هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

صدمة نتانياهو

هالة العيسوي

الأربعاء، 15 مارس 2023 - 05:57 م

لا يمكن إغفال أثر الصدمة التى تلقاها نتانياهو، مهما حاول الإعلام العبرى التهوين من أثر الاتفاق السعودى الإيرانى المفاجئ باستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، ومهما حاول الترويج بمكابرة وعنجهية بغيضة لفكرة أن للاتفاق أهدافًا أخرى تتعلق بالحروب فى اليمن وسوريا ولبنان، لا تؤثر على العلاقات المتنامية بين الرياض وتل أبيب، بعكس ما قد يطرأ على أذهان المراقبين.

وأن الاتفاق السعودى - الإيرانى لا يوجه ضربة قاتلة لتلك العلاقات لكنه مجرد «ضربة فى الجناح» سرعان ما تتعافى، وأن الصدمة فى الحقيقة موجهة للولايات المتحدة التى استبعدت من الاتفاق، وتم برعاية صينية.

صحيح أن المملكة لم تنضم أو توقع على الاتفاقات الإبراهيمية، لكنها كانت ترسًا مهمًا فى ماكينة التحالف الإقليمى المعادى لإيران. وكان هناك تعويل كبير على تعاون السعودية فى توجيه ضربة لإيران باعتبارها العدو المشترك. 

كما أن الضغوط المكثفة التى مارسها نتانياهو من أجل تسريع عملية التطبيع مع السعودية، والتغطيات الواسعة للإعلام العبرى عن قرب هذا التطبيع واحتلاله رأس أولويات إدارتى بايدن ونتانياهو، والتهليل لفتح المجال الجوى السعودى للطائرات الإسرائيلية، باعتباره أولى خطوات التقارب الرسمى مع المملكة، كل ذلك كاد أن يحول الحلم الإسرائيلى إلى حقيقة فى أذهان الطبقة السياسية الحاكمة فى تل أبيب، على الرغم من التعقيدات والمطالب السعودية، التى عرقلت مسيرة التطبيع وكان على رأسها المطالبة بضمانات أمريكية لتبنى مشروع نووى مدنى لتوليد الطاقة. 

لاشك أن توقيع الاتفاق السعودى الإيرانى، أطاح بالحلم الإسرائيلى، ولو إلى حين. ومن المؤكد أن هذا الاتفاق استثنى السعودية من التعاون مع التحالف الإقليمى الموجه ضد إيران.

وإذا كان من الممكن النظر إلى التوجه السعودى شرقًا نحو الصين، القوة العالمية المنافسة للولايات المتحدة، لرعاية مفاوضات الاتفاق مع إيران باعتباره أيضًا صدمة لواشنطن، فمن الواجب عدم تجاهل دوافع هذه الصدمة، والتى يمكن تلخيصها فى وصف العلاقة المرتبكة بين الرياض وواشنطن فى عهد بايدن، فضلًا عن الالتزام الأمريكى بضمان أمن إسرائيل وتفوقها العسكرى والنووى، الذى أدى إلى تردد واشنطن فى الاستجابة للمطالب السعودية.

بعض المراقبين الإسرائيليين يدركون هذه الدوافع، وانبروا فى التنديد بالسياسة الإسرائيلية الفاشلة، التى تسببت فى فقدان حليف قوى محتمل كالسعودية، وفى ضرب مشروع التطبيع معها، وبالغفلة التى انتابت الحكام فى واشنطن وتل أبيب بينما كانت مفاوضات الاتفاق تجرى فى الصين منذ عامين.

أما على مستوى الطبقة السياسية، فقد انهارت كل محاولات إنكار قوة أثر الاتفاق بين الرياض وطهران، أمام حالة هيستيرية من تبادل الاتهامات بالمسئولية، فالحكومة السابقة برئاسة نفتالى بينت ويائير لابيد أتهموا حكومة نتانياهو المتطرفة بالتسبب فى هذه النكسة التى حدثت نتيجة الإهمال الدبلوماسى والضعف العام والصراع الداخلى فى البلاد منذ تشكيل الحكومة الحالية فى 29 ديسمبر.

فى حين ألقت عناصر كقربة من نتانياهو باللوم على الحكومة السابقة بحجة أن المحادثات بين الرياض وطهران بدأت فى عام 2021 أثناء ولاية نفتالى بينت وحكومة يائير لابيد التى لم تدم طويلاً، وعندما كانت إدارة بايدن أكثر التزامًا بالعودة إلى الاتفاق النووى الإيرانى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة