يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث في مصر الآن

يوسف القعيد يكتب: رمضان وشهرزاد

يوسف القعيد

الخميس، 30 مارس 2023 - 08:39 م

لست أدرى عدد السنوات التى مرت علينا وأتى فيها رمضان، وعشنا كل الجمال الذى يهل منه، وحُرِمنا من شهرزاد وحكاياتها التى كانت جزءاً من الشهر الفضيل. بل إن رمضان فى خيالى لا يكتمل إلا بحضورها وحكاياتها البديعة التى كانت تفتتح بها الحكايات:

- بلغنى أيها الملك السعيد ذو الرأى الرشيد.

ونستمر معها فى متعة لا تصفها الكلمات حتى تُفاجئنا العبارة القاسية التى تقول:
- وهنا أدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح.. ثم نسمع صوت الديك الذى ينبهنا لنهاية رحلة سحر الحكاية. هذا كان يؤلمنا كثيراً، ولا يبقى أمامنا سوى الإنتظار للغد حتى نُجدد المتعة.
أذكر أن قريتى الضهرية مركز إيتاى البارود محافظة البحيرة. كان فيها راديو أو اثنين أو ثلاثة. وكنا ونحن أطفال نذهب إلى أقرب الراديوهات الثلاثة إلينا لنعوم ونسبح ونطير مع سحر الحكايات الرائعة التى عُرِفت به الحضارة العربية والإسلامية على مستوى العالم كله.. فمن يقرأ آداب العالم ويتابعها سيكتشف أننا عُرِفنا بالليالى عندها. حتى عندما فاز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب فى 8 أكتوبر 1988، وصفه بعض نُقَّاد تلك البُلدان بأنه حفيد شهرزاد. أو حفيد الحضارة التى قدمت للبشرية شهرزاد وألف ليلة وليلة..

أعرف أن التراث الشعبى الحكائى العربى والإسلامى بما فيه من ملاحم يحتوى على العديد منها. لكن يبقى لشهرزاد سحرها الخاص، وحضورها الذى لا يتكرر، وعبقها الذى نشمه قبل أن نستمع إليه. لذلك فقد فرحت قبل رمضان بشهور عندما قرأت أنهم ينوون تقديم ألف ليلة وليلة فى رمضان القادم.

ثم حزنت بلا حدود عندما اكتشفت غياب شهرزاد المؤلم والليالى التى لا حد لمتعتها.. وقد قرأت أنهم كانوا ينوون تقديم الليالى وهذا أمر مهم وطلب الجماهير المصرية.. وإننى أعتقد أن جزءاً من انتشار العامية المصرية خارج مصر عربياً وإسلامياً ربما يعود إلى عذوبة وجمال الليالى التى حملتها معها ووصلت بها إلى قلوب من أحبوها.. صحيح أننى قرأت الليالى بعد ذلك مطبوعة بعد أن أصبحت لدىَّ مكتبة كبيرة أعتبرها أهم منجزات عمرى. ولكن القراءة لم تجعلنى أبداً أعيش جمال الليالى وبهجتها وكل ما تحمله من أشكال الشهور للنفس الإنسانية.. إننى أكتب كل هذا الكلام لعل المسئولين فى شركة الإنتاج الدرامى يستعدون من الآن، تلك الليالى بما فيها من جمالٍ وعذوبة وبكارة غير عادية. هل أحلُم؟ وهل على الحُلم قيود؟ أتمنى أن يُدرك من بيدهم الأمر أن حكاية الليالى تهم الملايين منا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة