صلاة التراويح
صلاة التراويح


ترفضها الشيعة.. هل صلاة التراويح فـى جماعة بدعة؟

آخر ساعة

السبت، 01 أبريل 2023 - 12:30 م

بقلم: حسن حافظ

أليست صلاة التراويح التى يصليها البعض فى جماعة الآن بدعة لم تثبت عن النبي؟ ألم يكن قرار صلاة التراويح سياسيا من الخليفة عمر بن الخطاب وبدعة سيئة جرى عليها المسلمون فى مخالفة لما ثبت عن النبي؟ أليس فى هذا نموذج على الابتداع الذى جعل المسلمين على غير هدى لأن السنة سنة النبى وليست سنة الصحابة؟ الحكم فى صلاة التراويح فى جماعة أنها صلاة غير مشروعة وهى بدعة لا يجوز إقامتها!.

هذه الأقاويل تتردد كثيرا مع بداية شهر رمضان كل عام، فالبعض يشن مثل هذا الهجوم لغرض فى نفس يعقوب بسبب تأثير الخلاف السياسى بين السنة والشيعة، والذى تحول إلى خلاف فى بعض أمور الدين وأشكال التدين بسبب المناكفات السياسية، فالشيعة يرفضون أداء صلاة التراويح فى جماعة، لأن الآمر بها هو الصحابى الجليل عمر بن الخطاب، الذى لا يعترف قطاع من الشيعة بصحة خلافته، ومن هنا جاءت محاولات التشويش على صلاة التراويح من باب المناكفة السياسية، لكن بعض من فى نفوسهم مرض حاولوا استغلال الأمر للطعن فى الدين وإثارة الشبهات، التى رد عليها الكثير من علماء المسلمين فى مختلف العصور بأدلة مقنعة.

يثير الشيعة ومن لف لفهم العديد من الشبهات عندما يتعلق الأمر بأحد الصحابة، خصوصا عمر بن الخطاب، الذى يعتقدون أنه السبب فى حرمان الصحابى الجليل على بن أبى طالب من الخلافة، على الرغم من أن عليا كان أحد كبار المستشارين فى مجلس الخليفة عمر بن الخطاب، كما أن الأخير اختاره ضمن الستة الذين عهد إليهم باختيار الخليفة من بينهم، والأهم من كل هذا أنه لم يثبت لا عند السنة ولا عند الشيعة أى قول منقول عن على بن أبى طالب، فيه إساءة أو انتقاص لعمر بن الخطاب، بل إنه فى الأخبار المنقولة عنه كان يبجل ويوقر عمر بن الخطاب، ورغم حقائق التاريخ التى لا يمكن دحضها، فإن بعض من فى نفسه مرض يسعى فى الأرض خرابا، لذا لم يجد تعبيرا عما فى نفسه إلا إنكار صلاة التراويح فى جماعة، كباب خلفى للطعن فى عمر بن الخطاب وغيره من كبار الصحابة، وكان المدخل هو إنكار صلاة التراويح فى جماعة لأنها بزعمهم من بدع عمر بن الخطاب، وقد سار على دربهم القرآنيون الذين ينكرون كل ما يتعلق بالسنة.

وقــــد روت كتـــب الـــسنة أصـــل صـــلاة الــتراويح فى العديد من الأخبار، فقد ذكر البخارى فى صحيحه: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب، أخبرنى عن عروة أن عائشة رضى الله عنها أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى فى المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرجوا لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل «أى النبي » على الناس، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإنه لم يخف على مكانكم ولكنى خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك».

ونقل البخارى «عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه، ويصلى الرجل فيصلى بصلاته الرهط. فقال عمر: إنى أرى لو جمعتُ هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم، فجمعهم على أبى بن كعب، ثم خرجتُ معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال: نعم البدعة هذه، والتى ينامون عنها أفضل من التى يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله». هنا نرى فى الخبرين أن النبى صلى بالناس التراويح عدة أيام جماعة، لكنه مخافة أن تفرض على المسلمين، فهى فى الأصل من فعل النبى كسنة، فلما وجد الخليفة عمر أن المسلمين يصلون جماعات متفرقة فى الجامع، قرر جمعهم على إمام واحد، وذلك بعد انقطاع الوحى وانتفاء الأمر بفرضها بعد انقطاع الوحي، وقد حصل هذا فى عهد كان معظم صحابة رسول الله على قيد الحياة، فكلهم لم ينكر على عمر بل أقروه على فعله، لأنهم فهموا النهى النبوى فى وقته كما فهمه عمر بن الخطاب، فلم يعترض عثمان ولا على ولا سعد بن أبى وقاص ولا الزبير ولا غيرهم من الصحابة، بل إن من تولى إمامة الصلاة هو الصحابى الجليل أبى بن كعب وهو واحد كبار صحابة رسول الله من الأنصار وهو قارئ وفقيه وكاتب للوحي، وهو أحد أعلم الصحابة وأكثرهم فهما للدين فلم يخالف عمر فى فهمه وفى قراره، وهو ما يؤكد أن حدوث حالة الإجماع سببها هو اتفاق فهم الصحابة على أن نهى النبى كان مقصورا على نفسه لا على الوحي، فلما زال السبب عادت السنة لأصلها أى صلاة التراويح فى جماعة كما صلاها النبى أولا.. فالتراويح ثابتة من فعل النبى الذى صلى بالمسلمين ثلاثة أيام ثم قرر صلاتها منفرداً حتى لا تفرض على المسلمين، أى أن سبب عدم صلاتها جماعة لسبب خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أنه صاحب الوحي، وإذ استمر فى صلاة التراويح جماعة كانت فريضة يأثم تاركها، فلما زال السبب وهو خوف الفريضة بعد وفاة النبى وانقطاع الوحي، عادت السنة على يد الصحابى الجليل عمر بن الخطاب، الذى قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «والذى نفسى بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «قد كان فى الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن فى أمتى منهم أحد، فإن عمر بن الخطاب»، ومحدثون هنا بمعنى الملهمين للصواب.

أما القول إن سيدنا عمر بن الخطاب، قد قال إن صلاة التراويح فى جماعة «نعم البدعة هذه»، فلا يفهم منه إلا أنها بدعة حسنة، إذ يقول مفتى الديار المصرية الأسبق الدكتور على جمعة، فى فتوى علمية: « يقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم: (من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). ومفهوم هذا الكلام النبوى البليغ أن من أحدث فيه ما هو منه فهو مقبول؛ تماما كما فعل سيدنا عثمان رضى الله عنه فى الأذان الثانى يوم الجمعة، وما فعله سيدنا عمر رضى الله عنه من جمع الناس على التراويح جماعة عشرين ركعة، فكان ذلك منهما سنة حسنة، وهكذا، وهذا هو فهم الأئمة والمذاهب الفقهية المتبوعة، وهو ما جرى عليه عمل المسلمين سلفا وخلفا من غير نكير معتبر، ولو لم نقل بذلك لضاقت على الناس معايشهم ولأصبح واجبا عليهم ترك كثير من أمور حياتهم ومعيشتهم».

فـانظــــر إلى هـــذا الفهــــم العميـــق للــدين ومصطلحاته التى يتوقف عندها العامة ومن لا يدعى العلم، فالقول بإنكار البدعة مطلقا يعنى إنكار الكثير والكثير من مستجدات الحياة التى لم تكن فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن الإسلام يقبل البدعة طالما كانت محكومة بضوابط الدين نفسه ولا تخالف أصوله، لذا كان فعل عمر بن الخطاب بدعة حسنة أقرتها الأمة من بعده لأنها توافق فعل النبى صلى الله عليه وسلم، فاستخدامه للفظ بدعة هنا جاء على مستوى المعنى أى الأمر المستحدث، وليس البدعة المنهى عنها شرعا.

والتراويح، بحسب دار الإفتاء المصرية، جمع ترويحة، أى ترويحة للنفس، أى استراحة، من الراحة وهى زوال المشقة والتعب، والترويحة فى الأصل اسم للجلسة مطلقة، وسميت الجلسة التى بعد أربع ركعات فى ليالى رمضان بالترويحة للاستراحة، ثم سميت كل أربع ركعات ترويحة مجازًا، وسميت هذه الصلاة بالتراويح؛ لأنهم كانوا يطيلون القيام فيها ويجلسون بعد كل أربع ركعات للاستراحة، وصلاة التراويح: هى قيام شهر رمضان، وتصلى ليلًا فى رمضان بعد صلاة العشاء.
وقد اتفق الفقهاء على سنية صلاة التراويح، وهى عند الحنفية والحنابلة وبعض المالكية سنة مؤكدة، وهى سنة للرجال والنساء، وهى من أعلام الدين الظاهرة؛ فقد نقل النسائى فى سننه، عن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم: «إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، وروى البخارى فى صحيحه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه»، وقال الإمام النووى فى (المجموع شرح المهذب) بناء على الأحاديث النبوية: «فصلاة التراويح سنة بإجماع العلماء»، وسنة نبوية فى أصلها.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 29/3/2023

أقرأ أيضأ : مسجد الحسن بن صالح قبلة أهالي المنيا لصلاة التراويح | صور 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة