فكرى باشا أباظة
فكرى باشا أباظة


كنوز | في ذكرى وفاته الـ44.. «باشا الصحافة الضاحك» في مرآة الشيخ «البشري» ‎

عاطف النمر

الخميس، 23 فبراير 2023 - 12:02 م

44 عامًا مضت على غياب الأسطورة فكرى باشا أباظة المتعدد الألقاب، فهو المحامي ذائع الصيت، والبرلمانى المخضرم، والساخر صاحب كتاب «الضاحك الباكي»، والنجم الأشهر فى بلاط صاحبة الجلالة، ونقيب الصحفيين الأشهر، والإذاعى اللامع، لذا كان 14 فبراير 1979 يوما حزينا عندما فقدته مصر.

ونقدم فى ذكراه مقالًا للشيخ عبد العزيز البشرى الذى يقول فيه: 

- «متكور الوجه، أخيف العينين فى ضيق محاجر، مقرون الحاجبين، كأنما شُق عن فمه بعد أن استوى خلقه، متوافر اللحم فى غير بدونة بينة، ولو قد أطلق للشحم العنان لتمت عليه نعمة الله كلها ! ولو رأيته فى إخوته لحسبته بعض تلك النباتات التى تخرج وحدها فلم يتعهدها منجل البستانى بالتسوية والتشذيب!

وفكري، على هذا كله يكاد من خفة الروح يطير، ولعل مما يساعده على هذا الطيران شكله «البالونى» الخفيف، حلوالحديث، حاضر البديهة، رائع النكتة، لو هيئ لك أن تجلس إليه عشرين سنة ما أحسست ضجرًا، يسرك حتى فى غضبه وخصامه، وهذه الطرف البديعة التى يطالع الجمهور بها فى الصحف لقطع من نفسه الفنانة اللعوب يرسلها على القرطاس إرسالًا فى غير كلفة ولا عناء، ولعلها بهذا وحده تشيع فى الأنفس كل ما تجد لها من أريحية ولذة وطرب.

وهو ذكي، تام الاستعداد، على أنه صرف كثيرًا من هذا إلى تمرين تلك الموهبة العظيمة فيه، حتى استأثر بهذا الفن البديع من البيان إن لم يكن قد خلقه فى بلاد العربية خلقًا، نعم، لقد تخصص الأستاذ فكرى أباظة فى هذا النوع من البديع وبرع فيه أيما براعة، وهذا اسمه يرن به باعة الصحف صباح كل يوم وظهره ومساءه، ولو اجتمع لامرئ فى بلاد الغرب هذا «الفن» إلى هذه الشهرة لخرج فى أصحاب الملايين، ولكننا ما زلنا فى طريق تقدير الفنون، على أننا كنا نتهزأ بها وبأهلها من عهد قريب!

وإذا كان الفن أجدى عليه شيئًا فقد أجدى عليه حقًّا عضوية مجلس النواب، وذلك الحظ العظيم. وعلى ذكر البرلمان أهمس فى أذن صديقى الأستاذ فكرى بكلمة صادق مخلص: اعلم يا عزيزي، وفقك الله، أن وسائل النجاح فى شيء لا تصلح دائمًا وسائل للنجاح فى شيء آخر، فإذا كان كل ما أعده الأستاذ فكرى للبرلمان هو نفس ما يعده للصحف بلا زيادة ولا نقصان، فأرجو ألا يتكئ كثيرًا على عيشه الجديد، وليعلم «أن له ناخبين يتردد عليهم» وليس معنى هذا أن فكرى قصر فى أداء واجبه النيابى، أو أنه لم يكن له فى الأمر كفاية، ولكنا إنما نطمع فى أن يكون للبلد منه فى البرلمان مثل ما لها منه فى عالم البيان.

ولقد نسيت أن أذكر لك أن فكرى أباظة محام من الطراز الجيد، وله مكتب فى مدينة الزقازيق، يطلبه وجهاء القوم لتولى الدفاع فى قضاياهم، وهو مجد فى مهنته، لبق، حسن التصرف، مبسوط العلم بمداخل القانون، تعلم أن النبوغ فى فن لا يستهلك، ولا أدرى أيكون من الخير أن يوزع الأستاذ فكرى قواه على أمرين معًا أو على ثلاثة، إذا حسبنا البرلمان شغلة ثالثة؟ أم أن الخير كله فى أن يتجرد لتربية تلك الموهبة الجليلة التى لم يشاركه فيها كثير، على حين يشاركه ويبرعه فى غيرها كثير؟!

والأستاذ فكرى من عائلة كبيرة جدًّا، كل أفرادها متعلم، وكلهم كسائر المتعلمين له فى السياسة رأي، ولكنى لا أحصى فى هذه الآلاف - ما شاء الله - حزبًا وطنيًّا إلا فكري، ولعل هذه من إحدى طرفه كذلك، على أن الأخلق به ألا يكون حزبًا وطنيًّا من الطراز الجديد «مودرن»، بل أن يكون وطنيًّا قديميًّا محجوبيًّا لا يقنع بالسودان من منبعه إلى مصبه ومعه الملحقات، وملحقات الملحقات، فإن فى الشرق القريب والبعيد بلادًا ضافية الأطراف، واسعة الأكناف، أولى بمصر أن تتولاها وصاية وانتدابًا ما دام الإنجليز، على رأى الدكتور ثابت، ولعل الفرنسيين أيضًا «ما يقولوش حاجة!» ذلك هو الأخلق بطريف الخيال، وليُسْعد التمنى إن لم تُسْعِد الحال.. منى إن تكن حقًّا تكن أعذبَ المُنى وإلا فقد عِشنا بها زمنًا رغدَا.

اقرا ايضا: اليوم.. خالد ميري في جريدة الجمهورية

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة