جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

جلال عارف يكتب: أمريكا وإسرائيل.. ماذا بعد «الاشمئزاز»؟!

جلال عارف

الجمعة، 03 مارس 2023 - 06:31 م

حين تصف الخارجية الأمريكية تصريحات مسئول إسرائيلي كبير «وزير المالية» بأنها «غير مسئولة وبغيضة ومثيرة للاشمئزاز» فإن ذلك يؤكد كم أصبحت إسرائيل عبئًا حتى على أقرب حلفائها وأشد داعميها!

بالتأكيد.. مازال الطريق طويلًا نحو موقف أمريكى ينحاز للشرعية الدولية ويترك المعايير المزدوجة، ويلتزم حقا بمبادئ حقوق الإنسان وحرية الشعوب.. لكن الانتقال من «الدعم غير المشروط» إلى «القلق والأسف» ثم إلى «الاشمئزاز» يعكس حجم الخطر الذى أصبحت إسرائيل - فى ظل حكومة عصابات التطرف - تمثله على المنطقة وعلى العالم، والذى لا يمكن أن تتغاضى عنه أى حكومة مسئولة حتى ولو كان دعمها لإسرائيل بلا حدود!

وفقًا لزعيم المعارضة «ليبيد» فإن ميليشيات وزير المالية الإسرائيلى «سموتيريتش» هى التى قادت الهجوم البربرى على قرية «حوارة» الفلسطينية، وارتكبت ما وصفه جنرالات إسرائيل أنفسهم بأنه «مذبحة وحشية» وأشعلوا النيران فى منازل القرية. وبعد ذلك كله لم يكتف الوزير الإرهابي بـ«المحرقة» التى اشعلها أنصاره، بل وقف يطالب الحكومة بمحو القرية كلها من الوجود!

الخطورة الحقيقية أننا لسنا أمام حادث منفرد «مهما كانت بشاعته» ولا أمام تصريحات خاطئة أو تحريض عارض.. وإنما نحن أمام سياسة عامة لحكومة زعماء عصابات اليمين المتطرف التى قامت على تحالف لا يرفض فقط «الدولة الفلسطينية» بل يرفض أيضا وجود الفلسطينيين نفسه ويدعو للتخلص منهم، ويفتح الباب على مصراعيه للاستيطان غير المشروع فى كل ما تعتبره هذه الجماعات «أرض إسرائيل التاريخية». ولأن هذا يتفق - فى حقيقة الأمر - مع موقف نتنياهو الأساسى من ناحية، ويضمن له رئاسة الحكومة التى تبعد عنه شبح السجن الذى يطارده بعد محاكمته بتهم الفساد والاحتيال والرشوة.. فقد سلم كل المفاتيح المطلوبة لحلفائه من الإرهابيين والمتطرفين لكى ينفذوا هذه السياسة مهما كانت المعارضة الداخلية أو الخارجية لها. وهكذا أصبحت الشرطة تحت إمرة الإرهابى «بن غفير» الذى أصبح مسئولا عن الأمن الداخلى بسلطات واسعة.

 وأصبح رفيقه فى الإرهاب «سموتيريتش» مسئولًا عن شئون الضفة ووزيراً مشاركًا فى وزارة الدفاع بجانب توليه المالية  وأصبح الاثنان هما المسئولان عن رعاية الاستيطان وحشد الميليشيات ضد الفلسطينيين فى الداخل الإسرائيلى وفى الأرض المحتلة.

«المحرقة» التى نفذتها ميليشيات المستوطنين فى «حوارة» لم تكن حدثًا انفراديًا، بل هى جزء أساسى فى مخطط يستهدف تهجير الفلسطينيين، ويذكرنا بالمذابح التى رافقت بدء المأساة الفلسطينية.. من «دير ياسين» إلى الآن«!!»  وتهديدات «سموتيريتش» بإزالة بلدة فلسطينية من الوجود هى مؤشر إلى ما هو أخطر.. الإرهاب الإسرائيلى يتوحش فى الداخل والخارج. خلال أيام كانت هناك قوانين جديدة ضمن سياسة متكاملة لإقامة دولة التمييز العنصرى فى أسوأ صورة، ولدعم ميليشيات الحرس الثوري الصهيوني، وللمضى قدمًا فى مخطط إسقاط السلطة الفلسطينية «أو ما تبقى منها بعدما تعرضت له» ولفتح ملف العودة إلى غزة من جديد «!!» ولضرب كل أسس استقرار المنطقة من أجل إرضاء يمين مهووس بالتوسع والعنصرية التى أصبحت غالبية الإسرائيليين أنفسهم تدرك أنهم الخطر الأكبر على وجود دولتهم، والتى أعلنت التمرد على استبدادهم ومخططاتهم التى تدعم الإرهاب وهى تدعى مقاومته. وربما كانت مواقف أمريكا الأخيرة رسالة إلى هؤلاء قبل أن تكون لغيرهم «!!».. لكنها - فى النهاية - موقف يكشف أن عبء دعم إسرائيل أصبح فوق الطاقة، وأن الدفاع عن حكومة تقيم «المحارق» وتدعو إلى «الإبادة» أصبح مستحيلاً.

وصلت أمريكا إلى مرحلة «الاشمئزاز».. متى تصل إلى مرحلة نصدقها ويصدقها العالم حين تتحدث عن انحيازها المطلق لحرية الشعوب وحقوق الإنسان؟!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة