مناورة الموت الأخير
مناورة الموت الأخير


اللواء أحمد كمال المنصورى:| «مناورة الموت الأخير» سبب لقب الطيار المجنون

عمرو جلال

الخميس، 05 أكتوبر 2023 - 08:31 م

هو أحد أساطير حرب أكتوبر الشجعان الحية فى بلادنا.. فى العشرينيات من عمره كان يتمتع بشجاعة وجرأة لا مثيل لها حتى وصفته إسرائيل بـ “الطيار المجنون” وفى السبعين من عمره التقيناه ولا تزال بداخله تلك الروح الشجاعة التى قاتل بها قبل ٥٠ عاما فى حرب الكرامة.. هو اللواء طيار أحمد كمال المنصورى أحد أبطال حرب أكتوبر العظام.. قام بتنفيذ العديد من المهام الخطيرة والمستحيلة خلال الحرب، ما جعله يحظى بتقدير واحترام كبيرين ونجح مع زملائه فى إبهار العالم وإصابة العدو بالجنون لما قدموه من شجاعة وتفوق.. الأخبار كان لها هذا الحوار الذى حدثنا فى عن شجاعته وبطولاته فى الحرب.

50 عامًا مرت على حرب أكتوبر المجيدة.. ما أهم اللحظات التى تعتز بها بعد كل تلك السنوات؟

أعتز بأنى شاركت فى أطول معركة جوية استمرت 13 دقيقة، حيث اشتبكت أنا وطائرة زميل لى مع سرب بطائراتنا “العتيقة” حيث كانت قوة الطائرتين 4 صواريخ و200 طلقة، ونحن نقود الطائرة ونشتبك ضد 6 طائرات فانتوم بقوة 48 صاروخا و30 ألف طلقة بخلاف أن الطائرة بها قائد وقناص وتمكنت من ضرب وإسقاط قائد ذلك السرب فى أول 30 ثانية من الاشتباك، وتمكن زميلى من إسقاط أخرى قبل أن تشتعل طائراته إثر إصابته وبعدها اصطدم الشهيد بطائرته فى طائرة إسرائيلى وانفجرا واضطررت للهبوط قبل أن ينفذ وقود طائرتى بمدق عرضه ٨ أمتار وطوله 100 متر بسرعة 400 ك/س، وكدت أصطدم حينها بعربة نقل كانت تسير عكسى وحينما وقفت الطائرة نزلت منها ساجدا.

لماذا أطلق الإسرائيليون عليك  لقب “الطيارالمجنون” وقاتل الأشباح؟

كل طيار له طريقة مميزة فى طيرانه، عندما كنت أحلق بطائرتى، كان لى عبارة شهيرة يطلقها على زملائى take care elmansory on the“ air”، وخلال إحدى المناورات مع طائرة للعدو قمت بمناورة الموت الأخير وهى حركة بهلوانية خطيرة وممنوعة فى تقاليد الطيران، وهو ما جعل الطيار الإسرائيلى الذى كان ضدى فى هذه المناورة يصفنى بـ«الطيار المجنون» وسجلت شهادته فى فيلم وثائقى.. خلال تلك المناورة المستحيلة ناديت: «إيدك معايا يارب» وفعلا ربنا كان معايا، أما لقب قاتل الأشباح فهو لإسقاطى العديد من طائرات الفانتوم الأمريكية وكانوا يلقبونها بالشبح لسرعتها وظهوره المفاجئ.

ألم تخش الموت أو الهزيمة؟

لم أكن أخشى الموت، ولكن طلبت من الله أن أنتظر الى آخر عمرى لأنى أريد أن أحقق الذى من أجله أصبحت طيارا مقاتلا، أدافع عن بلدى وأرضى وشرفى وعرضى ويقول سبحانه فى سورة النساء “من يقاتل فى سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما”...قلت له يارب بلاش الحته الأولى بتاعت يقتل أنا عايز يغلب وينتصر.. قلت له يارب أنا عايز استنى لغاية الآخر عشان أخلص على العدو بتاعنا وأشوفهم واحنا بننتصر عليهم وبنحرر أرضنا. وربنا سبحانه وتعالى أطال فى عمرى خمسين عاما حتى أرى روعة هذا النصر. 

ما سر شجاعتك وقدرتك على مواجهة المخاطر التى واجهتها فى مهامك القتالية؟

السر هو إيمانى بالله سبحانه وتعالى وهناك 3 أشياء يجب أن تكون موجودة: الإيمان والتضحية والمجد، والإيمان نوع من الإخلاص والإخلاص أنك تحقق هدفك وعشان تحقق هدفك يجب أن تضحى والتضحية تؤدى بك للمجد والانتصار وده اللى دفعنى للانتصار.

ماذا عن دورك فى حرب أكتوبر؟ 

كان لى شرف الاشتراك فى أول طلعة جوية، حيث كانت المهمة الرئيسية

هى ضرب المطارات والقواعد الإسرائيلية حتى نمنع العدو الإسرائيلى من التوغل الى  الأراضى المصرية، ويوم 7 أكتوبر اشتركت فى صد الضربة الجوية الإسرائيلية التى تمت يوم 7 أكتوبر 7 صباحًا، حيث فشل الطيران الإسرائيلى فى تحطيم أى طائرة مصرية بفضل الدشم التى انشأها قائد القوات حينذاك حسنى مبارك، هذا بالإضافة إلى أننى أديت 52 طلعة عمليات بدءاً من 6 أكتوبر وحتى يوم 24 اكتوبر التى شهدت آخر معركة جوية.

ما أشجع البطولات التى شاهدتها فى حرب أكتوبر؟

الشهيد سليمان ضيف الله كان دفعتى وحبيبى وأخويا واشترك معى فى القتال ومواجهة الطائرات الإسرائيلية وأصيبت طائرة سليمان واشتعلت فيها النيران وهذه الإصابة تتعارض مع استمرار القتال والمعروف أن الطائرة تنفجر خلال 30 ثانية، أبلغته أن طائرته مشتعلة فقال لى إن هناك طائرة اسرائيلية لابد من تفجيرها قلت له أن يقفز لأن طائرته ستنفجر فحلف يمينا غليظا قبل الموت وقال “ودينى مانا سايبه” وضرب سليمان فعلا الطائرة الإسرائيلية ودمرها وقفز ولكن ضربته طائرة اسرائيلية فسقط شهيداً وهذا مثال عظيم للشجاعة.

هل تتمنى تحويل بطولاتك إلى عمل سينمائى؟

أنا الحمدالله وبكل تواضع عامل أحسن من مائة عمل سينمائى يكفى أنه بعد خمسين سنة لا يزال الناس يذكروننى ويفتخرون بى، أنا ربنا كرمنى ودلعنى وقصتى معروفة فى العالم كله.. ودائما بقول جملة ما أحسن عوض وتكريم من الله “لما تيجى الست أم ربيع بتاعت الفجل والجرجير آخد حاجة منها وترفض تاخد منى فلوس وتقولى أنت بطل مصر فى حرب أكتوبر ده أكبر تقدير وتكريم من القلب بإحسان وبدون مقابل”.

ما ذكرياتك مع السادات ومبارك؟

عندما كنا طائرتين ضد 6 طائرات تم نشر خبر مكتوب فى الجرائد عنوانه «نياشين من السادات للطيارين الأبطال» وعندما طلب السادات مقابلة الطيارين فقال السادات هما دول الطيارين “اختصرتوهم” فى شخص واحد فكان مكتوبا فى الجرائد طيارين أبطال، وذكرياتى مع حسنى مبارك رحمه االله أنه هو الذى قام بتدريبنا وهو الذى أعد القوات الجوية وهو الذى قادنا وقاد الضربة الجوية وكان يعرفنا بالواحد واحنا كنا مائة طيار فقط وليا الشرف أنى كنت واحدا منهم. 

كيف ترى تطور القوات الجوية المصرية اليوم وهل تعتقد أنها على مستوى التحديات التى تواجهها فى المنطقة؟

القوات الجوية المصرية والجيش المصرى عموما يعتبر تاسع جيش على مستوى العالم، إحنا أحسن وأقوى جيش موجود فى الشرق الأوسط وبالتالى القوات الجوية المصرية على أعلى مستوى من التكنولوجيا، أحدث طائرات فى العالم ومتنوعة، طائرات من روسيا وفرنسا وإنجلترا والصين لدينا تنوع فى مصادر السلاح عشان محدش يتحكم فى قرار مصر، وعندنا طيارون مصريون على أعلى مستوى فى كامل الاستعداد لمنع أى حد يقرب من مصر.

ما رسالتك للشباب اليوم فى اليوبيل الذهبى لحرب أكتوبر؟

يجب أن نستعد للحرب القادمة لأنه لن يكون أساسها الطيارة والصاروخ بل تعتمد على تغيير وعى وولاء المواطنين لتدمر نفسك بنفسك وهو يتحكم بالأمر عن بعد دون أن تراه…واحنا محتاجين نشتغل ونطور من نفسنا ونحتاج أن نغرس قيمة الشجاعة لأنها قيمة ربنا غرزها فى قلوب المؤمنين ولولا الشجاعة ما كنا انتصرنا ولولا الله أكبر بشجاعة ما كنا عبرنا وأصبحنا فى هذا الوضع الجميل المحترم وأقل حاجة ممكن تقدمها لبلدك مصر هى حياتك والحفاظ على وعيك.
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة