أحمد الإمام
أحمد الإمام


عصير القلم

أحمد الإمام يكتب: الصياد والذئب

أحمد الإمام

الثلاثاء، 25 أبريل 2023 - 03:10 م

..هل يبقى المعروف أم ينساه الجميع مع مرور الأيام ولا يتذكره أحد ؟!
لا تتسرع في الاجابة وتقول إن المعروف لا ينسى ، فالواقع يؤكد عكس ذلك والنماذج لا تعد ولا تحصى لناكري الجميل الذين يعضون اليد التي امتدت اليهم بالخير.

عشرات الجرائم صادفتها في مشواري الصحفي ارتكبها جاحدون بحق أقرب الأقارب الذين كانوا لهم السند والعون ولكنهم قابلوا المعروف بالنكران وردوا على الإحسان بالغدر.

كلماتي هذه ليست دعوة للتوقف عن عمل المعروف والإحسان إلى الناس ولكنها دعوة للتوقف عن حسن الظن بالناس وانتظار رد الجميل وحفظ المعروف فما أسهل النسيان عند البشر على حد سواء .. 

باختصار شديد «إعمل الخير وإرميه في البحر» .. إعمل المعروف واحتسبه عند الله تعالى وانتظر منه البركة في الدنيا ، والأجر والثواب في الآخرة .
ولاتهدر وقتك وتحرق دمك في انتظار وفاء لن يأتي أبدا ولن تحصل عليه من البشر. 

وهناك قصة قصيرة من آخر الدنيا تؤكد نفس المعنى .. القصة من الأدب الروسي بعنوان «الصياد والذئب» للأديب الروسي تولستوي.

طارد الصيادون ذئبًا ، والتقى الذئب أثناء فراره، فلاحًا كان يخرج من مخزنه ومعه فأسه وكيس قماش.
قال الذئب: أيها الرجل، خبئني؛ فالصيادون يطاردونني.

أشفق الفلاح عليه وخبّأه في الكيس الذي حمله على كتفه. 

وبعد انصراف الصيادين، وثب الذئب من الكيس وأراد أن يفترس الفلاح الذي تساءل مندهشًا : لقد أنقذتك وتريد أن تفترسني!
فردّ عليه الذئب: معروف الآخرين سرعان ما ينسى.

فقال الفلاح: اسأل الناس يقولون لك إن المعروف لا ينسى.

وافق الذئب قائلا :  لنمض في طريقنا معًا، وسنطرح السؤال على أول عابر طريق فإذا كان الجواب المعروف لا يُنسى تركتك وشأنك؛ لكن إذا كان الجواب ان المعروف يُنسى بسرعة، التهمتك. 

صادفا فرسًا مُسنّةً لا تكاد ترى طريقها.

سألها الفلاح: قولي لنا هل يُنسى المعروف أم لا ؟

أجابت الفرسُ: لقد عشت اثنتى عشرة سنة عند معلمي، وأعطيته اثنى عشر مهرًا، دون أن أكفّ عن النقل والحرث، وفي العام الماضي، فقدت بصري، فضربت وسحبوني إلى الوادي وقذفوني فيه ، ووجدتُ نفسي فجأة في هذا القاع، ولم أخرج منه إلا بشق الأنفس.

قال الذئب : ألم أخبرك أن معروف الآخرين، سرعان ما يُنسى.
أجاب الفلاح  انتظر ولنسأل مرة أخرى.

وجدا على طريقهم بعد ذلك كلبًا مسنًا يجر نفسه جرًا ويتقدم ببطء قال له الفلاح : هلْ يُنسى المعروف أم لا يُنسى؟

قال الكلب : لقد عشتُ عند معلمي خمسة عشر عامًا، حرستُ فيها البيت، ونبحت في الوقت المناسب، وهجمتُ لأعض المتسللين لكنني كبرتُ، وفقدت أسناني، فطردوني من المزرعة.
قال الذئب: هل صدقتني؟

لكن الفلاح كرّر: انتظر أيضًا اللقاء الثالث وسيكون الأخير.

ولقيا ثعلبا فقال الفلاح له: يا ثعلب، ما رأيك بهذه القضية: هل يُنسى المعروف أم لا ينسى؟

قال الثعلب: ماذا يهمك من ذلك؟ لمَ هذا السؤال؟

فقال الفلاح : الذئب الذي تراه كان هاربًا من الصيادين ، وتوسل إليّ فخبأته في هذا الكيس والآن يريد أن يأكلني .

تساءل الثعلب  : هل يدخل ذئب كبير في هذا الكيس الصغير، قل هذا الكلام لغيري .. هذا غير ممكن.. لن أصدق شيئًا من ذلك ما لم أره بعيني .. أرني كيف دخلت ذلك الكيس!
دخل الذئب الكيس وحينئذ قال الثعلب للفلاح : الآن، اربط الكيس ربطة محكمة.

ربط الفلاح الكيس بحبل ورفع فأسه وحطم رأس الذئب.

ولما كفَّ الذئب عن الحركة التفت إلى الثعلب وضربه الفلاح بالفأس ضربة قاضية مات منها الثعلب. 

قال الفلاح في نفسه : الآن عرفت أن المعروف سرعان ما ينسى!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة