عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شئ من الآمل

عبدالقادر شهيب يكتب: خطوة للخلف!

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 29 يونيو 2023 - 10:18 م

أكثر ما يلفت الانتباه فى المتابعات الإعلامية التى تناولت تمرد فاجنر فى روسيا هو ذلك التساؤل المخلوط بالتعجب حول نهاية هذا التمرد المتمثلة فى توقف تقدم  قوات فاجنر الى موسكو وعودتها إلى الأراضي الأوكرانية ولجوء قائدها إلى بيلاروس مقابل وقف الملاحقة القانونية والقضائية ضده.. فإن الرئيس الروسي فى بداية التمرد اعتبر التمرد خيانة وطنية وتوعد الخائنين  بأشد العقاب، لكنه بعد ساعات قليلة فقط تسامح عن الخونة وسمح لمن يقبل منهم الانضمام للقوات المسلحة الروسية بعد إبرام عقود للعمل فيها! 

غير أن هؤلاء الذين يطرحون هذا التساؤل المخلوط بالتعجب يغضون الطرف عن أن ذلك الاتفاق الذى قبله بوتين حمى روسيا كلها من خطر جسيم كان ينتظرها لو قوات فاجنر واصلت تقدمها صوب موسكو ووقع الصدام بينها وقوات الجيش الروسي.. فإذا حدث ذلك لم يكن الأمر يقتصر فقط على خسارة متوقعة للروس فى حربهم فى أوكرانيا، وإنما كان سيهدد  روسيا كلها بحرب داخلية واضطراب أمنى وسياسى واسع، وربما انقسامات لبعض أقاليمها ايضا.. وهاهى روسيا بعد الاتفاق مع فاجنر وقائدها تحبط حتى الآن كل مقدمات الهجوم العسكرى الأوكرانى المضاد، بل وتحرك أسطولها ليصل بالقرب من شواطىء تايوان. 

وهكذا .. انتهاء تمرد فاجنر على هذا النحو الذى حدث قلص الخسارة الروسية بسببه إلى أقل ما يمكن بحيث لم تتجاوز الطائرات الروسية التى أعلن فاجنر إسقاطها وأشاد بوتين بطياريها، بينما يصعب حصر خسائر روسيا لو كانت نهاية التمرد اختلفت وتحولت إلى صدام عسكرى داخل الأراضى الروسية وبين الروس بعضهم البعض .. هنا يمكننا أن نستنتج أن التراجع خطوة للخلف ليس دوما ضارا ، بل أحيانا قد يفيد عندما يحمى من خسائر فادحة منتظرة.. ولذلك يقول المحللون العسكريون والاستراتيجيون إن الحرب كَر وفر.. أى تقدم إلى الأمام وتراجع أحيانا خطوة أو خطوات إلى الخلف.. ولعلنا نتذكر سحب قوات الجيش المصرى من سيناء فى العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦.. فقد حمى هذا الانسحاب قواتنا من حصار كان ينتظرها، وفى النهاية انسحب المعتدون من كل الأراضى المصرية وكانت نهاية بريطانيا القوة العظمى عالميا.. لكن عندما كررناه خطأ  فى ١٩٦٧ كانت الخسائر.. وهذا يعنى أن التراجع يتعين أن يكون مدروسا ومخططا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة