جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

جلال عارف يكتب: أي حرب.. بعد استهداف «الكرملين»؟!

جلال عارف

الجمعة، 05 مايو 2023 - 07:28 م

سواء كان الهدف هو محاولة اغتيال الرئيس الروسي «بوتين» أو كان حتى مجرد التحليق فوق الكرملين، فإننا أمام حادث خطير سيكون له ما بعده فى الحرب الدائرة فى أوكرانيا، وفى الصراع الأوسع بين روسيا والغرب.

إذا صح أن الهدف هو محاولة التخلص من بوتين، فهذا لا يعنى فقط الرد القاسى من جانب موسكو، لكنه أساساً سيكون عودة للغة تم التراجع عنها سريعاً، كان البعض فى الغرب «ومنهم الرئيس الأمريكي» يسايرون حديث القادة الأوكرانيين عن ضرورة هزيمة روسيا والتخلص من بوتين ليكون التفاوض ممكناً مع من يخلفه!.

هذه اللهجة كانت قد تراجعت فى الشهور الماضية، وحلت محلها لهجة أخرى لا تستبعد بوتين من الصورة، وترى أن المطلوب ليس هزيمة روسيا بل انسحاب قواتها من أوكرانيا!!.

موسكو منذ البداية أشارت إلى أن هذا هو هدف غارة المسيرات «الدرونز» وحمّلت أوكرانيا المسئولية.. بينما نفت أوكرانيا وشككت أمريكا. أما الخبراء فرجحوا أن يكون الهجوم قد انطلق من منطقة قريبة من موسكو، وهذا يعنى أنه قد تم تهريب طائرات «الدرونز» المسيرة كأجزاء وتجميعها فى الداخل.. وإذا صح هذا الاحتمال، وصح أيضا إن طائرات «الدرونز» التى تم إسقاطها داخل الكرملين لم تكن إمكانياتها تسمح بإتمام مهمة الاغتيال، فإن ذلك لا يقلل من خطورة ما حدث بل ربما يضاعفها!!.

هذا الاحتمال يعنى أن الاختراق الأمنى والضعف الاستخباراتى عند روسيا أكبر مما كان متصورا!! فتهريب أجزاء الطائرات المسيرة إلى الداخل، ثم تركيبها وإطلاقها من ضواحى موسكو، ووصولها إلى قلب «الكرملين» قبل إسقاطها لا يعنى إلا أن هناك خللاً أمنيًا كبيراً «مكّن» الطرف الآخر فى الحرب من تحقيق هذه الضربة التى تهز الثقة فى قدرة روسيا على حسم المعركة التى يترقب الجميع جولة ساخنة فيها مع هجوم الربيع الذى يستعد الطرفان المتقاتلان له.

الضربة قوية فى كل الأحوال، والرد عليها سيكون قاسياً، وإنكار أوكرانيا للمسئولية عنها أمر طبيعي، لكن ما قاله «زيلينسكي» بأن العملية ملفقة من جانب الروس من أجل التصعيد أمر مستبعد..  فلن تلفق موسكو حادثاً يضرب هيبتها، ولا تحتاج موسكو لسبب من أجل التصعيد، ثم إن الحادث ليس منفرداً. فعلى مدى شهور تتوالى غارات الطائرات المسيرة «الدرونز» من الجانبين، وخلالها تم استهداف الطائرات الأوكرانية لقواعد عسكرية وأهداف استراتيجية قريبة من الحدود، وقبل واقعة «الكرملين» بأيام تم استهداف مخازن سلاح ومستودعات للوقود. 

وفى اليوم التالى للهجوم على الكرملين كانت مصفاة نفط تتعرض لهجوم من المسيرات الأوكرانية.. لكن الهجوم على «الكرملين» نقطة فارقة فى الحرب بكل ما يحمله من رمزية أن مركز الحكم فى روسيا فى متناول «العدو»!! وسواء كان الهدف اغتيال بوتين أو اغتيال هيبة القوة الروسية!!

الانتقام الروسى سيكون قويًا، لكن اللافت هنا أن موسكو تريثت وقالت إنها سترد فى الوقت المناسب، وهو ما يرجح أن الاتصالات المخابراتية بين المتصارعين الكبار من القوى النووية كانت حاضرة ومؤثرة «!!».

رغم ضغط التوقيت على موسكو التى لابد أن ترد قبل 9 مايو موعد احتفالها القومى بالانتصار على «النازية» فى الحرب العالمية الثانية، والتى تعتبر حربها ضد أوكرانيا استمراراً لها.. وأيضًا رغم أن توقيت الهجوم على الكرملين يتزامن مع ترقب الهجوم المضاد الذى تستعد له أوكرانيا، والذى يبدو أنه يواجه صعوبات بشأن إمدادات السلاح، وبسبب نقص الذخائر!!.

هل تكون حرب «الدرونز» أو «المسيرات» هى البديل المؤقت أو الدائم لمعركة الربيع، ولمعارك أخرى فى حرب أوكرانيا بعد الإعلان عن عجز مصانع السلاح عن تعويض استهلاك الذخائر التى تحتاج منها أوكرانيا إلى 250 ألف قذيفة مدفعية شهريًا على سبيل المثال؟!.

أم تكون هجمات «الدرونز» مجرد تمهيد لمعركة بات الجميع يعرف أنها لن تحسم الحرب، ولن تزيد فرص السلام؟!.. الأكيد أن «الدرونز» أو الطائرات المسيرة قدأصبحت سلاحاً أساسياً فى حرب أوكرانيا، وفى كل حرب.

أوكرانيا تستعين بالطائرات التركية، وروسيا- مع إنتاجها من هذه الطائرات- تضيف طائرات إيرانية قليلة التكلفة.

وخبراء العالم يلفتون النظر إلى التطورات الخطيرة فى هذا السلاح مع تطور التكنولوجيا التى تستهدف الآن إنتاج طائرة بحجم عصفور وبقدرة هائلة على التدمير، وأيضًا على الإفلات م «الرادار».. فى كل الأحول سيكون الهجوم على الكرملين فاصلاً فى مسار الحرب فى أوكرانيا، وفى مسار كل الحروب بعد الآن!!.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة