غادة زين العابدين
غادة زين العابدين


عاجل جدًا

كم «رودينا» فى المدارس؟

غادة زين العابدين

الثلاثاء، 28 فبراير 2023 - 08:06 م

تحدث مع ابنك أو ابنتك كثيرا، راقب سلوكه وردود أفعاله، تعرف على أصدقائه وعددهم، وطبيعة علاقته بهم، اسأل عنه فى مدرسته، وتحدث مع أساتذته وزملائه، لا تجعل كل همك الإطمئنان على مستواه الدراسى، ولا تتوقع أن كل شيء تمام لمجرد ثقتك فى تفوقه ودرجاته، خط التفوق الدراسى، لا علاقة له بخط السلوك والأخلاق، وقد يكون ابنك من أوائل مدرسته، لكنه مهتز سلوكيا ونفسيا، قد يكون عدوانيا، أو انطوائيا، متنمرا على زملائه، أو ضحية لتنمرهم، وكلها علامات خطيرة تعكس خللا فى الشخصية يمكن أن يدمر مستقبله، وربما حياته.

واقعة وفاة رودينا طالبة الثانوى صدمتنا جميعا، طالبة متفوقة، هادئة، محبوبة من أساتذتها، لكنها غير قادرة على الاندماج مع زميلاتها، اجتمعت عليها شلة المشاغبات، ربما بدافع الغيرة من تفوقها، أو بدافع الهزار والتسلية، أو لمجرد سوء التربية وانعدام الأخلاق، وأصبحت الفتاة المسكينة تسليتهم اليومية، عايروها بشكلها ومظهرها، وانطوائها..

عانت رودينا كثيرا، وشكت للإدارة والأساتذة، لكن الجميع وقفوا متفرجين، وزادت حدة معاناة الفتاة وعزلتها وانطوائها، كرهت زميلاتها، ثم كرهت المدرسة، وأخيرا كرهت نفسها، وشكلها ولم يحتمل قلبها الصغير كل هذه الضغوط، عادت من المدرسة باكية بعد تعرضها لوصلة «التريقة اليومية»، انهارت باكية أمام شقيقتها، وكانت آخر كلماتها «هو أنا صحيح وحشة زى ما بيقولوا»، ولم تنتظر رويدا الإجابة، أصيبت بأزمة قلبية مفاجئة من شدة الانفعال، وسقطت على الأرض ميتة.

التنمر أو الاستهزاء، أو بالبلدى «التريقة على خلق الله»، ظاهرة غريبة تنتشر بشراسة فى المجتمع، وخاصة بين الأطفال والمراهقين، ولا تعكس إلا شيئا واحدا، انعدام الأخلاق، وسوء التربية.

وقد يكون ابنك من ضحايا التنمر أو من مرتكبى هذه الجريمة، وأنت لا تعلم، والخطير أن نسبة كبيرة من مرتكبى جرائم القتل - كما يقول علماء النفس - كانوا فى طفولتهم من ضحايا التنمر، ورفض المجتمع لهم لعدم قدرتهم على الاندماج به، وهو ما يتسبب عادة فى انعزالهم وانطوائيتهم وشعورهم المستمر بالاضطهاد وكراهيتهم للمجتمع الرافض لهم، وهو ما يكون أكبر دافع لارتكابهم الجرائم ربما فى حق أقرب الناس إليهم.

وهناك نوع آخر يصاب بالاكتئاب الحاد الذى يزداد بمرور الوقت وقد يؤدى به للانتحار.

«رودينا» ليست الوحيدة، فالتنمر ظاهرة خطيرة فى المدارس، وهناك آلاف الأطفال والمراهقين يعانون من رفض زملائهم فى المدارس ولا يشعر بهم أحد، ويجب أن يكون للمعلم وإدارة المدرسة وقبلهم ولى الأمر دور كبير فى التوعية بها ومواجهتها.

قد يحتار بعض الآباء والأمهات فيما يفعلونه لحماية أطفالهم من العنف والتنمر، وقد لا يتصور بعضهم أن أبناءهم هم الجناة الذين يؤذون زملاءهم بتنمرهم.
حاول أن تقترب من أبنائك وتراقب سلوكهم وخاصة طبيعة علاقتهم بزملائهم وأصدقائهم، حتى لا يكونوا دون أن تدرى، طرفا من أطراف ظاهرة التنمر البغيضة، سواء جناة أو مجنى عليهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة