هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

فى مسألة حرق القرآن الكريم

هالة العيسوي

الأربعاء، 23 أغسطس 2023 - 08:51 م

يثير انتشار موجة العداء للإسلام فى السنوات الأخيرة خاصة فى الدول الاسكندنافية (السويد والدنمارك)، العديد من الملاحظات. فى أحداث الشهور الأخيرة لا يمكنك تجاهل عقد المقارنة بين أداء ثلاث دول تدين كلها بالمسيحية، فالسلطات الروسية عاقبت واعتقلت شابًا ملحدًا قام بحرق المصحف الشريف وتدنيسه علنًا فى الشارع وسكب الخمر عليه وتمزيق صفحاته، بينما تسمح السلطات الرسمية فى الدنمارك والسويد، وتعطى الإذن بالتعدى على الإسلام ورسوله سواء بالرسوم المسيئة، أو بحرق القرآن فى الشوارع، تحت دعوى حماية حرية التعبير.  

من المثير للدهشة أن تلك البلاد تعطى حرية الفرد وحرية التعبير قداسة، لا تضفيها على التعاليم والمعتقدات الدينية، فهى تسمح مثلًا بزواج المثليين وتقننه، فى حين أن هذا الفعل الشائن محرم فى كافة الأديان السماوية، ومنها المسيحية التى تدين بها تلك البلاد.

الغريب أن تلك الدول تعاقب من يحاول التصدى للمعتدى على الإسلام بمنعه من حرق المصحف، أو خطفه من يده  غيرة على كتابه المقدس وحماية له من الإهانة، وتعتبر أن هذا المسلم الغيور على كتابه جانيًا، ومعتديًا. حدث هذا فى السويد مع سيدة عراقية حاولت خطف المصحف من أحد المتطرفين قبل أن يقوم بحرقه، فاعتدت عليها الشرطة، وحالت بينها وبين المتطرف، وأخضعتها للتحقيق! 

فى الشهر الماضى، ولإثبات «الحياد» سمحت محكمة سويدية لأحد الشباب المسلمين بالتظاهر احتجاجًا على حرق المصحف، ومن بين الفعاليات التى سمحت بها حرق التوراة.

قامت الدنيا فى إسرائيل من أكبر رأس لأصغرها، وانهالت التنديدات الرسمية على السويد، والاتهام بمعاداة السامية ووجه الحاخام الأكبر لإسرائيل، ديفيد لاو، رسالة عامة إلى رئيس الوزراء السويدى أولاف كريسترتون: «لقد صدمت عندما سمعت عن نية عدد من المواطنين السويديين الذين يخططون للتظاهر أمام السفارة الإسرائيلية فى ستوكهولم، وستتضمن المظاهرة حرق لفافة التوراة».

وأشار: «منذ عدة أشهر قام المتظاهرون فى السويد بإحراق القرآن الكريم أمام مبنى السفارة التركية، وهو أمر صادم بحد ذاته ويجبر الجميع على الاحتجاج والإدانة بشدة، لكن هذا الظلم لا يبرر ارتكاب ظلم آخر، وعمل خسيس واحد لا يبرر القيام بعمل حقير آخر».

من حسن حظ اليهود أن المحتج كان مسلمًا، فقد ظهر الشاب فى مكان الاحتجاج، وامتنع عن حرق الكتاب المقدس وقال أنا مسلم والمسلم لا يحرق الكتب الدينية.

 لا تخلو معارك المعاداة للإسلام من البعد السياسى، فبعد سماح الشرطة السويدية بحرق التوراة ردًا على حرق المصحف، تدفقت التحذيرات من كل أنحاء العالم الغربى من هجمات «إرهابية إسلامية» على أهداف إسرائيلية، أوروبية، وأمريكية بتجاهل تام لكون الاحتجاجات الإسلامية حتى لو حدثت فستكون رد فعل، على عدوان شائن على مقدساتهم، تم التغافل عنه بل وتشجيعه.  

ثورة الغضب فى إسرائيل على نية حرق الإنجيل والتوراة، وقوتها، تشعرك بأن الدولة اليهودية هى الحارس الوحيد الأمين على الكتاب المقدس، لم يفعلها الفاتيكان وهو يؤمن بالتوراة، وخفتت بجوارها للأسف أصوات غضب المسلمين الذين يبلغ عددهم أكثر من مليارى شخص يشكلون ربع سكان العالم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة