الأربعاء، 12 يوليه 2023 - 08:30 م

الحقيقة أن العقل السياسى الأمريكى، ومن ثم السلوكيات والتصرفات التى تترتب على توجهاته مفعمة بالتناقضات، غير أن استخدام صيغة المفرد هنا، يعود لأن الحديث فى هذا المقال سوف يقتصر على تناقض محدد بعينه

تزامن إعلان الرئيس بايدن عن عزم واشنطن مد أوكرانيا بقنابل عنقودية، مع إعلان آخر عن تدمير بلاده آخر مخزوقات الأسلحة الكيماوية لديها!
كيف يستقيم الأمر ؟ وكيف لعاقل أن يرى منطقاً يحكم صاحب القرارين، لاسيما أن الرئيس الأمريكى دعا الموقعين الآخرين لاتفاقية حظر الاسلحة الكيماوية حذو قراره، بينما المعلوم أن أمريكا كانت آخر من دمرت «الكيماوي» الخاص بها فى حين أن ملاكه فى أنحاء العالم دمروا احتياطاتهم بالفعل ! أليس ذلك تعبيراً فجاً عن تناقض ما كان لبايدن أن يقع فيه؟!

القنابل العنقودية التى قررت امريكا اهداءها لاوكرانيا محظورة من قبل أكثر من ١٢٠ دولة، وثمة أصوات تعبر عن كبار الديمقراطيين - أى حزب بايدن- استنكروا القرار لأنه ببساطة يمثل تنازلاً عن المبادئ الأخلاقية، ويقود حتماً لقتل عشوائى لمدنيين أبرياء ، لكن السيد الرئيس لم يعرهم أى انتباه!
يبلغ التناقض الأمريكى مداه على لسان ساكن البيت الأبيض، حين يفخر بأن قرار «الكيماوي» يقرب البشرية خطوة للأمام نحو عالم خال   من أهوال الأسلحة الكيماوية لكنه يراهن على صمم أوعته ذات البشرية بشأن قرار تزويد اوكرانيا بالقنابل العنقودية

الأدهى  بايدن ينسى أو يتناسى ، ثم يراهن على ضعف بصر جميع الدول، أو تمتعها بذاكرة الأسماك، للتغاضى عن امتلاك أمريكا لأضخم ترسانة لأسلحة الدمار الشامل بتنويعاتها المرعبة التى تتجاوز أراضيها لتنشرها فى قواعدها بأراضى حلفاء الناتو، وفى غواصاتها التى تجوب مياه العالم، ومباهاتها بأجيال جديدة من الصواريخ والطائرات التى تحمل الموت دون أى وازع أو كابح!