الجمعة، 06 أكتوبر 2023 - 07:18 م

صباح الخير صباح الفل 

كل صباح أراه وهو يتوقف عند بيتى ليحمل كيس القمامة ويلقيه فى عربة نصف نقل ضخمة ويمضي، كل صباح لم يتأخر يوما، يدهشنى دائما حماسه وضحكته وشاربه الضخم وصوت فيروز الذى يأتى من كاسيت سيارته.

نتبادل الأمنيات الحلوة بيوم جميل، وأتابعه وهو يعمل بِهمة وسعادة ربما لا تناسب عمله فى جمع القمامة.

كيف يبدو على رجل سبعينى يرتدى جلبابا رماديا ويدخن بشراهة كل هذا الحماس فى جمع القمامة من الخامسة صباحا حتى الظهر؟

قال لى مرة إنه بدأ فى جمع (الزبالة) وهو صبى وعمره عشر سنين، ولم يفكر لحظة فى تغيير مهنته، حصل على الثانوية بمجموع معقول (لكن ماكملتش لأن أبويا مات وكان لازم أسوق العربية بنفسى).

(بحب الشغلانة وماعرفش غيرها وفاتح بيتى منها وربيت ٣ بنات وعلمتهم وجوزتهم أحلى جوازة ومراتى كل يوم الضهر أخلص شغلى أرجع ألقى بيتى زى الفل وغيارى جاهز وغدوة مافيش أطعم من كدة).

من ظهره المفرود وضحكته الحاضرة ورضاه الكامل وحبه لشغله، كل يوم أتعلم درسا جديدا من الحياة، مهم أن نحب ونجتهد ونواصل المُضى فى الحياة حتى نصنع أياما متوازنة.

هذا الرجل يعمل فى مهنة من وجهة نظر المجتمع متدنية، لكن هو على قناعة أن العالم لا يستطيع أن يبقى أو يستمر بدون مروره الصباحى على البيوت!
جعل مهنته راقية من وجهة نظره ورفع رأسه بها وعاش (عيشة سعيدة).

قد تختار لنا الحياة مسارات ليست الأفضل.. لكن الذكى من يحولها إلى رحلة جميلة. أو يعافر لتغيير المسار بنفس الحماس.