الثلاثاء، 09 مايو 2023 - 08:02 م

سهل جداً أن نتحدث عن الخطر الذى يتهدد أبناءنا فى كل لحظة جراء وسائل التواصل الاجتماعي، والتقنيات الحديثة التى باتت تختطف عقولهم وتسلبهم إرادة العيش الطبيعى والتفاعل المجتمعي، بل تصنع منهم كائناتٍ افتراضيًة فى فضاءٍ لا نعلم من يتحدث إليهم فيه، ولا أية قيم ومبادئ يغرسونها فى نفوسهم، وتشكل شخصياتهم.

كل هذا يدركه أى أب أوأم، لكن عندما تُوضع تلك الحقائق على طاولة البحث العلمي، فإن الكثير من الحقائق التى ننظر إليها من زوايا تجاربنا، تبدو أكثر وضوحاً واكتمالاً، والوعى بها يصير أكثر عمقاً وشمولاً، وهذا ما حدث خلال المؤتمر العلمى الدولى الثامن والعشرين لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، والذى تشرفت بالمشاركة فى بعض جلساته، واستمتعت بحضور العديد من نقاشاته العلمية الثرية.

المؤتمر الذى اتخذ من الإعلام الرقمى وتحدياته محوراً له، سلط الضوء بشدة على المخاطر الحقيقية التى تتهدد أجيالاً من المستخدمين الشباب، الذين سيكونون هدفاً مستباحاً لتقنيات الذكاء الاصطناعى والميتا فيرس، والتحكم فى عقولهم عن بعد، وربما فى مرحلة ما سنكون نحن البشر مفعول به فى عالم تديره الروبوتات!!

دراسات عديدة سلطت الضوء على استخدام التقنيات الحديثة فى سلب إرادة الشباب والتحكم فى سلوكياتهم بطريقة لا تخلو من العنف والغرابة، بل والشذوذ أحياناً، وليس أدل على ذلك من تلك التحديات القاتلة التى انتشرت عبر تطبيقات مثل: «تيك توك» وغيره.

ويرتبط بذلك أيضا التوظيف الشائع لتقنيات الإعلام الرقمى فى حروب الجيل الرابع، وتجنيد الشباب فى تنظيمات الإرهاب والتطرف، التى تبدو أكثر قدرة على استخدام تلك التقنيات من الدول نفسها، وبات التجنيد الإلكترونى إحدى أهم أدواتها للتخريب والإفساد.

والأخطر أن المساءلة الأخلاقية أو المحاسبة القانونية عن أية انتهاكاتٍ أو جرائم لن تكون متاحة بسهولة، فتعقب تلك المنصات ومن يقدمون المحتوى عليها مسألة فى غاية الصعوبة بالنظر إلى إمكانية التخفى والتزييف والتلاعب، فضلا عن أنه من الممكن أن يكون منتج ذلك المحتوى مجرد روبوت ... فماذا نحن فاعلون؟!

مؤتمر كلية الإعلام دق ناقوساً عالياً للخطر، لكن للأسف لا تزال انتفاضة المجتمعات والمؤسسات المعنية دون المستوى المطلوب، وبخاصة مؤسسات التنشئة الاجتماعية، التى تركت عقول أبنائنا أسيرةً فى يد مجهولى الفضاء الأزرق!!