الكاتب والباحث الفرنسى لونارد لامباردى
الكاتب والباحث الفرنسى لونارد لامباردى


الكاتب والباحث الفرنسى لونارد لامباردى : ٣٠ يونيو .. واجهت التنظيم الأكثر خطورة على هذا الكوكب

أخبار الحوادث

السبت، 01 يوليه 2023 - 12:21 م

حوار - مى السيد

 كشف لونارد لامباردى الكاتب والصحفى الفرنسى، ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط عن سيناريوهات مظلمة كانت تنتظر مصر، إذا لم ينجح الشعب فى إزاحة جماعة الإخوان الإرهابية خلال ثورة 30 يونيو.

وفى حواره لأخبار الحوادث بمناسبة مرور 10 سنوات على ثورة 30 يونيو، تحدث الباحث والكاتب الفرنسي المتخصص فى الشرق الأوسط عن وضع جماعة الإخوان المسلمين فى أوروبا والوطن العربى، ورأيه فى الثورة والأسباب التى دفعت المصريين من وجهة نظره لانقاذ وطنهم .. وإلى نص الحوار.

> كيف ترى ثورة 30 يونيو؟

>> مرشح الإخوان فاز بالانتخابات الرئاسية لعام 2012، والتى تحققت بفضل ثورة 25 يناير 2011، وأنا اعتبرها حقبة «الينابيع العربية» التى شهدت تقدمًا فى المنطقة ولكن سرعان ما تحولت إلى شتاء الإسلام السياسي بسبب الاستبداد.

بخصوص انتفاضة الشعب ففى الواقع أنه بعد «التحولات الديمقراطية» فى أعقاب التظاهرات التاريخية وغير المسبوقة لعام 2011، فى مصر وأيضا فى جميع أنحاء العالم العربى، جماعة الإخوان، الأكثر تنظيمًا، واستغلت الشارع وغضب الشباب لتفرض نفسها بلا منازع.

وبين نوفمبر 2011 ويناير 2012، فاز هذا التنظيم فى الانتخابات التشريعية، وبالمناسبة كما حدث فى تونس وليبيا وأماكن أخرى، ومن بين 498 نائبًا منتخبًا حصل «الائتلاف» بزعامة حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان الإرهابية على 235 مقعدًا فيما حصل حزب النور السلفى الذى شكل ظهوره مفاجأة وفاز بـ 121 مقعدًا، بينما تشاركت القوى الليبرالية باقى المقاعد.

فى 30 يونيو 2012، فاز محمد مرسى المعزول فى الانتخابات الرئاسية المصرية بشكل غير مفاجئ، ولكن بعد بضعة أشهر، صدق رئيس الإخوان  على إعلان دستورى يمنحه صلاحيات غير محدودة.

ومنطقيًا اتهمت المعارضة مرسى بعد ذلك باستعادة شكل آخر من الديكتاتورية وباتباع سياسة طائفية وغير فعالة، الأمر الذى أدى فى النهاية إلى تعزيز المظاهرات الجماهيرية المنتظمة التى بدأت بالفعل منذ (نوفمبر) 2012 حتى  (يوليو) 2013.

علاوة على ذلك، أظهر مرسى وحكومته أنهم هواة في السياسة وعدم الكفاءة فى إدارة البلاد على الصعيد الاجتماعى والاقتصادى والأمنى  والدبلوماسى، وشهدت مصر فى الفترة ما بين يونيو 2012 ويوليو 2013 تراجعًا مذهلا، أثار غضب غالبية المصريين، الذين واجهوا أيضا نقصًا خطيرًا ومتعددًا لاسيما فى الوقود.

وهكذا، بلغ الاحتجاج ذروته فى 30 يونيو 2013، فى الذكرى الأولى لانتصار مرسى، حيث خرج أكثر من 10 ملايين متظاهر فى جميع أنحاء مصر إلى الشوارع وطالبوا باستقالته، كانت المعارضة قد أطلقت عريضة بهذا المعنى وجمعت ما يقرب من 22 مليون توقيع.

وبعد ثلاثة أيام من المظاهرات الكبيرة المناهضة للمعزول، رفضت الشرطة والجيش أوامر مرسى بقمع الحشد بعنف، وهنا انضمت المؤسستان اللتان تعتبران الركيزة التاريخية للدولة المصرية، لصفوف الشعب، وهكذا، وبدعم كبير من غالبية الشعب قرر الجيش، الذى يتمتع بشعبية كبيرة فى البلاد، أن ينضم الى صفوف الشعب.

> ماذا لو استمرت الجماعة فى الحكم كيف سيكون شكل مصر والمنطقة من وجهة نظرك؟

>>  أرى أنه بلا شك جماعة الإخوان المسلمين كانت تريد جعل مصر دولة شبه دينية، كإيران جديدة تقريبا ولكن فى النسخة السنية؛ فدعينا نتخيل اليوم مصر والعالم العربى بدون الرئيس السيسي، كنا سنجد هذا التنظيم يقومون بحملات تحت مسمى تطهير المؤسسات، لكنها فى الحقيقة كانت ستعتبر عملية إحلال وتمكين لجماعتهم، كنا سنجد دولة ملالي أخرى. 

وإذا لم يستخدم الجيش والشرطة القوة ضد هذا التنظيم، وهو الأكثر خطورة على هذا الكوكب والذى يعتبر الأب الروحى لأيديولوجيا القاعدة وداعش، كانت مصر أيضا ستعيش وضعًا على النمط الجزائري فى التسعينيات أو مؤخرا فى سوريا، وبالتأكيد مع أزمة هجرة أكثر خطورة مما كانت عليه فى عام 2015 كان يمكن أن يكون نقطة تحول مأساوية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط  بأكملها والشرق الأوسط بأكمله وتخيلوا فقط الكابوس للمنطقة ولأوروبا.

> ما الأسباب التى دفعتك إلى إصدار كتاب خاص عن الرئيس عبد الفتاح السيسى؟

>> الريادة المصرية في التعامل مع المتطرفين هى المنقذ للبلاد بلا شك من هذا التيار المظلم، كما أنه لا يمكننا أن ننكر، حتى لو كان لا يزال هناك العديد من الصعوبات فى إصلاح اقتصاد قديم، وأن المخاطر والتحديات مازالت هائلة، إلا أن التحديثات والتغييرات التى أدخلها الرئيس السيسى على مصر كبيرة، وكذلك معركته الدؤوبة، والتى لم يُسمع بها من قبل فى هذه المنطقة، ضد خطرين كبيرين فى العالم العربى، وهما الإسلام السياسى والفساد .. تؤكد أنه كان على حق في محاربة هذين الخطرين، وهي سابقة تاريخية وإيجابية بشكل عام، لذلك حاولت، من خلال هذا الكتاب أن أشرح، بعيدًا عن الإثارة الإعلامية والتشويه والمرشحات الأيديولوجية القديمة، ما حدث وما يحدث بالفعل فى مصر وفى هذا الجانب من البحر الأبيض المتوسط.

> كيف ترى العلاقات المصرية الفرنسية فى المرحلة الحالية من وجهة نظرك؟

>> يجب أن نتذكر أن مصر السيسى ليست مجرد شريك استراتيجى رئيسى لفرنسا لكنه حليفا رئيسيا فى مواجهة الإرهاب الجهادى وقبل كل شيء الإسلام الراديكالى، دعينا نؤكد هذا لأنهم يحاولون جاهدين أن يجعلونا ننسى عن طريق روسيا وحربها فى أوكرانيا، أنهم التهديد الحقيقى الوحيد لدينا والتحدى الجيوسياسى الكبير لنا نحن الفرنسيين والأوروبيين.

> هل تعتقد أن ثورة 30 يونيو كان لها تأثير مباشر على وضع الإخوان فى جميع أنحاء العالم، وخاصة فى أوروبا؟

>> فى النهاية انتصر محور الوفاق المعادى لاختطاف الثورات والمناهض للإسلاميين والمكون من الرئيس السيسي ومحمد بن سلمان وبن زايد، الذى لعب دورًا رئيسيًا حتى أنه كان قوة دافعة، فى تحالف القاهرة / الرياض / أبو ظبي ضد الإرهاب والتطرف الديني؛فمنذ عام 2013 ووصول الرئيس السيسي إلى السلطة، كان الهدف الأول للدولة المصرية هو القتال بقوة وبشكل ملموس، ضد الإرهاب ، وبعيدا عن القوة الغاشمة أدرك القادة العرب الثلاثة، بوضوح أن المرء يحارب فكرة أو أيديولوجية بفكرة أخرى، وهذا هو السبب فى أن معركتهم ضد الإسلام الراديكالى كانت غير مسبوقة فى المنطقة، متعددة الأوجه ومتعددة الاتجاهات. يمر أولا بتحسين الظروف الاجتماعية ومحاربة الفساد وتحديث الاقتصاد، ثم إصلاحات عميقة فى أنظمتهم التعليمية وتعاليمهم الدينية، فضلا عن رغبة حقيقية لإحداث ثورة فى العقليات كما أوضحت فى كتابي.

أما عن وضع الإخوان عربيا، ففى السنوات الأخيرة كانت مشكلات الإخوان لبعض الوقت فى مجال الأعمال التجارية، فضلا عن القضاء على أراضى داعش، كما أنها تعتبر منظمة إرهابية من قبل العديد من دول المنطقة - مصر والإمارات والسعودية وسوريا والبحرين.

حتى فى الأردن أصدرت محكمة النقض، وهى أعلى سلطة قضائية، حكما بحل جماعة الإخوان المسلمين فى البلاد، على الرغم من حصولها على الأغلبية فى البرلمان الأردنى وفى المغرب عانى الإخوان المغربيون من اهتراء السلطة ثم مروا بسلسلة من الأزمات الداخلية والانتخابات المريرة والهزائم.

أخيرا فى تونس، نجح قيس سعيد والمجتمع المدنى بشكل منهجى فى إزاحة راشد الغنوشى وحزبه الإسلامى من السلطة والبرلمان.

> وهل يعتبر ذلك نهاية للجماعة من وجهة نظرك؟

>> حتى لو كانوا مهمشين وضعفاء للغاية، يجب قبل كل شيء عدم الاستهانة بهم، فهم يستثمرون شبكات التواصل الاجتماعي جيدا لنشر الشائعات والأكاذيب.

> وماذا عن وضعها أوروبيًا؟

>> هم بالتأكيد أكثر خطورة من الإرهابيين لأنهم انتشروا، كما يقول جيل كيبيل، نوعا من «الجهاد الجوى» من العالم العربى إلى أوروبا، ويتمتع الإخوان المسلمون بحرية تامة فى العمل فى أوروبا إلا أن دولة واحدة فقط فى أوروبا، وهى النمسا التى كانت لديها الشجاعة لاتخاذ قرار، بعد هجمات فيينا فى عام 2020، لإدراج هذه الجماعة السياسية والدينية فى قائمة المنظمات الإرهابية.

وفى أماكن أخرى فى فرنسا وبلجيكا وألمانيا على سبيل المثال، فإن الأخوان وجمعياتهم راسخة ويعيشون فى سعادة، حيث لجأ العديد من المديرين التنفيذيين للإخوان من العالم العربى لاستخدام  وضع اللاجئين السياسيين، حيث يستخدم الإخوان ضعف الديمقراطيات الغربية المريضة لكسب النفوذ، خاصة بين السكان المسلمين، ومع الهجرة واستمرارهم فى تطوير نفوذهم مع جمعياتهم الخاصة أو داخل الحركات المجتمعية وخاصة الجامعات الأوروبية والأمريكية، التى اخترقوها على نطاق واسع.

رغم أن بعض «المتخصصين» ما زالوا يقدمون الإخوان إلينا على أنهم «إسلاميون معتدلون» كضحايا أو رهبان بوذيين لطيفين ومضطهدين، فإن الحقيقة هى عكس ذلك تماما.

> لماذا لا تزال هناك حكومات أوروبية تتعامل مع الإخوان المسلمين على الرغم من أيديولوجيتهم المعروفة.. ما الذى تعتقد أنه يحفزهم على القيام بذلك؟

>> فى الإدارة الأمريكية الجديدة والمستشاريات الأوروبية، لا يزال الإخوان المسلمون من خلال لوبى مؤثرين للغاية وللأسف، لا يوجد زعيم أوروبى تقدمى لأسباب تتعلق بالضعف أو العمى أو الأيديولوجية أو الدبلوماسية التجارية أو حتى تضارب المصالح، كما فى فضيحة الفساد الضخمة فى برلمان الاتحاد الأوروبى التى تم الكشف عنها فى الأشهر الأخيرة.

وبالنسبة للعديد من القادة الأوروبيين، يعتبرون جماعة الإخوان المسلمين وجمعياتهم محاورين بارزين، «إسلاميين معتدلين» يمكن للمرء أن يتحدث معهم لضمان السلم الأهلى فى بعض الأحياء الأوروبية وهذا خطأ خطير.

> وكيف تصف العملية الأمنية الأخيرة التى ضربت فيها السلطات الفرنسية محفظة الجماعة التمويلية؟

>> إنها بداية جيدة ولكن لا يزال هناك الكثير للقيام به فى هذا المجال، وكما نعلم فإن تهديد الإرهاب أو العنف الناجم عن النزعة الانفصالية الإسلامية سوف يستمر ما دامت  الأيديولوجية التى تغذيها موجودة لذلك سيكون من المناسب تقليص نفوذ «الإخوان» بسرعة من خلال تجريم وحظر تنظيم الإخوان المسلمين بكل أشكاله ومع كافة الجمعيات التابعة له كما رأينا في عدد من الدول العربية، وهذا من شأنه أن يمنعها من العمل على أراضينا وبالتالى يجعلها غير فعالة من خلال تهميشها وحرمانها من أتباع محتملين جدد وكذلك مستحقات جديدة.

> كيف تصف العلاقة بين الإخوان والولايات المتحدة الأمريكية ، وإلى أى مدى يذهب التعاون بينهما من وجهة نظرك؟

>>  لقد سيطروا دائمًا على حرم الجامعات الأمريكية وكانوا دائما مقربين جدا خاصة من اليسار الأمريكى ومن الحزب الديمقراطى. لنتذكر أنه فى عام 2011 أشاد الرئيس أوباما وإدارته بالانتصارات الانتخابية للإخوان المسلمين فى العالم العربى باعتبارها تقدما فى الديمقراطية بالمنطقة!.. ويجب أن نتذكر أيضا أن دونالد ترامب كان الرئيس الأمريكى الوحيد الذى أراد إدراج هذه المنظمة فى القائمة السوداء الأمريكية للمنظمات الإرهابية.

اقرأ أيضًا : رئيس المركز الأوروبى لمكافحة الإرهاب : 30 يونيو نقطة التحول فى مواجهة الجماعات الإرهابية على المستوى الأقليمى والدولى


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة