وثائق أمر يكية تكشف نجاح خطة الخداع الاستراتيجى
وثائق أمر يكية تكشف نجاح خطة الخداع الاستراتيجى


وثائق أمر يكية تكشف نجاح خطة الخداع الاستراتيجى

كيسنجر اتصل بوز ير الخارجية المصرى يطلب منه «ضبط النفس» مع انطلاق الضر بات الجوية فى الثانية ظهراً

إبراهيم مصطفى

الخميس، 05 أكتوبر 2023 - 08:48 م

تل أبيب طلبت دعمًا عسكر يًا مباشرًا بعد يوم واحد من الحرب وإسرائيل خسرت 49 طائرة و500 دبابة حتى صباح التاسع من أكتوبر

رغم مرور نصف قرن على نصر أكتوبر العظيم، وخروج العديد من الوثائق السرية الأمريكية إلى النور، إلا أن العديد من الوثائق الجديدة تم الإفراج عنها مؤخراً والتى تكشف عن مدى تفوق مصر وسوريا، ونجاح خطة الخداع الاستراتيجى التى قامت بها الدولة المصرية بالكامل بالتعاون مع الجانب السورى .. حيث كانت كل عناصر الدولة من القوات المسلحة ووزارة الخارجية وجهاز المخابرات وغيرها تعمل جنباً إلى جنب لإنجاح خطة الخداع الاستراتيجى التى أشرف على تنفيذها الرئيس الراحل أنور السادات .. ونسرد فى السطور التالية عدة وثائق أمريكية تكشف التفوق المصرى وتعجب الولايات المتحدة من قدرة القوات المصرية والسورية فى الهجوم المتزامن دون أن يتم رصده بواسطة أفضل عناصر الاستخبارات - من وجهة نظرهم - فى ذلك التوقيت ، بالإضافة إلى تحقيق التفوق العسكرى وتكبيد إسرائيل الخسائر الكبيرة فى المعدات والأفراد. 
وتكشف وثائق الأرشيف الأمريكى تفاصيل عن لحظات الفشل الهزيمة والخوف الذى لحق بإسرائيل فى حرب السادس من أكتوبر 1973، بعد خطة الخداع الاستراتيجى الناجحة التى اتبعتها مصر وسوريا، لتحقق أكبر انتصار عسكرى عربى على تل أبيب. 
فى أوائل مايو 1973 أعد مجلس الأمن القومى الأمريكى مذكرة تضمنت مؤشرات على تحركات عسكرية فى مصر، حيث رصدت المخابرات الأمريكية حركة صواريخ أرض جو وقاذفات للقنابل وتأهب عال للقوات الجوية، ومع ذلك كان استنتاج الخبراء الذين أعدوا المذكرة هو استبعاد أن تقوم مصر بعمل عسكري. كما توقع تقرير أعده روجر ميريك، المحلل بوزارة الخارجية الأمريكية فى نهاية مايو أن احتمالات نشوب صراع بين مصر وإسرائيل فى غضون الستة أشهر المقبلة لا تتعدى 0.5% . 
قبل ساعات على الحرب كانت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية غير مدركة أن الحرب أقرب من أى وقت مضى، فبحسب تقرير مجلس الأمن القومى الأمريكى فإن تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كان أن ما يظنونه تفوقاً عسكرياً إسرائيلياً من شأنه تقليل نشوب صراع قبل عام 1975، رغم تلقيهم تحذيرات من أطراف عدة بأن مصر وسوريا لديهما نوايا لهجوم قريب، ما أثار قلق تل أبيب لكن استبعد المسئولون وقوع حرب كبرى.
وفق الشهادة الأمريكية فى وثائق مجلس الأمن القومي، فإن خطة الخداع المصرية لم تنجح فقط فى صرف الأنظار الأمريكية والإسرائيلية، إنما أيضاً الاتحاد السوفيتى الذى كان حليفاً للقاهرة ودمشق. وتشير وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية فى مطلع أكتوبر إلى أن السوفييت رصدوا فى الأسابيع التى سبقت أن الوضع فى طريقه للتصعيد، لكنهم لم يستطيعوا معرفة موعد الحرب حتى صبيحة السادس من أكتوبر.
وفى 5 أكتوبر، كان تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن هناك “احتمال ضعيف” للحرب، ما دفع رئيسة الوزراء جولدا مائير لنقل رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر عبر نائبه برنت سكوكروفت، وتظهر وثيقة رفع أمريكية رفع عنها السرية فى وقت سابق أن جولدا مائير ذكرت وجود مؤشرات على تحركات وإعادة تمركز فى الخطوط الأمامية للجبهتين المصرية والسورية، لكن تقدير تل أبيب يبدو أنه كان يستبعد سيناريو الحرب، حيث قالت جولدا مائير إن ما رصدوه يمكن تفسيره بأن مصر وسوريا تتوقعان هجوم عسكرى من جانب إسرائيل، وطلبت من كيسنجر أن ينقل إلى “العرب” والسوفييت أن تل أبيب ليس لديها نوايا قتالية، أما السيناريو الثانى فى تقدير إسرائيل فكان شن سوريا ومصر - أو أى منهما – عملية عسكرية، فى مؤشر على استبعاد شن حرب شاملة كانت على الأبواب.
لكن كيسنجر لم يتسلم رسالة مائير حتى صباح اليوم التالي، وأمام تصاعد الوضع قام مساعدوه بإيقاظه فى السادسة صباحاً من صباح السادس من أكتوبر، كما قدم السفير الأمريكى إلى تل أبيب كينيث كيتنج تفاصيل عن الوضع بعد اجتماعه مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية فى مكتبها الساعة 10:15 من صباح يوم الحرب، حيث بادرته جولدا بالقول “ربما نكون فى ورطة”، طالبة من واشنطن “دعماً عاجلاً” لمنع الاشتباكات، وبعد أقل من 4 ساعات بدأ الجيشان المصرى والسورى هجومهما بعد خطة الخداع الناجحة وفق وصف تقرير مجلس الأمن القومي، الذى رفعت عنه السرية بعد عقود من الحرب.
واعتبر تقييم للمخابرات الأمريكية فى صباح السادس من أكتوبر أن الحرب “تشكل تهديداً خطيراً للمصالح الأمريكية. إن كل العرب، حتى أولئك الأكثر ميلاً إلى الولايات المتحدة، سوف يضغطون على واشنطن لكى تكون على الأقل منصفة، إن لم تنضم إلى فرض عقوبات على إسرائيل”.
حاول كيسنجر عبثاً منع اندلاع الحرب من خلال الاتصال بوزير الخارجية المصرى محمد حسن الزيات، فى السابعة من صباح السادس من أكتوبر بتوقيت واشنطن، أى بالتزامن مع انطلاق الضربات الجوية فى الثانية ظهراً بتوقيت القاهرة، كى يطلب منه أن ينقل للحكومة المصرية “ضبط النفس” وعدم بدء الأعمال القتالية، لكن الزيات قاطع إلحاح وزير الخارجية الأمريكى بالقول إنه سينقل الطلب الأمريكى رغم أنه يعتقد أن “مزاعم” شن الحرب ذريعة إسرائيلية لاستئناف القتال من جانبهم، وفق نص المحادثة المنشور على موقع أرشيف الخارجية الأمريكية.
وعلى عكس توقعات كيسنجر بأن القوات الإسرائيلية ستستطيع الرد على الهجوم خلال وقت قصير، بدأت المطالبات الإسرائيلية بدعم عسكرى مباشر بعد يوم واحد من الحرب، حيث نقل السفير الإسرائيلى فى واشنطن سيمشا دينتز إلى كيسنجر خلال اتصال هاتفى أن الأولوية للطائرات فى قائمة الأسلحة التى تطلبها إسرائيل. وألح السفير بالقول إن تل أبيب مستعدة لاستلام الأسلحة من القواعد العسكرية الأمريكية فى إيطاليا، إن كانت واشنطن لا ترغب بالدخول إلى موقع القتال.
وضع القوات الإسرائيلية أصبح يزداد صعوبة فى صباح التاسع من أكتوبر، ما دفع السفير الإسرائيلى بواشنطن إلى الاتصال بكيسنجر لإبلاغه بالمستجدات، وبعد ساعات قليلة عقد اجتماع فى البيت الأبيض بين كيسنجر والسفير الإسرائيلى بمشاركة الجنرال برينت سكوكروفت من مجلس الأمن القومى الأمريكى والملحق العسكرى الإسرائيلى موردخاى جور فى صباح التاسع من أكتوبر، الذى أقر بأن خسائر الجيش الإسرائيلى حتى ذلك الوقت بلغت 49 طائرة بينها 14 طائرة فانتوم و28 طائرة سكاى هوك، بالإضافة إلى 500 دبابة من أصل 1800 تملكها إسرائيل، وهو الرقم الذى أثار تعجب كيسنجر وطلب تفاصيل عن الخسائر البرية، فأوضح دينتز أن 100 منها خسرتها القوات الإسرائيلية فى الجولان والباقى فى سيناء، وقال وزير الخارجية الأمريكى “لهذا يبدو أن المصريين مغرورون للغاية”، وسأل كيسنجر السفير الإسرائيلى قائلاً “أوضح لي، كيف يمكن خسارة 400 دبابة أمام المصريين؟”، وبعد شرح على الخريطة للوضع الميدانى وكيفية عبور القوات المصرية واصل المسئولان الإسرائيليان مطالب التزود بالأسلحة الأمريكية.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة