الخميس، 20 أبريل 2023 - 06:02 م

أنا وأبناء جيلى نحتفظ  فى ذاكرتنا بكثير من تفاصيل عيد الفطر الذى احتفلنا به قبل نحو نصف قرن مضى وتحديدا يوم ٢٦ أكتوبر عام ١٩٧٣ .. فقد كان عيد فطر مختلفا عن كل أعياد الفطر التى سبقته والتى أيضا جاءت به ..

فقد هل علينا هذا العيد بعد نحو عشرين يوما من نجاح قواتنا المسلحة فى عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف المنيع الذى كانت تتباهى به إسرائيل، وتحقيق نصر عزيز عظيم على العدو أدخل الفرحة فى قلوبنا لأننا نجحنا فى استرداد  كرامتنا الوطنية  وبدأنا بعده استرداد أرضنا المحتلة فى سيناء. 

ومنذ الساعات الأولى ليوم العيد بدا أنه مختلف .. فقد أدى الرئيس السادات صلاة العيد فى مسجد الحسين سيد الشهداء  وهو يرتدى البدلةَ العسكرية ..

فالحرب كانت مستمرة بعد أن أقام العدو ثغرة أتاحت له الوصول إلى الضفة الغربية للقناةَ وتهديد مدينة السويس التى حاول اقتحامها وقصفها بمدافعه، وكان يوم عيد الفطر هو اليوم الثالث للعدو فى محاولاته هذه التى أخفقت كلها بفضل المقاومة الشعبية الباسلة ..

ولذلك شهد يوم العيد استمرار تدفق الشباب على مراكز التدريب على السلاح فى كل أنحاء البلاد، والاستعداد لتصفية الثغرة الإسرائيلية التى أحكمت قواتنا المسلحة حصارها من شتى الجهات  وهو ما جعل العدو فيما بعد يقبل باتفاق فك الاشتباك الذى قضى بسحب قواته من الضفة الغربية للقناة خشية تصفيتها، مع بقاء القوات المصرية شرق القناةَ.

كما قرر أيضا وزير الثقافة يوسف السباعى أن تعرض دور السينما فى أنحاء البلاد الأفلام الوطنية فقط خلال أيام عيد الفطر ..

بينما أغلق  وزير الزراعة لنحو أسبوع  حديقة الحيوان التى تعد زيارتها أحد طقوس احتفال المصريين بالعيد. وألغيت إجازة العيد للعاملين فى كل الوزارات الخدمية .. ونظمت وزارة الصحة حملات للتبرع بالدم. 

وهكذا.. كان عيد الفطر منذ نصف قرن مختلفا فعلا لأنه هل علينا بعد أن حققنا نصر أكتوبر العظيم، وأيضاً لأنه. كان يوما من أيام صمود مدينة السويس وصدها  بجسارة عدوان العدو عليها ..

إنه يوم لم ننشغل فيه  كما اعتدنا بكعك العيد ولا بنزهاته وملابسه الجديدة لأطفالنا وأفلامه التى تعرض للمرة الأولى، وإنما كان يوما خاصا ومميزا للفرح والصمود لاستكمال نصرنا وحمايته. 

وكل عيد ونحن ننتصر على ما يواجهنا من تحديات، وهى ليست بالقليلة.