صابر سعد
صابر سعد


ومضة

صابر سعد يكتب: مصر ولّادة

صابر سعد

الأربعاء، 12 يوليه 2023 - 12:19 م

«أتعبت من يأتي بعدك».. عبارة طرقت أذاني وآذانكم كثيرا عن مسؤولين كثر أفعالهم تسبق أقوالهم، فمصر كما نقول ويقولون وسيقولون «ولّادة»، فربما يضعنا الحظ أمام مسؤولين نكره اليوم الذي عسعس فيه الصبح لنرى وجوههم، لكن طالما يصالحنا ذاك الحظ بآخرين وجوههم ناضرة نرى الأمل والمستقبل كأنهما يتنفسان من صفحات تاريخهم الذي بدى له علامات في حقول عملهم، يتغنى بجدهم وجهدهم  كل من ساقه الحظ للاقتراب منهم، مصالح البلاد والعباد كأنها أثقال على ظهورهم لا تحلو لهم راحة ولا يروق لهم بال حتى يضعوا لكل ذي حق حقه.   

في العصور المظلمة لأكثر دول العالم ومنهم أوروبا قبل التاربخ وبعده أهالوا فيه التراب على المرأة، لكن في مصر فصفحات التاريخ ناصعة بالمرأة التي أفسحت لها كل المجالات فأصبحت ملكة وأميرة وقائدة ووزيرة وعالمة وداعية وغيرهن الكثيرات، هنا أتوجه بكم إلى صرح من أهم صروح الدولة في وزارة التربية والتعليم التي ساقني حظي العامر للتعامل مع إحدى قادتها النسائية، سألت متى تكون في مكتبها لمقابلتها فكان الجواب منذ مطلع الفجر، ابتسمت بلطف وظننت أنها مزحة من أحد الموظفين، كررت السؤال فكرر الإجابة نفسها مؤكدا أن المديرة تسبق الجميع في العمل «قبل مواعيد العمل الرسمية» وهي عبارة سمعتها لأول مرة.


ظننت أنها ربما تذهب للعمل أيام الامتحانات وخاصة امتحانات الثانوية العامة في الخامسة والنصف صباحا، وهاتفها طوال اليوم لا يغلق أمام الطلاب وأولياء أمورهم والمدرسين والموظفين، حتى سمعت من أحدهم يصفها بـ"المرأة الحديدية"! وآخر يقول إن مدة دوامها اليومي «من الشروق إلى الغروب»، وثالث يقول إنها تعمل في مكتبها حتى أيام الإجازات الرسمية، وعندما يتعجب من يراها على تلك الحال تذكره بأن العمل شفاء من كل العلل، حينها تذكرت عبارة «مصر ولادة» ليس فقط لرجالهم بل لنسائها أيضا. 

عندما تقابلها ستجدها سيدة رقيقة، لكنك عندما تتعامل معها تكتشف أنها تمتلك حسما وقوة قد يفتدهما كثير من الجنس الآخر، حتى أطلق عليها البعض "أقوى من الرجال"، فكثيرة هي التحديات تجابه سماح إبراهيم وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة القليوبية، لكنها تلجأ دوما إلى لغة العقل لحل أي صعاب بكل هدوء، فهي تعلم علم اليقين أن هناك فرقا بين القائد والمدير لكنها تتصرف في كل الأحوال بالصورة الأولى لا كونها مديرة فحسب، فامتلكت فؤاد كل من حولها، فالجميع يَعُدها مع كل هيِّن ليِّن قريب سهل.

على مدار سنوات عدة، تنقلت سماح إبراهيم من مكان إلى آخر وتدرجت في سلم العمل بالتربية والتعليم، حتى وصلت إلى هذا المنصب، وفي كل مرة كانت قلبها منشرحا بالعمل في أي مكان تطأ فيه قدماها، فالعمل في تلك الوزارة شرف لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ كما تذكر دوما.

صحيح أن هناك مسؤولين كثر بالتربية والتعليم أكفاء؛ لكن قلما تجد "دُرَّة نادرة" في العقد الذي يزين تلك الوزارة، يعمل بحب لتلك الدرجة ويتصرف كقائد لا كمدير، ولديه استعداد لبذل كل نقطة عرق حبا للوطن الذي يعيش في صدور كل مَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة