الخور أسقف بولس ساتى خلال حواره مع «الأحبار»
الخور أسقف بولس ساتى خلال حواره مع «الأحبار»


المُدبر البطريركى للكنيسة الكلدانية بمصر فى حواره مع «الأخبار»

ندعم الرئيس السيسى فى الانتخابات القادمة وواثقون من فوزه بأغلبية ساحقة

سارة أحمد

السبت، 14 أكتوبر 2023 - 07:36 م

مصر حافظت على أبنائها المسيحيين وقامت بحمايتهم 
الكنائس الكلدانية تصلى باللغة الأكدية القديمة

بين جدران كاتدرائية سانت فاتيما للكلدان الكاثوليك بحى مصر الجديدة الشهيرة بـ«الكنيسة الحمراء» تصدر تمثال كبير للعذراء مريم فى مشهد يبرز رسالة روحية فريدة للمجتمع المصرى كله، وهو التكريم الخاص الذى تقدمه الكنيسة الكلدانية للسيدة مريم، حتى أصبح المكان مزارًا روحيًا يقصده الزائرون لينالوا بركة أطهر نساء العالمين..

التقت «الأخبار» الخور أسقف بولس ساتى المُدبر البطريركى للكنيسة الكلدانية بمصر، الذى تخرج فى كلية الفلسفة واللاهوت بإحدى جامعات ألمانيا، ثم درس بمعهد اللاهوت الرعوى، والتحق برهبنة الفادى الأقدس وعمره 20 عامًا، حتى تولى مسئولية إيبارشية القاهرة للكلدان كمُدبر بطريركى للكنيسة الكلدانية فى مصر ورئيسًا للطائفة عام 2018، وفى عمر الـ 45 عامًا تمت ترقيته إلى رتبة الخور أسقف وهى كلمة يونانية تعنى الأسقف المساعد للايبارشية، ويكون مسئولا عليها، وخلال تلك الفترة شهد العديد من الأحداث والمواقف الدينية والتاريخية والسياسية.

فى البداية حدثنا عن الكنيسة الكلدانية فى مصر.

تعد الكنيسة الكلدانية واحدة من فروع الكنيسة الكاثوليكية، وتعرف أيضًا باسم كنيسة بابل الكلدانية، وتأسست فى العراق فى القرن السادس عشر، وهى كنيسة تنتمى للمذهب الشرقى للكاثوليكية، لكن تحتفظ بشعائرها وطقوسها، وفى القرن الثامن عشر هاجرت عائلات كلدانية كاثوليكية من بلاد العراق واستوطنوا بمصر فى عام 1890، وتم بناء أول كنيسة باسم القديس أنطونيوس بحى الفجالة عام 1891، ومع زيادة التواجد للكلدان الكاثوليك بمصر عام 1950، أنشئت كنيسة جديدة شيدت على الطراز البازيليكى وسميت بالعذراء سيدة فاتيما وهى اسم «بلدة صغيرة فى البرتغال واسمها فاتيما ظهرت فيها العذراء لثلاثة من الأطفال وتحدثت معهم عن أمور سوف تحدث فى الكنيسة والعالم»، وأصبحت الكنيسة كاتدرائية عام 1980 وفى عام 1995 رفعها بابا روما القديس يوحنا بولس الثانى لبازليك صغرى.

من هم الكلدان؟

الكلدان هم أكثر الطوائف عددا بين مسيحيى العراق، وهم امتداد لحضارة ما بين النهرين، وفى القرن الأول دخلت المسيحية وأصبحت بعد مدة الديانة الأكبر فى بلاد ما بين النهرين وتوسعت الكنيسة الكلدانية فى أوائل الحكم الإسلامى وخصوصا فى عهد الخلافة العباسية (بغداد) حتى انحصرت قوتها فى القرون الوسطى مع مجيء العثمانيين، ومقر الكنيسة فى بغداد ويرأسها الكاردينال روفائيل ساكو.

ويعيش معظم الكلدانيين فى العراق وتركيا ولبنان وإيران وأكبر الأعداد فى أمريكا حيث يعيش حوالى 600 ألف كلدانى كاثوليكى.

وأضاف هناك مجموعة من المذهب الشيعى يقولون على أنفسهم إنهم كلدان لأنهم يقيمون فى بابل لأنها عاصمة الكلدان لكنهم فى الأصل ليسوا كذلك.

كم يبلغ تعدد الكلدان الكاثوليك بمصر، وعدد الكنائس التابعة لها؟

يبلغ تعداد المسيحيين الكلدان فى مصر حوالى 3000 مواطن، ويصل عددنا حول العالم إلى 10ملايين مواطن، بينهم 600 ألف مواطن يقيمون فى أمريكا وهى أكبر دول العالم تواجدا لأتباع الكنيسة الكلدانية، وذلك بعد أن هاجر جزء كبير من الكلدان إلى العديد من الدول كلبنان وتركيا، ودول المهجر الجديدة والأردن، ولكن هناك عددا كبيرا مازال يقيم فى العراق، ولدينا 4 كنائس فى مصر تابعة للطائفة، هى: «العذراء سيدة فاتيما بمصر الجديدة، ومار أنطونيوس بحى الفجالة، وهى أقدم رعية كلدانية، وكنيسة العائلة المقدسة المعروفة بكنيسة المدافن وتوجد بمنطقة مجمع الأديان، وهناك كنيسة أخرى فى جزيرة بدران بشبرا».

ما اللغة التى تصلى بها الكنائس الكلدانية؟

تستخدم كنائسنا اللغة الكلدانية فى القداس والصلوات، والتى ترجع أصولها إلى اللغة الأكدية القديمة أو السومرية، ولها تاريخ قديم فى العراق ومناطق أخرى فى الشرق الأوسط، ولكن هناك بعض الكنائس تستخدم اللغة العربية فى الصلاة، وللكنيسة الكلدانية طقس صلاة خاص بها، ونحن تأثرنا بثقافة الكلدان البابليين القدماء، وصلواتهم، حتى اتبعنا طراز بناء المعابد اليهودية، لأن أول ناس دخلوا المسيحية كانوا يهودا.

ما طبيعة علاقتكم بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟ وهل تقبل الأرثوذكس المعمودية الكاثوليكية؟

علاقتنا بقداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية جيدة جدا والاختلاف بين الكنيستين يرجع لاختلافات طقسية فقط، تقابلت مع قداسة البابا تواضروس الثانى عدة مرات فى مناسبات مختلفة وقداسته شخص منفتح واجتماعى وذو مكانة مميزة فى مصر، ومن المؤكد أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى عهده ستشهد ازدهارا بين أبنائها، وعن عدم قبول المعمودية الكاثوليكية قال إن إعادة المعمودية جاءت فى عهد البابا شنودة الثالث، مشيرًا إلى أن إعادة المعمودية لا تجوز، فهذه المسألة مسألة جوهرية ويجب أن تعاد مرة أخرى لوضعها الصحيح.  

هل هناك نية فى الطوائف كى يتم توحيد أعياد المسيحيين حول العالم؟

 نحن ككنيسة كلدانية لدينا سياسة خاصة تقول يجب أن نتبع احتفال الكنائس المصرية بعيد القيامة، ونتمنى أن يحدث توحيد للاحتفال سويا بعيد القيامة بين الكنائس الشرقية والغربية، ولكن حقيقة لا يوجد خلاف فى العقيدة، لأن الأمر هو فعلا اختلاف تقويم للاحتفال بعيد القيامة، لأن هناك اختلافا بين الغرب لاتباع بعضهم التقويم اليوليانى الذى نظمه يوليوس قيصر، أو التقويم الجريجورى الذى وضعه البابا جريجوريوس، والاثنين من الغرب.

الوقت الذى خرج معظم مسيحى الشرق من بلدانهم بسبب الإرهاب، نجحت مصر فى الاحتفاظ بهم وحمايتهم وتطوير أوضاعهم، ما رأيك؟

المسيحيون يعيشون فى مصر بكل أمان، يمارسون طقوسهم بحرية كاملة، ويقيمون شعائرهم وعباداتهم بكامل الحرية دون خوف من التعدى عليهم أو الإساءة لهم، الرئيس عبد الفتاح السيسى حافظ على مسيحيى مصر، وقام بحمايتهم والتصدى للجماعات الإرهابية وعقولهم المتطرفة، ولم يكتف بذلك بل قام بتدشين العديد من الكنائس بمختلف طوائفها وأرسى مبدأ المواطنة والتعايش السلمى وقبول الآخر بين أبناء الشعب المصرى وتوطيد علاقة المسيحيين بأرضهم.

هل تعتبر أن مصر قدمت نموذجا يحتذى به ويعم على دول المنطقة فى احترام حريات المسيحيين؟

طبعا حرية العبادة وإقامة الشعائر لدى الدولة المصرية شيء مقدس وكل الشكر والتقدير لكل ما تقوم به قوات الأمن المصرية فى الحفاظ على دار العبادة المسيحية وهذا أعطى ثقة دولية فى الأمن المصرى أمام العالم، وهو ما نقلته خلال عدة لقاءات بمسئولين فى الدائرة الأوروبية للشئون الخارجية، ولذلك تعد مصر مثالا ونموذجًا يجب أن يحتذى به جميع الدول المجاورة لاحترام حريات المسيحيين فى إقامة شعائرهم وعباداتهم.  

هل أنت مع منع البابا شنودة حج المسيحيين؟ 

فى عهد البابا شنودة الثالث قال مقولته الشهيرة «لن ندخل القدس إلا مع إخوتنا المسلمين»، حتى إن البابا الراحل كان يعاقب الأقباط الذين يزورون القدس بالحرمان الكنسى، أى الحرمان من سر التناول، وهو أحد الأسرار المقدسة السبعة للكنيسة الأرثوذكسية، لا أتفق نهائيا مع هذا القرار، وكان قرارا خاطئا، بل إن البابا شنودة ظلم المسيحيين المصريين، فمن الخطأ إدخال الدين فى السياسة وهو ما قام به البابا شنودة، أما عن أن الحج نوع من التطبيع فهذا غير صحيح لأن الحج المسيحى طقس دينى ليس له علاقة بالسياسة مع دولة، فهو نوع من التضرع مع الله.

ما الخدمات التى تقدمها الكنيسة الكلدانية للمصريين؟

تقدم الكنيسة خدماتها لجميع الطوائف المسيحية، فى كاتدرائية سانت فاتيما توجد دار مسنات تستقبل جميع السيدات دون الالتفات إلى طائفتها وهناك دراسة جديدة لافتتاح عدد من العيادات الطبية لخدمة الأهالى فى كنيسة مار أنطونيوس بالفجالة بأسعار رمزية وستشمل عددا كبيرا من التخصصات لخدمة جميع المواطنين.

كيف ترى أوضاع المسيحيين فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي؟

الآن فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى الأوضاع أكثر من رائعة، فدائما يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على تقديم التهنئة وحضور قداس عيد الميلاد المجيد وأيضا تقديم التهنئات بعيد القيامة ودائمًا ما يرسل وفدا مندوبًا عنه لتهنئتنا فى الأعياد، كما شهدت مصر طفرة فى بناء الكنائس بمختلف الطوائف فى عهد الرئيس السيسى وذلك نتيجة لسهولة الحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة للبناء أو الترميم، وهو ما اختلف كثيرا عن الأزمنة السابقة.

ما الفرق بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الكلدانية؟

كنائس الكلدان والسريان والأرمن والموارنة والأقباط والروم واللاتين جميعها تتبع كرسى القديس بطرس فى روما وهى بالتالى جزء من  الكنيسة الكاثوليكية وهى الكنيسة الجامعة، ونحن نتبع عصمة قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، ولكن كل كنيسة ذاتية، حيث تتبع كل كنيسة قوانينها وطقوسها وصلاتها الخاصة والتى تختلف حسب البلد الذى نشأت فيه الكنيسة المحلية، وتمت الموافقة عليها من بابا روما لأنه الرئيس الأعلى لجميع هذه الطوائف.

أصدرت الكنيسة الكلدانية بمصر بيانا شديد اللهجة تحذر فيه من تداعيات سحب مرسوم تعيين بطريرك الكلدان فى العراق من قبل الرئيس العراقي، لماذا؟
طبعا هناك تداعيات خطيرة غرضها الاستحواذ على ممتلكات وأوقاف الكنيسة الكلدانية بعد إصدار رئيس جمهورية العراق مرسوما بسحب قرار تعيين البطريرك لويس ساكو فيما يخص توليته القانونية على أوقاف الكنيسة الكلدانية، بحجة عدم استناده للدستور العراقي، ما حدث فى العراق من تحجيم وتهميش لرئيس أكبر كنيسة فى العراق وأكثرها حضورًا شعبيًا ومؤسساتيًا، يدق ناقوس الخطر فى بلدٍ لازال يعانى من تبعيات الحروب وعدم الاستقرار السياسي، والإرهاب المتمثل بداعش والذى شرد أبناء الشعب العراقى بكل أديانه وأطيافه سنة 2014، لم يرحم مسلمًا أو مسيحيًا أو يزيديًا أو صابئيًا، لم يفرق بين الكنيسة والجامع والمعبد، حيث طال التفجير والنهب والسلب والقتل كل أطيافه، والخطر المتمثل بإلغاء المرسوم الجمهورى يمس وجود الكنيسة.

طرحت أزمة سحب المرسوم فى الدائرة الأوربية للشئون الخارجية.. ما حدث؟

البطريرك لويس ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية فى العراق هو شخصية معروفة عالميًا، سواءً فى دوائر الكرسى الرسولى الفاتيكان أو المنظمات الدولية، ويعرف عنه دعمه للدولة العراقية وحرصه الدائم على مبدأ المواطنة ووحدة العراق السياسية و تنوعه الديني، ولذلك قمت بعدة لقاءات بمسئولين فى الدائرة الأوروبية للشئون الخارجية، لمناقشة سحب المرسوم الجمهورى وتداعياته على الكنيسة بصورة عامة وكذلك خطورته لما يمثله من زعزعة الوضع الهش للأقلية المسيحية فى العراق. وكذلك تم التطرق لدور كتائب بابليون وكتلتها الحزبية فى زعزعة استقرار الكنيسة والاستحواذ على مقدراتها، وخلال اللقاء دار الحديث عن حرية الدين والاعتقاد وإقامة الطقوس والشعائر وعن وضع الأقباط فى مصر وقلت إن مسيحيى مصر يعيشون أزهى عصورهم حياة آمنة بكل حرية دون خوف.  

باعتبار الكنيسة الكلدانية جزءا من الشأن العام المصرى، ما دور الكنيسة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

سنشارك فى الانتخابات الرئاسية القادمة برعايانا وبكل طاقتنا وأدواتنا، ونعلن دعمنا للرئيس عبدالفتاح السيسى وواثقون من فوزه بأغلبية ساحقة لأننا نعيش أزهى عصورنا كأقباط فى مصر، نمارس طقوسنا بكل حرية نعيش حياة كريمة ويعتبر الرئيس السيسى أول رئيس مصرى يزور كاتدرائية ميلاد المسيح التابعة للأقباط الأرثوذكس لحضور قداس عيد الميلاد سنويا وتقديم التهنئة للأقباط كما أنه حريص على إرساء مبدأ المواطنة بين أبناء الشعب وأمر ببناء كنيسة وجامع فى كل مدينة سكنية جديدة، كما أنه حارب وتصدى للتطرف بكل أنواعه، فضلا عن قيام الرئيس بتعزيز قيم التسامح والسلام من خلال التعليم والتوعية وتعلم أهمية الحوار والتعايش بسلام مع الآخرين.

وأضاف سنشارك أيضا بوضع اللافتات الداعمة للرئيس السيسى وحث أبنائنا على المشاركة فى العملية الانتخابية لأنها واجب وطنى، هدفه استقرار أمن وأمان الوطن.

شهدت الكنائس خلال فترة حكم الجماعة الإرهابية أعمال عنف، كيف تصدت له الكنيسة الكلدانية؟

فترة حكم الجماعة الإرهابية شهدت كنيستنا تجاوزا من أحد أبناء الجماعة الإرهابية والذى قام بكتابة شعارات «إسلامية إسلامية» على الكنيسة من الخارج والتعدى على أمين شرطة والهجوم على سور الكنيسة، لكن قام جيران الكنيسة المسلمون بحمايتها وقت الاعتداء عليها، ولكن منذ تولى الرئيس السيسى قمنا بتنظيم عدد من الندوات والجلسات لتوعية أبنائنا عن طريق معرفة ثقافة الآخر، وتجديد الخطاب الدينى، فالفكر المتطرف موجود لدى المسيحيين والمسلمين، مشيرًا إلى أن توعية الأئمة والقساوسة ينعكس على ثقافة الشعوب.
 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة