هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

.. وهل لليهود أذان؟

هالة العيسوي

الأربعاء، 12 يوليه 2023 - 08:27 م

جدال ومشاحنات تتصاعد على مواقع التواصل الاجتماعي، حول الأذان، بين المسلمين وبين بعض الكارهين لهم من غيرهم. المرجفون من كارهى الإسلام الذين كرسوا جهودهم للافتراء بجهل، على الرسول صلى الله عليه وسلم، والإساءة إليه وسبّه، يزعمون أن الديانة المحمدية «سرقت الأذان» من اليهود ونسبته لنفسها وطبقته على أتباعها.  يروجون لفيديو مجهول المصدر يقوم فيه أحد المنشدين اليهود بأداء مقطع من أغنية دينية بلحن يشبه نغمة الأذان الإسلامي، يؤدى المنشد اليهودى ترنيمته من مكان مرتفع وهو متوجه ببصره إلى القدس والمسجد الأقصى بما يعطى الإيهام بارتباط روحانى معين.  

 الجدال الدائر فى رأيى لا جدوى منه سوى إشاعة الفتنة، وإذكاء التشاحن والبغضاء بين المتشاتمين من أبناء العقائد المختلفة، مع أنه، حتى لو صح الاتهام الوارد ، فإن الموضوع لا يعدو أن يكون علما لا ينفع والجهل به لا يضر. وبفرض أن المسلمين قلدوا الأذان اليهودى فلا بأس، نظرًا لتأخر الرسالة المحمدية عن رسالة النبى موسى عليه السلام، وللتشابه الكبير بين العقيدتين اليهودية والإسلامية من حيث التوحيد، والكثير من الأوامر والنواهي.  والمناسبات الدينية، مع ذلك فالحقيقة عكس ذلك تمامًا.

بالمناسبة، فإن المقطع المتداول عبارة عن آية مهمة من سفر التثنية تعكس لب عقيدة التوحيد اليهودية، (شماع يسرائيل.. أى اسمع يا إسرائيل الرب الهنا الرب واحد....). ويعتبر اليهود الأرثوذكس أن الـ«شما ع» هى أهم جزء من الصلاة فى اليهودية وتتم تلاوتها مرتين يومياً، و من تقاليد اليهود أن يقولوا شماع يسرائيل على أنها كلماتهم الأخيرة كما يفعل المسلمون عند نطق الشهادتين عندما يقترب الموت من أحدهم، كما أنه واجب على الآباء أن يعلموا أطفالهم أن يقولوها قبل أن يناموا ليلًا.

ولأن الجهل طبع،  لم يفطن المرجفون إلى أنه لا يوجد أذان لدى اليهود، وإلى أنهم يتنادون للصلاة باستخدام البوق (الشفير) للإعلان عن حلول موعدها، من ثم فإن استخدام لفظ «الأذان» مع اليهود خطأ من حيث المبدأ. بل إنهم لو  تعمقوا فى السيرة النبوية حقًا كما يزعمون لعرفوا، أن الرسول صلى الله عليه وسلم تشاور مع الصحابة عن الصيغة المثلى لإعلان المسلمين بحلول موعد الصلاة، وتوصلوا إلى الأذان حتى لا يقلدوا اليهود فى استخدام البوق، أو الأجراس حتى لا يقلدوا المسيحيين.

ولأن الغرض مرض، لم يكلف الجهلاء أنفسهم التيقن من صحة ما يتداولونه من فيديو ، واعتمدوا على عنوان مغرض للفيديو تساءل هل أصل «الأذان» الإسلامى يهودى؟  نتيجة عقد مقاربة بين نغمة الترنيمة اليهودية الواردة فى الفيديو وبين نغمة الأذان الإسلامي. لم يدرك هؤلاء أن هذه الآية التوراتية حظيت بعدة ألحان،  فى عصور متأخرة جدًا تنوعت حسب بيئة الطائفة التى تترنم بها، ما بين لحن اشكنازى وآخر سفارادي، بل ويمنى وعراقي، وأدخلت عليها الآلات الموسيقية الأصلية أو المستعارة من بيئات غير يهودية - فى الصلاة - سواء كجزء من الترانيم أو الغناء، وتأتى إحدى هذه التلاوات بمقام الحجاز الموسيقى الشرقي، لذلك تشبه الأذان الإسلامى كثيراً فى اللحن؛ بالتالى لو كان ثمة اقتباس سيكون فى الاتجاه العكسى أى من الإسلام لليهودية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة