل لمدة لا تقل عن عام واحد دون الحاجة إلى العودة إلى العالم الخارجى.

وقالت إن زبائنها ليسوا «النخبة»، بل هم أشخاص ذوو تعليم جيد ولديهم وعى شديد بالأحداث العالمية الجارية».

وتؤكد الشركة أنها شهدت زيادة فى الاهتمام بملاجئها فى بداية الجائحة وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية. تبدأ الأسعار من 35 ألف دولار لكل شخص مع «خصومات كبيرة» متاحة للأفراد الذين لديهم مهارات البقاء الأساسية وحتى 14 مليون دولار. وتستهدف العملاء الأثرياء. وقد قامت ببناء كل شيء بداية من غرف العمليات إلى اسطبلات الخيول.

الابتزاز الإليكترونى

يعانى المجتمع من قضايا جدت علينا بسبب شبكة الإنترنت. وللأسف لم نجد لها حلولا ناجحة حتى الآن. قضايا الابتزاز الإليكترونى تهدد الأسرة المصرية، وتفجر مشكلات وأزمات وصلت إلى قتل النفس التى حرمها الله. وقد تغول الابتزاز إلى هدم العلاقات بين الأخوة والآباء والأمهات، بعد استهداف السيدات والفتيات والأطفال. والذين يجدون حياتهم فجأة تحولت لجحيم نتيجة لتهديد نفسى ومعنوى عبر شبكة الإنترنت. وعقوبة جريمة الابتزاز الإليكترونى بنص قانون العقوبات فى المادة 327 على «أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور تخدش الشرف يعاقب بالسجن، وتنخفض إلى الحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب مادى».

كما أن تهديد شخص لآخر بجريمة ضد النفس تصل عقوبتها إلى السجن، مدة لا تتجاوز 3 سنوات، إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب أموال. أما اذا كان مصحوبا بطلب مال فقد تصل العقوبة للحبس 7 سنوات. كما ينص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات فى المادة 25 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإليكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إليكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته.

المشكلة أنه مازالت لدينا صعوبات فى تنفيذ القانون. كما أن العقوبات تحتاج إلى تشديد للردع. لهذا يجب أن نهتم بمسألة علاج التكنولوجيا بنظيرتها..

الفاروق كرين

كان مستشارا مقربا للرييس الامريكى الراحل «نيكسون»، وكان اسمه «روبرت كرين». حصل على دكتوراة فى القانون العام، ثم دكتوراة فى القانون الدولى، ثم اصبح رييساً لجمعية هارفارد للقانون الدولى، ومستشار الرييس الامريكى نيكسون للشوئون الخارجية، ونايب مدير مجلس الامن القومى الامريكى، ويعتبر احد كبار الخبراء السياسيين فى امريكا، وموسس مركز الحضارة والتجديد فى امريكا، ويتقن ست لغات حية. الحكاية بدأت عندما طلب الرئيس نيكسون أن يقرأ عن الإسلام. قدمت له المخابرات الامريكية بحثا مطولا. فطلب من مستشاره روبرت كرين ان يقرا البحث ويختصره له. وبالفعل قرا روبرت البحث، ثم ذهب يحضر ندوات ومحاضرات اسلامية ليتعرف اكثر على الموضوع. وعاد بعد أيام يعلن إسلامه، وكان خبرا مدويا فى ارجاء الولايات المتحدة الامريكية.

وأطلق على نفسه لقب فاروق عبد الحق. وقال عن سبب إسلامه: بصفتى دارساً للقانون، فقد وجدت فى الاسلام كل القوانين التى درستها. بل واثناء دراستى فى جامعة هارفارد لمدة 3 سنوات لم اجد فى قوانينهم كلمة (العدالة) ولو مرة واحدة. لكننى وجدتها فى الاسلام كثيراً. اسلم سنة ١٩٨١ م  وسمى نفسه (فاروق) تاسيًا بالفاروق عمر رضى الله عنه وارضاه الذى كان امامًا للعدل بعد النبى صلى الله عليه وسلم. ويقول: كنا فى حوار قانونى، وكان معنا احد اساتذة القانون من اليهود، فبدا يتكلم ثم بدا يخوض فى الاسلام والمسلمين. فاردت ان اسكته، فسالته: هل تعلم حجم قانون المواريث فى الدستور الامريكى؟.

قال: نعم، اكثر من ثمانية مجلدات.  فقلت له: اذا جيتك بقانون للمواريث فيما لا يزيد على عشرة سطور، فهل تصدق ان الاسلام دين صحيح..؟ قال: لا يمكن ان يكون هذا. فاتيت له بايات المواريث من القران الكريم وقدمتها له، فجاءنى بعد عدة ايام يقول لى: لا يمكن لعقل بشرى ان يحصى كل علاقات القربى بهذا الشمول الذى لا ينسى احدًا ثم يوزع عليهم الميراث بهذا العدل الذى لا يظلم احداً. ثم اسلم هذا الرجل اليهودى. الدكتور روبرت كرين (فاروق)، مازال حياً يرزق، عمره ٩١ سنة.

عملاق الصحافة

أعتز بالعديد من أساتذتى. والأستاذ جلال الدين الحمامصى على رأس هؤلاء الأفاضل. لأنه صاحب الصحافة المثالية. وصاحب المدرسة الخالدة فى فنون الصحافة وعلومها. وصاحب الأفضال على أجيال عديدة من كبار الصحفيين وعمالقة المهنة.

تلاميذه قيادات صحفية متميزة على مر السنين. أفتخر أننى تتلمذت على يديه وعلى كتبه وأفكاره. ونهلت من علمه ما دفعنى لدراساتى فى الصحافة والإدارة.

وأهديت لروحه الطاهرة التى صعدت إلى بارئها فى الـ 20 من يناير عام 1988، رسالتى للدكتوراة فى «الحوكمة ودورها فى تحسين كفاءة المؤسسات الصحفية»، والمأخوذ منها كتابى «الصحافة فى خطر» الصادر عن هيئة الكتاب المصرية.

الحمامصى رغم دراسته لعلوم الهندسة إلا أنه كان يهوى الصحافة والكتابة منذ طفولته فى مدينة دمياط بدلتا مصر التى ولد فيها أول يوليو 1913 لأب كان كاتبا معروفا، فورث عنه فن الكتابة، وحب الكتابة الصحفية. ظهرت ميوله الصحفية مبكرا منذ أن كان طالبا فى الثانوى، ولما التحق بكلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول القاهرة لم يبتعد عن الصحافة.

كما لم يبتعد عن السياسة وكان أصغر عضو بالبرلمان قبل ثورة يوليو 1952. وله نضال سياسى معروف وعلاقات محترمة مع زعماء ورؤساء مصر. وتميز بالجرأة فى الحق، فى عموده اليومى «دخان فى الهواء». وله العديد من الكتب والدراسات، تعتبر مراجع علمية لأساتذة كليات الصحافة والإعلام.

جلال الحمامصى علامة من علامات الفكر والثقافة والصحافة والسياسة فى القرون الأخيرة من تاريخ مصر. رحمات الله عليه ورضوانه. وألهمنا ونجله المهندس كامل وأسرته الكريمة الصبر والسكينة.  

الغلاء والوباء

أعجبتنى مقولة الأستاذة الدكتورة ثناء الشيخ حول الغلاء والوباء الذى نواجهه. قالت: الصبر والرضا على البلاء والغلاء... قال الله تعالى فى كتابه العزيز {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} يذكرنا الله سبحانه وتعالى، أن الناس جميعا مبتلون فى هذه الحياة الدنيا سواء أكانوا أفرادا أو جماعات أو أمما - بشىء من الخوف والجوع - يختلف قلة وكثرة - وبنقص فى الأموال والأنفس والثمرات فليس أحد فى هذه الدنيا بمأمن أبدا من أن تنزل به هذه النوازل، متفرقة أو مجتمعة والجزع فى هذه الحالات هو الذى يثقّل المصيبة، ويولّد منها مصائب، فيضاعف معها البلاء، ويعظم الألم، ويطبق اليأس، ويغلق كل باب للأمل والرجاء!.

أما الإنسان الذى يلقى أحداث الحياة ومصائبها بالصبر، ويواجهها بالتسليم والرضا لرب العالمين، عن يقين وإيمان بأن ما وقع إنما هو بقضاء الله وقدره - ويعلم جيدا أن الرزاق هو الله وحده، فإن ذلك يهوّن عليه من وقع المصائب وإن عظمت، ويمدّه بمعين عظيم من الصبر والاحتمال، ويفتح له بابا واسعا من الأمل والرجاء فيما هو خير عند الله وأبقى... والدنيا دار ابتلاء واختبار، والبلاء يكون حسنا، ويكون سيئا، وأصله المحنة، قال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} وقال عز وجل: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً}.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة