يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن

يا موتانا ذكراكم قوت قلوبنا

يوسف القعيد

الخميس، 15 يونيو 2023 - 06:38 م

العنوان جزء من قصيدة للشاعر صلاح عبد الصبور أعتبره أحد مؤسسى الشعر العربى الحديث. وأتذكره دائماً، عرفته ولم أكن مجرد قارئ لأشعاره الجميلة.

حاصرنى بيت الشعر العذب عندما جرى ما جرى وحاصرنا الموت فى الأسبوع الماضى برحيل عددٍ من الأصدقاء والأحبة كأنهم كانوا على موعدٍ بالرحيل.

جورج إسحاق بحضوره الفريد ودوره الأساسى. والذى كان يعتبر مهمة الإنسان العامة يسبق أهم أدوار أخرى يمكن أن يقوم بها فى حياته. كان له مكانٌ يجلس فيه فى أحد فنادق وسط القاهرة يُطل على النيل. وقد رأيته أكثر من مرة فى هذا المكان هو كما هو له ذلك الحضور المُبهج الجميل.

كان يُحب مصر ليس لأنها وطنه. ولكن لأن هذا الحب كان قدره الذى آمن به وهو ابن المدينة الباسلة بور سعيد، كما كتبت عنه الناقدة السينمائية الفريدة ماجدة موريس فى جريدة الأهالى. كان يعتبر العمل العام أهم ما فى الدنيا. وكان يقوم به بكل حب ومودة.

هذا الأسبوع رحل أيضاً الروائى حمدى أبو جُليِّل الذى يُعد من أبرز وأهم كُتَّاب الرواية فى جيل التسعينيات. وقد رحل صغيراً جداً. كان فى السابعة والخمسين من العُمر. وهو ابن مدينة الفيوم. جاء للدنيا بها سنة 1967، له جذور بدوية. وإن كانت لم تُمثِّل أى تواجد بجوار مصريته الصميمة. ورصده لحياة الناس العادية ولغتهم التى يتكلمون بها.

ومثل كل الموهوبين من أبناء هذا الوطن الجميل نادته القاهرة بأصواتها الغامضة التى لا يملك المصرى إزاءها سوى الاستجابة فهاجر إليها. وعمل فى الهيئة العامة لقصور الثقافة. وتولى رئاسة تحرير مجلة الثقافة الجديدة صورة الثقافة المصرية فى كل ربوع بر مصر. كما عمل أيضاً مديراً لتحرير سلسلة أصوات أدبية لفترة من الوقت.

عندما كنتُ أتكلم معه، أشعر أنه آتٍ من عالم آخر. أَحبَهُ وأَخْلَصَ له. وتصرَّف فى الدنيا كأنه جزءٌ منه. وعندما حصل على جائزة نجيب محفوظ فى الرواية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2008 فرحنا جميعاً. وقلنا أن الجائزة ذهبت لمن يستحقها.

فقد ظهرت فى رواياته ملامح الحياة المصرية التى لا يُجيد التعبير عنها إلا من عاشها. وله مجموعة قصصية هى: أسرار النمل. ومجموعة أخرى عنوانها: أشياء مطوية بعناية فائقة. وله فى الإبداع الروائى: لصوص متقاعدون، وقيام وانهيار الصاد شين. أما آخر رواياته فكانت: يد الحجرية، التى صدرت عن هيئة الكتاب. وكان له اهتمام بالآثار المصرية فأصدر كتاباً مهماً لابد أن يكون جزءاً من مكتبتك هو: القاهرة جوامع وحكايات.

رحم الله من تركونا حتى من لم أعرفهم شخصياً مثل ماجدة صالح، والإعلامية الكبيرة فايزة واصف التى قدمت برنامج: حياتى، على شاشة التليفزيون المصرى لمدة 53 عاماً. وكان هذا يحدث لأول مرة. ولن أقول الأخيرة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة