هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

سيناريو «جنين» كُتب من قبل!

هالة العيسوي

الأربعاء، 19 يوليه 2023 - 08:01 م

لو كنتَ متابعًا جيدًا لتفاصيل  العدوان الإسرائيلى الأخير على مخيم ومدينة جنين الذى أطلقوا عليه مسمى» منزل وحديقة»،  وطالعت الصور والمرئيات التى بثتها وكالات الأنباء، وكنت، بالصدفة، ممن تابعوا  الموسم الثالث من المسلسل الإسرائيلى «فوضى» الذى عرض قبل عامين تقريبًا على منصة نتفلكس، فلعلك استحضرت، مثلى،  بعض المشاهد  والأفكار والرسائل السياسية التى برزت فى المسلسل.

وربما شعرت وأنت تتابع ما يجرى على الأرض الآن بأنك قد شاهدت هذه الأحداث من قبل، أو أنك قرأت سيناريو ما يحدث قبل حدوثه. وكأنه تنبأ، أو مهّد ذهن المشاهد لاستقبال عملية واسعة كبيرة. 

التشابه الكبير بين صور ما حدث مؤخرًا، والصور التى أوردها المسلسل، كان لافتًا إلى حد بعيد، حتى الظروف المحيطة بالعملية الإسرائيلية ومبرراتها، وردت بالتفصيل فى المسلسل.

استهداف المخيم واعتباره الملاذ الآمن لعناصر المنظمات الفلسطينية التى تقوم بعمليات عسكرية ضد إسرائيل، ومزاعم بوجود «مركز قيادة» تستخدمه مجموعات مُتشددة فى جنين،  وهو ما ظهر بشكل متطابق فى المسلسل، ملاحقة تلك العناصر  والرغبة فى تدمير البنية التحتية لتلك التنظيمات،  وهو ما حدث فى الواقع بالقضاء على «كتيبة جنين»، وهى وحدة تشكلت من فصائل فلسطينية مُختلفة تقض مضاجع الإسرائيليين، ثم التخوف الإسرائيلى من انتقال وتسلل  العنف من قطاع غزة إلى الضفة الغربية والتعبير عن ذلك فى المسلسل باكتشاف وجود عناصر قوات «النخبة» الغزاوية فى الضفة الغربية، غضب تلك التنظيمات من التنسيق الأمنى بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، والرغبة فى الانتقام من ممثل السلطة فى هذا التنسيق والقيام بهجوم أدى فى المسلسل لاغتياله وإصابة نظيره الإسرائيلي، والذى قابله فى الواقع طرد ممثل السلطة من الجنازة الجماعية لشهداء العملية العسكرية الأخيرة فى جنين بهتافات «ارحل.. ارحل»، تصوير الوضع السكانى المكدس  للمخيم وضيق الشوارع والتواءاتها الثعبانية التى تصعب على الاحتلال اقتحام المخيم بريًا، وكان المقابل فى الواقع هو الإعلان عن عدم الرغبة  فى نشر القوات الإسرائيلية لـ»احتلال الأرض» فى جنين وبدلًا من ذلك الاعتماد على الضربات القادمة من السماء، واستخدام الطائرات المسيرة لتجنب خسائر الأرواح فى قوات الاحتلال. 

هكذا يصعب على المرء عدم عقد المقاربة بين ما شهدناه فى الحاضر القريب، وبين أحداث هذا الجزء من المسلسل الذى عرض قبل أعوام، وتناول عملية قوة المستعربين باقتحام جنين بحثًا عن مجموعة من  عناصر المقاومين الفلسطينيين من أعضاء  تنظيمات حماس والجهاد الإسلامي،  والمفترض أنه قدّم أحداثًا وقعت بالفعل، واستخدم أسماء شخصيات كانت معروفة فى الواقع المعيش. 

المسلسل شارك بطله الممثل ليئور راز فى تأليفه مع آفى يساخاروف، وهو صحفى مقربٌ من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بما يفسر كثرة ودقة التفاصيل الأمنية الواردة فيه. بعيدًا عن المبالغة فى أنسنة الاحتلال، وتصوير مثاليات عناصر قوة «المستعربين» الإسرائيليين،  التى تدخل بيوت الفلسطينيين وتتسلل إلى حيواتهم بحيث لو كنت إسرائيليًا أو مؤيدًا لهم لجفت عيناك من الدمع تعاطفًا معهم، واحترامًا لمعاناتهم. أما لو كنت مشاهدًا محايدًا، فلعلك استنبطت الكثير من الحقائق التى تظهر  فى المشاهد وتفضح قسوة  ووحشية الاحتلال.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة