هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

أين يذهب ذهب المصريين؟

هالة العيسوي

الأربعاء، 10 مايو 2023 - 07:19 م

رقم صادم أظهرته بيانات مجلس الذهب العالمي، حين سجلت أن المصريين اشتروا ذهبًا بنهاية الربع الأول فقط من العام الحالى بـ986.6 مليون دولار، أى ما يعادل «30.5 مليار جنيه»، وأن إنفاق المصريين ارتفع 34% مقارنة بنفس الفترة من 2022 التى سجلت 737.1 مليون دولار، وأن مشترياتهم بلغت 16.2 طن!! أى والله.

 بحسبة بسيطة ستجد أن المصريين اشتروا فى ثلاثة أشهر فقط عُشر ما اشتروه طوال اثنين وعشرين عامًا وهى الفترة ما بين السنوات 2000 - 2022 حسب تقدير الدكتور محمد شادى الباحث الاقتصادى فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، الذى قرر أن المصريين اشتروا ذهبًا خلال تلك الفترة بإجمالى 145 طنًا أى ما يربو على احتياطى البنك المركزى من الذهب، لافتا إلى أن البنك المركزى احتياطيه من الذهب 125 طن ذهب فى ذلك الوقت (2022)، وهو أكبر رقم فى تاريخه. 

وبحسبة بسيطة أيضًا استرشادًا بما قاله ناجى فرج باقي، مستشار وزير التموين لشئون صناعة الذهب ستجدهم اشتروا خلال هذه الأشهر الثلاثة ذاتها ما يعادل أقل من نصف ما ابتاعوه خلال العام الماضى كله  2022  بما يقدر بـ40 طن سبائك و مشغولات و جنيه ذهب.

من أين جاءت كل هذه المليارات؟ هل برزت من «تحت البلاطة»، أم أنها من مسحوبات مدخرات المواطنين فى البنوك؟  فى كلتا الحالتين أعتقد أنه أمر ضار باقتصاد البلاد، لأنه يقلص رؤوس أموال الاستثمارات، ويحرم المصارف من مصدر مهم لرؤوس الأموال اللازمة لتدوير عجلة الإنتاج.

صحيح أن كبار الاقتصاديين يقدمون نصيحتهم الذهبية للمستثمرين بتخصيص 10٪ إلى 20٪ من محفظتهم للذهب، باعتبارها  «استراتيجية ناجعة خاصة فى عام 2023، وصحيح أن الذهب يعتبر استثمارًا آمنًا لأن قيمته لا تنهار أبدًا،  مهما تعرض لنوبات صعود وهبوط، لكن هذا التهافت الملحوظ على شراء الذهب فى تلك الفترة القصيرة لابد أن يلفت النظر، مهما ارتفعت مشتريات المصريين خلال السنوات الثلاثة الماضية، ومهما تواكب هذا منطقيًا مع ارتفاع نسبة التضخم، وإذا كان من الطبيعى حدوث طفرة فى سوق الذهب، تزامنًا مع انخفاض أسعار الفوائد بالبنوك المصرية، خلال الفترة السابقة، فما ليس منطقيًا استمرار هذه الطفرة حتى بعد رفع نسبة الفوائد مؤخرًا، كما لابد أن يلفت النظر ارتفاع الطلب على الذهب فى وقت صعود أسعاره، على عكس المألوف من زيادة معدلات الشراء عند هبوط الأسعار. 

إن هذا التهافت يعكس حالة من الذعر تستغلها القنوات الفضائية الخارجية سواء كانت تابعة للإخوان أو غيرهم، فى الإلحاح على تحذير المودعين، وحثهم على اللجوء إلى استبدال النقد المصرى بالذهب أو بأى عملة أخرى خلاف الجنيه المحلى.

ثم أين ذهبت كل هذه الأطنان من سبائك وجنيهات الذهب؟  هل هى مودعة فى البنوك فى خزائن خاصة، أم عادت إلى مستقرها ومستودعها تحت البلاطة؟ .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة