كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

ذكريات 5 يونيو

كرم جبر

السبت، 03 يونيو 2023 - 07:02 م

أتذكر هذا اليوم جيداً 9 يونيو 1967.

كنا أطفالاً فى المرحلة الابتدائية، عندما اقتحم المدرسة بعض أعضاء الاتحاد الاشتراكى ومنظمة الشباب، وطلبوا منا الانضمام لمظاهرة كبيرة لتأييد الرئيس جمال عبدالناصر، الذى أعلن تنحيه بعد هزيمة حرب يونيو.

كنا نسأل : يعنى إيه " نكسة "، وعلمنا فيما بعد أن الذى اقترح هذه التسمية هو محمد حسنين هيكل، لتكون تخفيفاً لتعبير الهزيمة، وكنا نشاهد الشباب والكبار يتسللون فى الظلام لسماع الراديو ومعرفة الأخبار من " عم حمدان " أشهر مذيع فى راديو إسرائيل، وأيضا ًإذاعة لندن " بى بى سى ".

لم نعش الصدمة فى وقتها، ولم نعرف سوى الشعارات والهتافات التى سبقت الحرب مثل " يابو خالد يا حبيب بكرة هندخل تل أبيب " وغضباً لهباً، لهباً غضباً، يشعل فى إسرائيل حريقة ".

وجلسنا ملتفين حول الراديو لنستمع إلى بيان الرئيس عبد الناصر يوم 10 يونيو، وانفجرت المظاهرات فى الشوارع تحمل صوره وتهتف بحياته بعد أن أعلن عودته للحكم.

كنا نفرح جداً عندما نسمع أخبار معركة رأس العش الخالدة بعد أيام من الهزيمة، عندما حاولت المدرعات الإسرائيلية احتلال بور فؤاد، ولكن كبدتها قوات الصاعقة المصرية خسائر كبيرة وأرغمتها على الانسحاب.

ومدد .. مدد .. مدد .. مدد .. شدى حيلك يا بلد.

ولم تهنأ إسرائيل بانتصارها المفاجئ، وأدركت أن سيناء تحولت تحت أقدام قواتها إلى سجادة من نار، وأن هذا الجيش الذى ظُلم ولم يحارب، وقف على قدميه ولن يستسلم أبداً.

وبدأت العمليات الفدائية الجسورة خلف خطوط العدو، وكانت قوات الصاعقة تعبر القناة ليلاً وتضرب ضربتها الموجعة وتعود استعداداً لعملية جديدة.
وتصاعد القتال بشدة ودخل الجيش المصرى مرحلة جديدة " حرب الاستنزاف "، بهدف تكبيد إسرائيل أكبر قدر من الخسائر، استعداداً للحرب المقدسة، وتطهير سيناء من دنس الاحتلال.

وحاولت إسرائيل ضرب الروح المعنوية للمصريين بالقيام بغارات فى العمق، فى هايكستب وبحر البقر وأسيوط والمنيا وغيرها، وتوقفت العربدة الإسرائيلية فى الأجواء المصرية، بعد بناء حائط الصواريخ وإعادة بناء قوات الطيران والدفاع الجوى.

الجيش لن يهدأ إلا بعد الثأر.

وبعد شهور قليلة " 21 أكتوبر 1967 " دخلت المدمرة إيلات المياه الإقليمية قرب بورسعيد وتصدت لها المدفعية الساحلية، وأسكنتها أعمال البحر، وكانت تمثل أهمية كبيرة للبحرية الإسرائيلية.

ولم يمض يوم واحد بعد النكسة إلا وشهد معارك وبطولات وتضحيات، انتظاراً لليوم العظيم، حتى جاءت ساعة الصفر الساعة 2 ظهر يوم 6 أكتوبر 1973، عندما حمل صوت المذياع أول بيان حول عبور قواتنا الجوية للقناة لتدك مواقع العدو وتحصيناته.

وتمحو إلى الأبد ذكريات الهزيمة، لن نحتفل بـ 5 يونيو، بل بـ 6 أكتوبر.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة