مصطفى مختار
مصطفى مختار


«لارا » قصة قصيرة للكاتب مصطفى مختار

صفوت ناصف

الجمعة، 14 يوليه 2023 - 07:35 م

اجتمعت باقة البراعم بإحدى حدائق النادي .. بعضهم يقبض على سلسلة يتدلى منها أنواع متعددة وأحجام مختلفة من الكلاب .. وبعضهم يحملون قططاً بديعة الألوان والأشكال، وآخرون يتغنون بما لديهم من عصافير الكناريا أو يتحاكون عن نوادر ترديد الببغاء لما يدور حوله من أحاديث وأقوال.

كان شادي طفلاً مرهف الحس، شغوفاً جداً بتلك الحيوانات، وكان على صلة وثيقة من الود والمحبة بها جميعاً .. بل كانت الحيوانات تتهافت عليه عند رؤيته، وتتبادل الوثب عليه مع لعق كل محياه.

حاول شادي مرارا إقناع والده باقتناء كلب أو قطة أو عصافير الكناريا .. ولكن الرفض التام كان هو الرد الحاسم .. مما جعل شادي يترقب بكل الشغف لقاء النادي، ليس بغية رؤية الأصدقاء، بقدر سعيه للاستمتاع بصحبتهم من الحيوانات .. بوسى .. هانزي .. نوشا .. جاك .. طارمو .. چوى .. باسكا .. وغيرهم من الأصدقاء ..

لاحظ شادي حين كان يتناول طعامه ذات مرة بتراس منزله .. وجود حمامة بيضاء تحلق بالقرب منه .. حاول شادي اجتذابها، ولكنها أبت الاقتراب .. دق جرس الباب .. تغيب شادي بعض الوقت، ليعود فيجد الحمامة قد سطت على النصيب الأكبر من الطعام.

لذا أصبح التراس هو مكانه المفضل  لتناول الطعام، وأصبح تغيبه لبعض الوقت من طقوس الوجبة.

تكرر الأمر أياماً وأسابيع، حتى صارت الحمامة البيضاء لا تترقب غياب شادي .. بل أصبحت تزاحمه الوجبة .. بل وتداعبه كثيراً بالوقوف على يده تارة وعلى كتفه تارة أخرى.

وأصبح يطعمها ويسقيها بيده .. وقد خصها بأوانٍ مستديمة، تحوي بعض الحبوب والمياه التى لا تبرح التراس على مدار اليوم.

صار لشادي صديق يتحاكى به مع أصدقاء النادي، وصارت الحمامة البيضاء هى بطلة لقاءات الشلة .. وكان اختيار اسم لها هو موضوع الساعة عند لقاء صحبة النادي .. وأخيراً تم تسميتها لارا، تيمنا بأجمل بنات الشلة ذات البشرة البيضاء والعيون الملونة.

عاد شادي إلى المنزل .. توجه مباشرة إلى التراس للاطمئنان على لارا ليزف لها اسمها الجديد.

لم يتم العثور على لارا، والمدهش أن تختفي الأواني.

 عاود شادي وضع الطعام في التراس، وواصل الترقب الساعة بعد الأخرى دون لقاء لارا ودون نظرة وداع.

في اليوم التالي .. وجد شادي أباه يحتسي شوربة حمام، ويقوم بعدها بمصمصة حمامة سمينة تم تغذيتها على أفضل وجه على مدار أسابيع.

لقد التهم الوالد لارا، ولم يمهل شادي للاستمتاع بصحبتها أو مناداتها باسمها.

ظل شادي في حالة حزن واكتئاب شديد، وامتنع عن لقاءات النادي .. وفشلت جميع محاولات الوالدين لاسترضائه، مما اضطرهم إلى الاستعانة بطبيب متخصص .. وكانت أولى تعليماته القطيعة التامة لطيور الحمام، وحظر جلبها أو طهيها  بشكل مطلق.

طالت فترة العلاج .. وساءت حالة شادي .. فما أقسى أن تتهم أباك بقتل صديقتك .. بل والتهام لحمها ومصمصة عظامها .. نصح الطبيب بالاستعانة بكلب أو قطة لجذب اهتمام شادي بصديق بديل عن لارا ..

اقرأ أيضًا| «إلى معذبتي».. قصيدة للشاعر المستشار بهاء المري

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة