د. محمود عطية
د. محمود عطية


شهر زاد .. معالج نفسى

د.محمود عطية

الخميس، 17 أغسطس 2023 - 07:32 م

تُرى هل يسكن بداخلنا جميعا نحن الرجال «شهريار» بنظرته للنساء..؟

الإثنين:

شهرزاد والعلاج النفسى

لا أعرف وقتًا محددًا وقعت فيه عيناى على كنز»ألف ليلة وليلة» وبدأت معه قراءتى النشطة لهذا العمل النفيس..لكن ما أعيه تمامًا أننى تعلقت به انبهارًا حتى ملك علىَّ فؤادى وخيالي.. وباتت أحد واجباتى شبه اليومية البحث فى هذا الكنز الذى لا ينفد.. مرة أبحث فيه على سبيل التسرى وأخذ العبرة ومرات على سبيل التندر بهذا الخيال العبقرى حمّال الأوجه..!

وباب التندر بهذا الخيال العبقرى حمّال الأوجه فتح لى أبوابًا لا يغلق منها باب حتى يفتح آخر وعلى مصراعيه فاغرًا فاه بالعديد من التساؤلات المربكة.. آخر هذه الأبواب كان باب قراءة هذا الكنز من وجهة نفسية ومشاهدة أحوال النساء وموقف ألف ليلة وليلة من النساء.. وسألت نفسى عدة مرات: ترى هل يسكن بداخلنا جميعا نحن الرجال «شهريار» بنظرته للنساء..؟ وهل شهريار مدفون تحت جلدنا جميعا..؟! ويتبدى فى العديد من نظراتنا للنساء وشوقنا الدائم لهن على طول أعمارنا وخشية هروبهن منا.. فنتعلق بهن أمًا ثم أختًا ثم حبيبة فزوجة وابنة.. وأخيرًا ربما حفيدة نهفو إليها وكأنها تشدنا للحياة مرة أخرى.. وكلها صور حضارية للتعلق بالنساء هذبتها الحضارة حتى بتنا لا نبث علاقتنا الحميمة سوى للحبيبة والزوجة كلما أمكن ذلك..!

فى قراءتى للبحث عن المرأة فى هذا الكنز النفيس.. صدمت بداية بظهور المرأة الخائنة التى طعنت زوجها الملك الجبار فى شرفه ودون سبب منطقى معلن سوى تكئة لبدء سرد قصصى يأتى ساحرًا يخلب الألباب.. وبطلة السرد أيضا امرأة.. امرأة تقدمت بكامل إرادتها للموت فداء لبنات جنسها.. صورتان متناقضتان.. ما بين الخائنة الباحثة عن الملذات والمرأة المضحية الباحثة عن حماية بنات جنسها من بطش الرجل صاحب الجبروت الذى قرر الانتقام من كل بنات الجنس البشري.. يستمتع كل ليلة بواحدة بعد الزواج منها ثم يقتلها متلذذًا بساديته المفرطة مع شروق الشمس..! وتظهر شهرزاد على مسرح الأحداث وكان فى استطاعتها أن تحفظ حياتها وحياة كل بنات جنسها بأن صرفت عين الملك المنتقم عن قصته الصغيرة التى سببت له عقدة حياته..!

بدأت معه شهرزاد رحلة العلاج – أن صح التعبير- كمرشد ومعالج نفسى خبير عبر الخيال القصصى الفذ.. والعلاج النفسى هو علاج بدون دواء وفى أبسط تعريفاته هو عملية حوار بين (مريض و معالج)..هذا الحوار نسميه «حوار علاجي»ويتم غالبًا من خلال تبادل الحديث بين الطرفين.. أى حوار لفظى بين المريض والمعالج.. علاج يقوم على استخدام مهارات وفنيات.. من أهمها الكلمة، فالكلمة أسرع وقد تكون أقوى من الدواء، وكما يقولون كلمة تشفى وكلمة تمرض، وكل نوع من العلاج النفسى يهدف إلى تخفيف أو إزالة الأعراض بالطريقة التى يعتقد فى جدواها.. ونجد المعالج بالتحليل النفسى يهدف إلى تعديل الشخصية بصورة جذرية من خلال فهم ديناميات المرض وأسبابه اللاشعورية ثم الحديث المتبادل مع المريض.. ولنا حديث آخر.

السبت:

هل فسد الزمان؟

هل تغير الإنسان وفسد الزمان؟! وهل الزمن الماضى دائما هو الزمن الجميل؟ كما يردد البعض، تذكرت ذلك حين قرأت ما كتبه أحمد بن فارس «329-395» عالم اللغة المعروف وصاحب معجم «مقاييس اللغة» ذات مرة إلى بديع الزمان الهمذانى يشكو إليه فساد الزمان وتغير الإنسان، فرد عليه بديع الزمان: أتزعم أن الزمان قد فسد؟!، أفلا تقول لى متى كان صالحًا؟!، أفى الدولة العباسية، وقد رأينا آخرها وسمعنا أولها؟!، ثم راح يعدد بديع الزمان حوادث الفساد وسفك الدماء والحروب التى اتصلت حلقاتها منذ خلق الله الإنسان، والملائكة تقول: (أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء) البقرة 30، حتى الدولة العباسية مرورًا بالدولة الأموية وما قبلها. الأمر الذى يعنى، من وجهة نظر الهمذانى، «أن الزمان ما فسد، ولكن القياس قد أطرد ولا أظلمت الأيام، إنما امتد الظلام» بمعنى أن الزمان يفسد إذا كان صالحًا، ولم يكن صالحا قط، بل كان فاسدًا منذ البداية وما الفساد الذى يتجدد كل حين سوى استمرار للفساد الأول والقديم الذى اتصلت حلقاتها وتواصلت.

وذلك ما دعا إلى مناظرة جرت ونشرت عام 1933 بين اثنين من أعظم علماء القرن العشرين فى العلوم الطبيعية»البرت أنيشتاين»، والعلوم الإنسانية «سيجموند فرويد» حول سؤال جوهرى «لماذا الحرب؟» ، وكان سؤال أنيشتاين هل التحكم فى التطور العقلى للإنسان أمر ممكن فى سبيل الصمود أمام الاختلالات العقلية للكراهية والدمار؟ ، وقد رأى فرويد أن العدوانية أعظم عقبة وأخطر عائق يقف ضد تقدم البشرية التى يتقرر مصيرها بمدى قدرتها على التغلب على هذه الغريزة التى هى جزء أصيل من الإنسان.

الأربعاء:

طيبة يا مامتى

الاحتفاء بالمرأة وتمجيدها علامة فارقة فى كل حضارات الدنيا..كما أن الانتقاص من قدراتها العقلية علامة فارقة فى كل حضارات الدنيا..وهنا يتجلى التناقض الوجدانى الذى أصاب الحضارات تجاه المرأة..ويتبدى أيضا فى الحب الشديد لها والخوف والرهبة منها.

الخوف من أن تعتلى المناصب التى يحاول الرجل احتكارها لنفسه..فنجده يمجدها كأم صانعة للرجال ويقيم لها الأعياد..ولا يتورع حين يمتدحها فى إلصاق بعض التهم العقلية التى تحط من شأنها كأن يمدحها بأنها رومانسية تحكم عواطفها يعنى تعطى عقلها إجازة.ويستكثر عليها بعض المهن..!

ووسط ضجة أثيرت منذ وقت مضى حول عدم قدرة المرأة اعتلاء منصة القضاء وكانت بالتزامن مع الاحتفاء بعيد الأم..يظهر «الوش التانى» أى مديح المرأة..وقد سمعت بالفعل ما لذ وطاب فى مديح المرأة..مديح يشير إلى احتفاء قادة الفكر بداية من الفلاسفة والكتاب والعلماء حتى رؤساء الدول من شتى أنحاء العالم..!

وقد وصلنى عبر البريد الالكترونى وقتها ما يؤكد أن وراء نجاح المشاهير وما قدموه للإنسانية دليلا عمليا من قدرة المرأة فى مهمتها فى صنع عالم أفضل..وأظن أن المعيار الوحيد لنجاح «المرأة الأم» هو ما تقدمه من أبناء يساهمون فى رقى المجتمع والإنسانية حتى قال يوحنا فم الذهب ( لا تكون المرأة أماً بولادتها للأبناء بل بتربيتها لهم..) !

واسمحوا لى أن انقل مما وصلنى عبر البريد الالكترونى من مقولات من مختلف الدول عن الأم..وما قاله رؤساء وعلماء وكتاب وفلاسفة عن الأم ودورها فى حياتهم..وهذه بعض الأمثال التى حوتها ذاكرة الأمم عبر بلاد العالم فى تمجيد المرأة..( (فى أيام اليُسر ليس لك غير الأب وفى أيام العُسر ليس لك سوى الأم) مثل هندي..(مهما كانت الأم فقيرة فإنها لا تحرم ابنها الثياب الدافئة) مثل روسي..(أهون على الإنسان لو يفقد أبًا غنيًا من أن يفقد أمًا فقيرة)..مثل إيطالى (قميص من قماشة تخيطه الأم يبعث الدفء وقميص من صوف تخيطه امرأة غريبة لا يدفئ) مثل فنلندي..!

(إذا مات أبوك فحضن الأم هو وسادتك وإذا ماتت أمك فستنام على عتبة الدار) مثل مغربي..(يـدُّ الأم حلوة ولو ضربت) مثل ألماني.. (داخل كل أم هنالك ملكة أطلب من جلالتها وهى ستلبى طلباتك) مثل نرويجي..!

أما الشعراء والفلاسفة فقد قالوا الكثير عن الأم ودورها فى حياتهم وما قدمته لهم ودفعتهم نحو التقدم والنبوغ وقد اخترت بعض المقولات منها.. (ليس فى الدنيا وسادةٌ أنعم من حضن الأم..ولا وردة أجمل من ثغرها) شكسبير.. (لم أطمئن قط إلا وأنا فى حجر أمي) سقراط..(لو كان العالم فى كفة وأمى فى كفة لاخترت أمى )جان جاك روسو.. (الأُمُومَة أعظمُ هِبَةٍ خَصَّ الله بها النساء) مارى هوبكنز.. (قلب الأم مدرسة الطفل) (بيتشر)..(لن أسميكِ امرأة سأسميكِ كل شيء) محمود درويش..(من روائع خلق الله قلب الأم) أندريه غريتري..!

(أَحِنُّ إِلَى الكَأْسِ التِى شَرِبَتْ بِهَا وأَهْوَى لِمَثْوَاهَا التُّرَابَ وَمَا ضَمَّا) المتنبي.. (الأمومة أنصع رمز لنجاح المرأة فى دنيا البقاء والوجود) أمين سلامة..(إن لم تكن الأم فلا أمة..إنما بالأمهاتِ الأممُ )خليل مطران.. (أعشقُ عمرى لأنى إذا متُ أخجل من دمع أمي) محمود درويش..

(لَيْسَ يَرْقَى الأَبْنَاءُ فِى أُمَّةٍ مَا لَمْ تَكُنْ قَدْ تَرَقَّـتْ الأُمَّهَـاتُ)جميل الزهاوي..وقال ابراهم لينكولن (إنى مدينٌ بكل ما وصلت إليه، وما أرجو أن أصل إليه من الرفعة..إلى أمى الملاك) .. أما سيجور فقال (إن تربية الطفل يجب أن تبدأ عشرين عاماً قبل ولادته بتربية أمه )..يبدو أنك طيبة يا مامتى بكل اللغات..ولكنك بالطبع لست عبيطة حتى تتركى الدنيا على الغارب للرجل..!

بعض مما قيل: 

جمال المرأة لا يُرى وإنما يكتشف. 

المرأة هى المحرك الخفى للحياة.

عندما يكسر قلب المرأة، يصبح كالحجر بل أشد صلابة


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة