الخميس، 18 مايو 2023 - 05:17 م

فرق كبير جدا بين أن يشار إليك بالبنان من الجميع ويقولوا عليك «نمبر وان»، وبين من يخرج في «الزيطة» ويقول «أنا نمبر وان».. فالإجماع على شخص شهادة شعبية للتميز لأي فنان، نادرا ما يصل إليها أحد، ورغم إختلاف الأدوار إلا أن تأثير الدور لا يختلف عليه إثنان في معالجة القضايا التي يعاني منها المجتمع، مهما كان الدور ثانوي أو رئيسي في العمل الفني..
فهناك رموز فنيه لكل جيل - وهنا أتحدث عن القوة الناعمة المصرية - في الفن سواء السينما أو المسرح أو التلفزيون، ولكن نادرا ما تجد رمزا فنيا عابر للأجيال، رغم مرور الزمن فهو صاحب مبدأ لا يتجزأ، فيظل فنان محبوب من الجميع فالجد والأب والأبن ..والجدة والأم والبنت، جميعا يشاهدون بلا خجل أعمال فنية رائعة وهادفة، تعبر عن الوجدان الشعبي المصري، وتعطي القيمة الإنسانية لأعمال فنية خالدة، تمثل ضمير الأمة العربية، وليست المصرية فقط..
المقدمة السابقة كان لا بد منها، فالشعب المصري والعربي يحتفل اليوم بعيد ميلاد زعيم الفن المصري عادل إمام، الذي يمثل حالة فنية متميزة، ومدرسة متفردة في الأداء، تابعها السوادالأعظم من العالم العربي من المشرق إلى المغرب، فاليوم لا يمر مرور الكرام على هذه الشخصية الفريدة من نوعها، ولكن يجب أن يقابل هذا التاريخ الفني الكبير حبا بحب، على ما قدمه من أعمال فنية بارزة تعد أيقونات لامعة في تاريخ السينما المصرية والعربية..
فالإحتفال اليوم يكون بعيد ميلاد الفن والإبداع والتميز، منذ أن نطق «بلد بتاعة شهادات بصحيح» حتى اليوم، متربعا على عرش النجومية في السينما والمسرح، على مدار خمس عقود من الزمان، ليسطر تاريخ حافل من الأعمال الفنية التي ترقى للعالمية، لتغزو العالم تحمل معها القيم المصرية، حتى أصبح أيقونة فنية ورمز من رموز الدولة المصرية.. 
عادل إمام، مكينة الفن الرفيع على مدار العقود الماضية، وأيقونة للقوة الناعمة المصرية، التي تحمل الثقافة والرؤية المصرية إلى العالم، بأعمال فنية هادفة، يختارها بدقة لمعالجة مشاكل إجتماعية وسياسية وثقافية، وسأستعير كلمته في الإعلان الذي يذاع على عدة قنوات بصوت الفنان الكبير عادل إمام «بلد بلا فن هى بلد بلا ضمير..»، فعادل إمام هو ضمير الأمة المصرية خلال الأزمات التي واجهتها البلاد خلال العقود الماضية، وأعماله الفنية في مواجهة ظاهرة الإرهاب شاهدة على ذلك، وكذلك محاربته ومواجهته لتجارة المخدرات ومعالجة مشكلة الإدمان، كان لها تأثير كبير في مواجهة الظاهرة، دفعت مجلس الشعب إلى تعديل بعض القوانين، وكذلك معالجة المشاكل الاجتماعية ومشاكل الشباب والبيروقراطية الإدارية، والتعصب الأعمى.. وغيرها من القضايا الاجتماعية التي لا حصر لها، كان الدور الأهم لفنان شامل بحجم عادل إمام في معالجتها، لينال هذه المكانة البارزة في قلوب المصريين والعالم العربي..
تعمق عادل إمام في القضايا والمشاكل المصرية، فإنطلق بها إلى العالمية، فى معالجة درامية تنال احترام وإعجاب الجميع، فهو كان لسان حال الشعب في كل القضايا التي تناولتها أعماله الفنية، وواجه الحكومة بأعمال فنية لاقت القبول منها قبل الشعب، ولم يأتي ذلك من فراغ بل من قوة الإرادة والدراسة المتأنية منه لقبول الأعمال الفنية الهادفة، وكان الرفض الشديد لأي عمل فني لم يحرك بداخله إحساس الفنان مهما كانت المغريات المادية..
ولا يختلف إثنان على كون الأيقونة عادل إمام فنان شامل، ومدرسة متميزة، انتزع الضحكة من قلوب المصريين، كما إنتزع «الآه» من صدورهم، وهذا التميز لم يكن من فراغ، فالدقة والنظام والدراسة والإنضباط وحب العمل كان سبيله للتربع على عرش قلوب مشاهديه، سر نجاحه في كل عمل فني قدمه، من خلال الرؤية بعين ثقابة وقراءة متأنية للبشر، ليخرج لنا تركيبة خاصة تميزت بالتعبير عن نبض المصريين.
فتحية له في يوم عيد ميلاده ، أيقونة الفن والرمز المصري للفن الهادف، الزعيم عادل إمام راسم البهجة والبسمة وروح المرح بين الملايين من المصريين والعرب والعالم.