النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب


علاء عابد يكتب: «التواضع» الفضيلة الغائبة

أخبار اليوم

الجمعة، 14 يوليه 2023 - 07:39 م

■ بقلم: علاء عابد

في عبارة شهيرة، يقول الكاتب الساخر محمد عفيفي: «أنا لست متواضعًا، فالتواضع هو شيمة الكبار فقط»!

وقديمًا قيل إن صفة التواضع هى أم الفضائل لأنها من صفات الأنبياء والعظماء، ويحفل التاريخ الإنساني بشواهد تعلِّمنا أن الغرور، يعجل بنهاية الشخصيات التى ظهرت فى غفلة من الزمان، وادعت العلم والمعرفة وهم فى حقيقة الأمر يرددون كلمات وعبارات لايفهمونها!

وجاء في سورة آل عمران قوله تعالى: (فَبِمَا رَحمةٍ مِنَ الله لِنْتَ لهم ولو كُنتَ فَظًّا غليظَ القلبِ لَانْفَضُّوا مِن حَوْلِكَ).

لذلك كان إبليس، أول مثال للغرور، وكان الملائكة هم أول نموذج للتواضع والسكينة. فقد رفض الشيطان أمر الله سبحانه وتعالى له بالسجود لآدم، خلافًا للملائكة الذين لم يمنعهم سمو عنصرهم النورانى من الاستجابة لأمر الله.

فالشيطان لم يكن ينكر وجود الله؛ سبحانه، وإنما كانت مشكلته الكبرى تتمثل فى الغُرور، إلى الحدِّ الذى جعل القرآن الكريم يطلق على الشيطان تسمية «الغَرُور»: (وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ).

ويجب التفريق بين الثقة بالنفس والغرور، فالثقة بالنفس تكون بمزيد من العلم وطهارة اليد والبعد عن الكذب والفتنة والنميمة، والحكمة فى التعامل، وهذا شيء إيجابي.

أمّا الغرور، فهو شعور بعض الأشخاص النرجسيين بالعظمة، وتوهّم الكمال، وتغليب مصالحهم الشخصية على مصالح من حولهم وأحيانًا على دولتهم فى تحد ساذج أوله غرور وآخره ندم وشقاء.

وليس الإسلام هو الدين الوحيد الذى دعا إلى التمسك بصفة التواضع، كفضيلة كبرى، ففى الإنجيل، أيضًا، جاء أن «الله يكشف أسراره للمُتواضعين، هؤلاء الذين كلما زادهم الله مجدًا، زادوا هم انسحاقًا قُدّامه».

وكان السيد المسيح، عليه السلام، يأمر أتباعه بالتواضع والوداعة اللَّتَين جسَّدهما فى حياته: «وتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّى وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ».

وفى كتابه «الأخلاق»، يرى الفيلسوف اليونانى الشهير أرسطو أن التواضع فضيلة تتوسط رذيلتين، الأولى هى الإفراط والثانية هى التفريط. وأن الإنسان الحكيم هو الذى يتحلى بالنبل، الذى يتوسط التواضع والغرور، وبالمصداقية المثلى التى تتوسط مدح الذات والانتقاص منها.

ويرى بعض الفلاسفة أن التواضع مرتبط بالمعرفة، فبعد أن ينهل الإنسان من المعرفة أكثر يصبح أكثر تواضعًا بالتالي، إلى أن يصل إلى قول أحد الفلاسفة الذين قضوا حياتهم للعلم والمعرفة فيقول: «أنا لا أعرف من المعرفة إلا اسمها!

وعلى النقيض من ذلك تجد الجهلاء يحاولون إثارة «إعجاب» الآخرين، وإيلاء القيمة المطلقة للأداء الشخصي، فى محاولات فاشلة لنشر الصفات السيئه فيمن حولهم. 

ولا سيما لدى الشباب محاولين التقرب منهم أوكسب ودهم ويدعم ذلك لديهم الرغبة فى الظهور والتفاخر، الأمر الذى قد يؤدى بهم إلى ما لا يُحمد عقباه. 

ففى عصر العولمة الذى نعيشه حاليًا، تبدو أيديولوجيا «النيو ليبرالية» هى عنوان المرحلة، ومن بعض علامات هذه المرحلة الحط من قيمة التواضع، والنفخ فى قيمة الزهو، وادعاء التفوق على الأولين والآخرين!

وحينما تنحصر فضيلة التواضع بين الناس، فلابد أن تظهر فى المجتمعات أخلاق مذمومة، وما يستتبعها من رفض الاعتراف بالحقيقة، وكل تلك المهاوى الأخلاقية التى نراها بأعيننا كل يوم، والتى تهوى بالناس إلى أسفل سافلين، إلا من رحم ربى!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة