الخميس، 10 أغسطس 2023 - 05:40 م

أمانى سعد صلاح // منطقة وعظ دمياط

نعم إننا كل يوم فى أشد الحاجة إلى الهجرة، ولكن بمفهوم أعمق من مجرد هجرة من مكان لمكان آخر. فنحن فى حاجة إلى هجرة الذنوب والمعاصى وترك كل ما يغضب الله تعالى، نحن فى حاجة إلى هجرة العادات السيئة إلى ما يصلح لنا، فى حاجة إلى هجرة الألفاظ السيئة وترطيب ألسنتنا بما يرضى الله عنا.

نحتاج إلى هجر نشر الشائعات والخوض فى أعراض الناس إلى ترك ما لا يعنى والحرص على عبادة الستر. ولذا قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث «والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهى اللهُ عنْه» أخرجه البخارى، وقال سهل بن عبد الله - رحمه الله - : «الهجرة فرض إلى يوم القيامة من الجهل إلى العلم، ومن النسيان إلى الذكر، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الإصرار إلى التوبة».

فالهجرة لم تنقطع بعد وإنما انتقلنا إلى جهاد أكبر وهو جهاد النفس بأن نروِضها على ما يُرضى ربنا، وهذه هجرة مستمرة، ولذا قال النبى صلى الله عليه وسلم: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، ولَكِنْ جِهادٌ ونِيَّةٌ» أخرجه البخارى فلا نتخذ أهواءنا آلهة نسعى إلى رضاها كما ذم الله تعالى من يفعل ذلك فقال: «أفرأيت مَنِ اتخذ إلهه هواه وَأَضَلَّهُ الله على علم وَخَتَمَ على سمعه وقلبه وَجَعَلَ على بصره غشاوة فَمَن يهديه من بعد الله أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» «سورة الجاثية:٢٣»/ بل إن المسلم الحق عليه أن يرفع شعار: «قل إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى ومحياى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ العالمين» «سورة الأنعام:١٦٢»، فلا يتلفظ إلا بما يرضى ربه ولا يجده الله إلا حيث أمره فيأتمر لأمره وينتهى لنهيه.

وليعلم المسلم أن العبادة فى وقت الفتن والشدائد والمحن تعدل أجر الهجرة إلى النبى صلى الله عليه وسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْعِبَادَةُ فِى الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» صحيح مسلم فإن فعل ذلك نال أجر الهجرة وفاز وأفلح فى الدنيا والآخرة ولم يلحق به خوف ولا حزن؛ لأنه أصبح فى معية من بيده مقاليد السماوات والأرض؛ إذ الله تعالى يقول: «ألا إِنَّ أولياء الله لَا خوف عليهم وَلَا هم يحزنون» «سورة يونس:٦٢» وعلينا أن نعلم علم اليقين أن الله تعالى لا يأمرنا بشيء إلا وفيه الصلاح لنا فى الدنيا والآخرة؛ لأنه سبحانه هو خالقنا ورازقنا ومدبر أحوالنا. فهنيئا لمن كان رضا الله وحبه مقدم على رضا هواه.