أميرة عبد العظيم
أميرة عبد العظيم


«مدينة الأحلام» قصة قصيرة بقلم أميرة عبد العظيم

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 26 يونيو 2023 - 03:57 م


 تعشق صديقتى سارة السفر وتهوى التنقل من مكان إلى آخر، عشقها للسفر كعشقها لزقزقة العصافير، عندما تتنقل ما بين الحدائق وعلى سفح الأشجار، بدأت سارة بالاستعداد لرحلتها، تنتابها السعادة خاصة في لحظات الاستعداد، فهي بالنسبة لها بداية مرحلة انتقالية تزرع الأمل في وجود مصدر جديد لإشعال الطاقة والروح الإيجابية والمشاعر الناعمة.

 

فرغت سارة من إعداد حقيبتها بسرعة بالغة، انطلقت بسيارتها، لتقوم برحلتها التي خططت له، استيقظ من النوم على صوت جرس الموبايل، رسالة محملة بالورود على الواتساب، لم تنس سارة صديقتي أن تشاركني سعادتها/ كما اعتادت مع كل رحلة جديدة، أخبرتني سارة في رسالتها أنها بدأت رحلة التأملات في الطريق، لوحات طبيعية رسمها القدر على صفحات الكون، ليعلم الناس معنى الجمال، تتأمل في مخلوقات الله، باختلاف أشكالها وأنواعها، للسفر متعته الخفية، مهما حاولت أن تصفها فلن تجد لها وصفاً دقيقاً يصف هذه الحالة من التميز.

 

استمرت سارة في وصف رحلتها، جذبت خيالي نحو مدينة الأحلام التي طالما تحدثنا عنها، راودتني أفكاري وحاكت بداخلي أمنيات بيضاء، أخذت بي نحو المدينة الفاضلة، لا لغو فيها، ولا تأثيم، هذا ما كنا نتمناه سويا حين تجمعنا جلسة شاي العصاري، في شرفة منزلنا.

طفت  شوارع المدينة، نظيفة، مبانيها ذات طابع عربي أصيل، يكسوها اللون الأبيض، تعزف جميعا سيمفونية واحدة لا نشاذ فيها،  اللون الأخضر هو الغالب - حول البنايات المصفوفة -  في كل خطوة أخطوها نحو الأمنيات، لا يوجد زحام، كل قائدي السيارات على اختلاف مستوياتهم يحترمون الآخر، فلا حاجة لنا لعسكري المرور الذي يقف في لهيب الشمس، صيفا أو تغرقه أمطار الشتاء، لينظم السير للناس دون أن يشعر به أحد.

شباب يصطفون في هدوء شديد خلف صناديق القمامة ليلقون بالأكياس فيها حتى يحافظوا على نظافة المدينة الفاضلة، لمحت عيني من بعيد سيدة ترتدي ملابس سوداء، تسعى بهدوء شديد نحو عدد من الجهات الحكومية القريبة من بعضها البعض، يستابق الموظفون لخدمتها، تفرغ من أوراق المعاش في دقائق قليلة، وتحصل على كارت البنك لتصرف به معاش زوجها من أقرب ماكينة صرف آلي، يوصلها الموظف قائلا: في خدمتك يا افندم.

 أخذتني خطواتي بالقرب من مدرسة ابتدائية، صوت المدرس يكاد لا يسمع وهو يتعامل مع الأطفال برقة شديدة، يعلمهم كأنهم أولاده، ألوان الحوائط زاهية تجذب الأطفال والكبار معا، ملاعب كثيرة مجهزة، حتى يفرغ الأطفال طاقتهم فيها، ومن بعيد يدخل مجموعة من الطلاب إلى المسرح المدرسي، للتدريب على بروفات مسرحية جديدة سيتم عرضها خلال الاحتفال بعيد الأم، مُدرسة شابة تقف على باب المكتبة تدعو الصغار للقراءة وفي يدها بعض الحلوى، يذهب الأطفال ليأخذوا الحلوى فتخبرهم المدرسة أنه من يقرأ صفحة واحدة له نصيب فيها.

غمرني الرضا وتابعت المسير، يدوي صوت جرس الباب، أقوم في عجالة لأرى من يرن الجرس بهذه الطريقة، أفتح الباب، فإذا هي سارة أردت أن تزورني في ختام رحلتها، أعانقها بشدة، تجذبنا أصوات تتعالى من بعيد، يتناثر منها السباب، سيارة صدمت تلميذا قفز من فوق سور المدرسة يجري مسرعا هاربا من أستاذه الذي أوسعه ضربا – لتأخره عن سداد قيمة الدروس الخصوصية - دون أن ينتبه للطريق.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة