الأحد، 19 فبراير 2023 - 09:33 م

إذا كان وقْع الزلزال على الكبار كارثيا فإن الأمر مع الأطفال أكثر مأساوية، المؤكد أن يكون لتلك المأساة تأثير مدمر على عقول ونفوس الأطفال الذين تعرضوا لهذه التجربة الأليمة، فى ظل المشاهد المرعبة التى عايشها الكثير منهم تحت الركام وبين أشلاء وجثث الأهل، وهو ما يتطلب التحرك العاجل لإعادة التوازن النفسى والعقلى لهؤلاء الأطفال قبل أن يتحولوا إلى قنابل موقوتة، تهدد حياتهم وحياة مجتمعاتهم مستقبلًا.

تواجه سوريا وتركيا الآن مأساة الأيتام الجدد بفعل الزلزال ورغم عدم وجود تقديرات موثقة عن عدد الأطفال الضحايا حتى الآن لكن المؤشرات الأولية تقول إن أكثر من 7 ملايين طفل من الناجين منهم 4.6 مليون طفل فى الولايات العشر التى ضربها الزلزال فى تركيا و2.5 مليون طفل فى شمال سوريا بحاجة إلى دعم إنسانى عاجل.
نظرات الرعب التى تخيم على أعين الأطفال الناجين، والصمت المدوى الذى يفرض نفسه، تكشف بشكل لا يحتاج إلى توضيح تفاصيل المعاناة وحجم الإحساس ومأساوية الصورة برمتها.
تطالب منظمة اليونيسيف بالتحرك العاجل لإنقاذ الأطفال فى جنوب تركيا وشمال سوريا قبل تفاقم الوضع، نظرًا لخصوصية الحالة وحساسيتها واحتمالية أن تتجاوز الخطوط الحمراء خلال الأيام المقبلة بعد القيام بأعمال إزالة الأنقاض بشكل كامل عقب فقدان الأمل فى العثور على ناجين، بجانب أوضاع الطقس السيئ الذى يزيد المعاناة.

ففى تركيا ورغم مأساوية المشهد بصفة عامة فإن الأمر ربما يتم تداركه خلال الآونة المقبلة، ما يعنى فى النهاية احتمالية العثور على أقارب للأطفال الناجين من الزلزال فى مدن أخرى بعيدة عن الزلزال.
أما فى سوريا فالوضع يختلف تماما، فالحرب الدائرة منذ 12 عامًا بين نظام الأسد من جانب والمعارضة السورية من جانب آخر خلفت وراءها 1.2 مليون طفل يتيم، ولكن بعد الزلازل ربما يتفاقم الأمر فى منطقة الشمال الذى يعانى بطبيعة الحال من أوضاع معيشية متدنية دفعت المنظمات الأممية للتحذير من أن حياة 2.5 مليون طفل سورى فى مناطق الشمال فى خطر.
المأساة هنا لا تقف عند حاجز من توفوا من الأطفال تحت أنقاض الزلزال، لكن ربما يزداد تفاقمها مع الناجين منهم، حيث حذر عدد من أطباء النفس من أن هذه الكارثة الطبيعية ستؤدى لانهيار نفسى وعقلى للعديد من الأطفال الذين تحولوا إلى أيتام بين ليلة وضحاها، بعد أن مكثوا لفترات طويلة بين الركام فى منازلهم المهدّمة، وفقدان الأمل فى ربط بعضهم بعائلاتهم بسبب اختفائها بالكامل تحت الركام.