جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

جلال عارف يكتب: الدولة الوطنية أو الفوضى .. هذه هى القضية!

جلال عارف

الجمعة، 21 أبريل 2023 - 06:39 م

جهود التهدئة فى المنطقة تتواصل. وفى المقابل تتواصل الجهود لإشعال الحرائق!! سقطت الرهانات على أن المنطقة قد فقدت الكثير من أهميتها، وعادت المنطقة إلى قلب الصراع الاقليمى والعالمي. والحرب المعلنة فى أوروبا، والحرب غير المعلنة بين القوى الكبرى فى افريقيا وآسيا تضع المنطقة العربية فى قلب صراع القوة والنفوذ فى عالم يعاد تشكيله من جديد.

الحديث عن منافسة شريفة بين القوى الكبرى لا يصدقه أحد. إنه الصراع الشامل مع محاولة تجنب الصدام العسكرى المباشر باحتمالاته النووية. كانت الأنظار تتركز قبل ذلك على منابع البترول. الآن تتسع خارطة الصراع لتشمل المعادن النادرة ومناجم الذهب ومنابع المياه والقواعد العسكرية فى الأماكن الاستراتيجية استعدادا لمرحلة أخرى من الصراع لمد النفوذ والسيطرة على مراكز القرار خاصة فى افريقيا التى تزخر أرضها بالثروات وتعيش معظم شعوبها فى قلب المعاناة المرشحة للأسوأ مع مرحلة تكسير العظام فى صراع أمريكا مع الصين وروسيا الذى تزداد خطورته مع دخول أطراف صغيرة تعيش على لعبة الحروب بالوكالة!!

ما نشاهده اليوم من صراعات فى انحاء الوطن العربى بجناحيه الافريقي والآسيوي، يؤكد أن «الدولة الوطنية هى محور الصراع. كل المتصارعين الكبار والصغار يرون فى الدولة القوية حاجزا يمنع أطماعهم ويفشل مؤامراهتم. الأمر ليس جديدا، يكفى أن نتذكر ما فعلوه فى العراق قبل عشرين عاما بالغزو الأمريكى الذى قالوا إنه سيقدم النموذج الجديد لدول المنطقة.

فماذا فعلوا؟.. هدموا الدولة وضربوا وحدتها وتم حل جيشها، وتركوا العراق رهينة الطائفية والميليشيات التى مازال يجد عشرين سنة- يحاول الخلاص منها. وفى كل أماكنا لصراع بعد ذلك كانت الدولة هى المسهتدفة، وكانت الفوضى والحروب الاهلية هى البديل الذى رأينا ملامحه البشعة تطل عيلنا فى مصر المحروسة مع حكم عصابات الإخوان الذى أسقطه الشعب فى ٣٠ يونيو، واسقط معه مخطط تسليم دول المنطقة العربية لحكم الإرهاب الإخوانى ليكون الوسيلة المثلى لاسقاط الدولة وزرع الفوضى وصراع «الآخرين» على اقتسام النفوذ ورسم خريطة جديدة للعالم الربى تزوان فيها عواصمه بأعلام الدول الاجنبية صاحبة النفوذ، ورايات الميلشيات العملية التى رأيناها، تعربد فى سوريا وليبيا وتحد نشاطها من العراق شمالا حتى الصومال جنوبا.

الصراع الدولى سيزداد فى المنطقة العربية وفى كل افريقيا. والقوى الاقليمية غير العربية ستحاول الاستفادة على حساب اعرب رغم جهود التهنئة. وجماعات الإرهاب والمتاجرة بالدين لن تتأخر فى نشر الفوضى حتى استطاعت. ولا سبيل قوتها وتعزيز وحدتها. والانطلاق من هذه النقطة نحو التعاون العربى المشترك الذى يحفظ الأمن ويحقق مصالح كل الأطراف بمن فيهم هؤلاء الذين تباهوا يوما إنهم اكتشفوا أن العروبة خرافة، وكان حتما أن يدفعوا ثمن اكتشافهم العبقرى!!

السنوات الصعبة التى مررنا بها ومازلنا، تثبت أن إضعاف الدولة الوطنية كانت نتيجته اضعاف العمل العربى المشترك. غياب سوريا وتدمير العراق وليبيا واغراق دول عربية أخرى فى جحيم الحروب الأهلية أو النفوذ أوصل العمل العربى المشترك لازمة تحتاج للمواجهة. لو كنا فقط نجحنا فى إنشاء القوة العربية المشتركة التى اقترحتها مصر لكانت قدرتنا على مواجهة الأزمات الطارئة أقوى بكثير.

ولو كنا أقمنا مجلس الأمن والسلم العربى لحاصرنا نزاعات كثيرة قبل أن تنفجر. لم يعد مجديا الحديث عن ذلك إلا لاستيعاب الدروس. المهم الآن أن يدرك الجميع أن الصراع. فى المنطقة.

وعليها سيشتد، وأن الدولة الوطنية هى العنوان البارز لهذا الصراع كل الأعداء لا يريدون أن يروا دولة عربية قوية ومستقرة، ويرون أن الفوضى والحروب الأهلية والتقسيم والصراع الطائفى والعرقى يمهد الطريق أمام النفوذ الخارجي. الحفاظ على الدولة الوطنية وارادتها المستقلة ووحدة أراضيها هو أساس الصمود فى وجه التحديات، وكذلك استعادة الدولة فى أقطار عربية عانت من غيابها. بعدها سيدرك الجميع أن التعاون العربى لابديل عنه، وأن القوة العربية هى القادرة على فرض الأمن والسلام وبناء الشراكة الحقيقية التى تحمى مصالحنا ومصالح شركاء المصير فى افريقيا التى يريدونها ساحة للحروب الأهلية وصراعات النفوذ الأجنبى على ثروات الشعوب ومصائرهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة