هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

تبجح المهزوم

هالة العيسوي

الأربعاء، 04 أكتوبر 2023 - 09:00 م

غدًا يحل اليوبيل الذهبى لنصر أكتوبر العظيم. خمسون عامًا فارقة ومؤثرة فى وعى ووجدان المنتصر والمهزوم على حد سواء. نشأت خلالها أجيال ذاقت حلاوة النصر ونهلت من رحيقه؛ تأكدت به ثقتها فى ذاتها، وثبت إيمانها فى قدراتها على إنجاز ما تصوره الآخرون مستحيلًا. 

وعلى الطرف الآخر المهزوم، نشأت أجيال مهزوزة استيقظت على حقيقة الوهم الذى أغرقها فيه الساسة والحكام، اكتشفت حجم الكذبة التى عاشوا فيها منذ حرب الأيام الستة. على صخرة هزيمتهم فى حرب يوم الغفران تحطمت  غطرسة القوة وتبخرت نشوتها؛ هزيمة تركت ندوبًا عميقة لم تبرأ حتى الآن.
يدهشك تبجح المهزوم، فى إنكار الحقيقة الساطعة عن نجاح خطة الخداع الاستراتيجى التى وضعها الزعيم الراحل أنور السادات الذى تحل ذكراه الثانية والأربعون فى نفس يوم نصره.

وتزداد الدهشة حين تلاحظ المحاولات المستميتة لتزييف وعى الأجيال الجديدة، لتقلب الهزيمة فى وجدانهم إلى نصر مبين، وتشوه النصر المصرى المؤزر باختلاق الأكاذيب.

هزيمتهم تشهد عليها لجنة التحقيق التى تشكلت قبل مرور شهرين على اندلاع الحرب، لتدرس التقصير الذى حدث فى الأيام الأولى للحرب، فهل يحقق المنتصر فى تقصير؟ وتشهد عليها نتائج اللجنة التى أطاحت بطابور من المسؤولين السياسيين والقادة العسكريين. 

هزيمتهم تشهد عليها خسائرهم التى بلغت خلال 3 أسابيع أكثر من 2500 قتيل إسرائيلى وجرح أكثر من 3000 وأسر ما يقرب من 300 وهى خسارة لو تعلمون عظيمة مقارنة بعدد السكان.

هزيمتهم تشهد عليها محاولة رئيسة وزرائهم الحديدية فى تلك الأثناء جولدا مئير الانتحار  بسم السيانيد بعد ثلاثة أيام فقط من قيام الحرب؛ للتخلص من حياتها ومن مسؤوليتها عن الارتباك الذى أحدثته المفاجأة المصرية فى صفوف القيادة، بالرغم من وصول المعلومات المؤكدة بالموعد التقريبى لشن الهجومين المصرى والسوري، ولإحساسها بالفشل لرفضها الاقتراح بالقيام بضربة استباقية على الجبهتين المتوقعتين. 

هزيمتهم تشهد عليها كل جلسات ومبادرات العلاج النفسى التى تم إعدادها للمقاتلين، والمستمرة حتى الآن لإزالة آثار ما بعد الصدمة، وتشهد عليها سطور خطاباتهم ومذكراتهم التى تصف أهوال الحرب التى عاشوها.

مهما حاولت الطبقة الحاكمة فى إسرائيل، أو أجهزة الدولة الصهيونية العميقة فى محو آثار هزيمتهم فى 1973، فلن تنجح فى الردم على الحقائق أو فى تزييفها. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة