يوسف وهبي
يوسف وهبي


كنوز| مقالات يوسف وهبي.. سخافات نقدية أعجبت القراء

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 04 أبريل 2023 - 10:09 م

كتب: إسلام محمد عبد اللطيف

هي الحلقة الأولى من سلسلة مقالات كتبها الأستاذ يوسف وهبي خصيصاً لمجلة “أخر ساعة” ويعالج فيها مسائل لا شك أنها ستنال الكثير من اهتمام القراء.

كنا نخرج الرواية الخالدة غادة الكاميليا وكانت البروفة حامية الوطيس عندما قدم لي زميل الأستاذ عزيز عيد شابا نحيل الجسم كبير الرأس له عينان يشع منهما بريق الذكاء وشارب هتلري صغير (كذا..!) وذقن فيها ملاح من الشاكوش، وقال لي هاك شاباً يدعى محمد التابعي مغرماً بالمسرح ونقده، فتطلعت إليه فأعجبتني رزانته وابتسامته، وعرضت عليه أن يجالسني قليلا مع أن من عادتي النفور من الغرباء أثناء البروفات، وتوطدت بيننا الصداقة منذ هذه الجلسة ونمت وترعرعت على مر السنين، وقد أتهم التابعي أنه كثيراً ما استغل صداقتي وحبي له في كثير من مقالاته الجنونية اللاذعة دون مبرر سوى غريزة طبيعية فيه للمهاجمة والنقرزة وأذية عباد الله، بيد أني ما كنت ألتقي به حتى أنسى شعوري، وأشعر بالرغبة في استئناف صداقتي لهذا العفريت الظريف.

لهذا لا يدهش القارئ اليوم إذا رأني أمد يدي لصديقى القديم مهنئاً ومصافحاً ومتمنياً له النجاح في مجهوده الجديد.

وأرجو ألا يدهش بالأكثر لعنوان هذا المقال الذي أبدأ به الاتصال بجمهوري عن طريق مجلة “آخر ساعة”، فسيجد القارئ فيه بين السطور تسلية كبيرة ونوعا جديداً في النقد لم تطرقه مجلة من قبل. 

اقرأ أيضًا| التوقيت الصيفي في مصر.. صاحب الفكرة وبداية تنفيذها  
نحن معشر الممثلين نقرأ أحيانا لبعض النقاد كلاماً غريباً قد يمر على القارئ وتتطلى عليه الحيل، فيظن أن هذا الناقد قد كتب عن معرفة ونقد بعد فحص وتفكير، فما بالك بنقاد لهم مكانة في النقد (أن كان للنقاد المسرحيين مكانة في مصر)، يكتبون عن رواية قد شاهدوا فيها الفصل الأول فقط، أو قص عليهم زميل لهم ملخصها بعد سهرة متأخرة في قهوة من قهاوي الفن (رحمة الله عليها وسعي مشكور للممثلين والنقاد)!
قال بعضهم كرم الله وجهه في نقد رواية مترجمة عن الإيطالية اسمها (تيار الملذات) أنها من تأليف برنشتين الفرنسي، مع أن اسم المؤلف يصرخ صائحاً في إعلانات الشوارع بالخط العريض قائلاً يا ناس: “شوفوني”!، ثم تدرج الكاتب في النقد فذكر أنها من 4 فصول مع أنها من 5، ولست أدرى إذا كان قد أكتفى بالأربعة فصول، أو أنه أخذته تعسيلة في وسط الرواية! واستغرقت هذه التعسيلة الحلوة فصلاً علا فيه الصراخ والعويل، فلم تؤثر فيه خناجرنا ولا طلقات مسدساتنا (وهي شهرة عالمية مكتسبة لمسرح رمسيس ومسجلة في محاكم الفن!)، والأعجب من ذلك أنه كتب يتمدح السيدة روز اليوسف ويطنب في مقدرتها مع أنها لم تشترك في تمثيل هذه الرواية، ثم تمادى الناقد البارع في الحماسة فوصف منظراً غير موجود و نقد مشهداً غیر موجود وأمتدح شخصا غير موجود أيضا. 
وفي رواية الصحراء كتب ناقد له شيء من الذكاء والفطنة، فقال عنها أنها “جرانجنيول”، مع أن الجرانجنيول كلمة تطلق على روايات الرعب القصيرة العديمة المغزى والموضوع، والألعن من ذلك أن أحدهم كتب عن زكي رستم بصفته يوسف وهبي وعن عزيز عيد بصفته مختار عثمان وعن حسين رياض بصفته بهجت (ملحوظة: المرحوم بهجت ممثل وكان توفى قبل مقالة الناقد بسنة)، ثم أبتدع أحدهم وصفا لمسرح “رمسيس”، فصار يحسب عدد القتلى والجرحي ويرسمني فوق جماجم كضحايا برنامج الموسم الشتوي، وخلع على لقبا استحقه قبلي - والقياس مع الفارق - الفنان شكسبير، والاحصائية الآتية تعطيك فكرة أحقية الكاتب الألمعي بهذا اللقب: 
عطيل.. يموت فيها البطل والبطلة وياجو وكاسير 
مكيث يموت فيها الملك والملكة ومكيث وأثنان آخران 
روميو وجوليت يموت فيها كل أبطال الرواية والاحصاء مستحيل 
يوليوس قيصر.. يموت فيها قيصر وأنطونيوس وقواده كلهم  
هذا عن شكسبير، وينازعه في اللقب مؤلف القرن التاسع عشر فكتوريان ساردو، ثم دوماس الصغير، ثم فكتور هوجو مؤلف “البؤساء”، فيا حضرات النقاد أنا اتنازل عن طيب خاطر عن هذا اللقب، لقب “طحاوي المؤلفين”، إلى من استحق هذا اللقب بجدارة واستحقاق. 
وأعد قراء مجلة “آخر ساعة” بكتابة سلسلة مقالات اتناول فيها نقدي لمقالات نقد طويلة عريضة ظهرت للروايات المشهورة، أمثال “غادة الكاميليا” و”كرسي الإعتراف” و”الصحراء” و”أولاد الفقراء” و”خفايا القاهرة”، وأترك الجمهور يتلمس مواضع النقد في كتاباتي التي تقنعهم بأن النقد المسرحي في مصر بحاجة إلى الإصلاح والتقويم، وأنه يشكو من فئة تطفلت على الفن وأدعت المعرفة والعلم.. وإلى العدد المقبل حيث نتفكه بذكر سخافات نقدية قد يلذ القارئ أن يطلع عليها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة