محمد رضا هلال
محمد رضا هلال


الديموقراطية بين .. التمني وعدم الملائمة

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 16 مايو 2023 - 11:13 ص

رئيس قسم المناظرات بكلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس

محمد هلال 
 

وفقاً لدراسة أجرتها شبكة "البارومتر" العربي والتي أستطلعت آراء نحو ٢٢ الف شخص في تسع دول عربية، حيث أعتبر جميع المشاركين أن الاقتصادات تؤدي أداء ضعيفاً في ظل النظام الديموقراطي.
 
لا تعتبر هذه النتائج مشكلة في توجهات الشعوب العربية، فمنذ الربيع العربي ٢٠١١ إنساقت الشعوب العربية ورأء الأوهام التي روجت لها مؤسسات وأجهزة دولية وإقليمية معروفة، وكانت النتيجة إنزلاق بعض هذه الدول إلي وادي الصراعات والإنقسامات والفوضى التي يصعب إلي الأن السيطرة عليها، وبقي البعض الأخر أسير ممارسات يعتقد أصحابها أنها ديموقراطية في حين أنها تمثل إستبداداً وإهداراً وفسادً وإستنزافاً لموارد هذه الشعوب وحقها في العيشة الهنيئة.
 
جرت هذه الدراسة لرصد التحولات الجوهرية في اتجاهات الرأي العام العربي حيال مفهوم الديموقراطية مقارنة بدراسة مناظرة أجريت في ٢٠١٨، وبدأ أن هناك قناعات جديدة أن الديموقراطية ليست هي المصباح التي يمكن من خلالها إصلاح هذه الدول، وهذه بحد ذاتها تمثل نموذج للتغير المجتمعي الحاصل بفعل معطيات الواقع والتجربة الانسانية، فالشعوب بالأخير تحكم على ماتحصل عليه من مردود فعلي لممارسة السياسة، وتدرك أن أي نظام للحكم هو بالأخير وسيلة لتحقيق تطور مفترض والاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني والاقتصادي لهذه المجتمعات.
 
جميع الشواهد تؤكد أن قبول أو رفض الديمقراطية لا علاقة له بالعرب أو غيرهم، فآليات الحكم والسياسية مختلفة كما قلنا آنفاً، بحسب المجتمعات والشعوب، والشعوب واعية بدرجة كافية تتيح فهم المتغيرات من حولها عالمياً، وهذا مايفسر حدوث تحولات في اتجاهات الرأي العام العربي حيال الديمقراطية ابتداء من عام 2018 تحديداً، حيث تشير نتائج الدراسة المسحية المشار إليها في البداية إلى علاقة وثيقة تربطها بانعكاسات مرحلة الفوضى والاضطرابات التي اندلعت عام 2011، حيث لا تزال مظاهر ذلك الماضي القريب وآثاره وعواقبه مستمرة في بعض الدول، بينما لا يزال البعض الآخر من المجتمعات العربية يدفع كلفة ماحدث من خسائر في مجالات وقطاعات تنموية عدة.
 
ختاماً مشكلة بعض الدول العربية لا تكمن في الديمقراطية وصناديق الاقتراع، لآن هذه الآليات التي طالما طالب الكثيرون بها، باتت جزءاً من المشكلة وليس الحل، وهذه ليست دعوة لصرف النظر عن المسارات التشاورية أو دعوة للإستبداد وترويجاً لها كما قد يقفز البعض إلى مثل هذه الإستنتاجات، ولكنني أقصد أن أزمة هذه الدول أعمق من الآليات التي يفترض أن تؤتي حصادها في بيئة مهيأة لذلك، ومن ثم نجد الطائفية البغيضة تعرقل مخرجات صناديق الاقتراع، والمصالح والولاءات العابرة للوطنية تحول دون تشكيل حكومات تعكس رغبة الشعوب وإرادتها، ونجد أن من أحتكم للصندوق لا يقبل بنتائجه! ما يعني أننا أمام حالة إنسداد هي في الحقيقة نتاج ثقافة أحادية لا تؤمن بالديمقراطية سوى حين تحقق مصالحها وأهدافها، وتنقلب عليها حين تتنافر النتائج مع هذه المصالح، لذا فقد قيل أن الديمقراطية تحتاج إلى ديمقراطيين مؤمنين بسيادة أوطانهم ومدركون لقيمة الأوطان وضرورات حمايتها من أي تدخلات خارجية.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة