هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

على أعتاب غزة

هالة العيسوي

الأربعاء، 18 أكتوبر 2023 - 09:23 م

بوسائل وأساليب قتالية قديمة؛ استطاعت المقاومة الفلسطينية فى عملية طوفان الأقصى، إسقاط التفوق التكنولوجى الهائل الذى تسلح به الاحتلال والإطاحة به. لقد انهار فى لحظة هذا الجدار الافتراضي، المتقدم للغاية، عالى التقنية،  الذى شيدته إسرائيل بوسائل، ربما دخل معظمها حيز الاستخدام الفعلى فى الحرب العالمية الأولى، باستثناء نوع واحد: الطائرات بدون طيار التى يمكن شراؤها اليوم من أى متجر للأدوات الذكية.

وشاركت 35 طائرة بدون طيار، بحسب حماس، فى الهجوم الافتتاحي، بما فى ذلك «طائرة انتحارية بدون طيار» حلقت فوق أبراج روا يورى وتم تحييدها. طبقت المقاومة الفلسطينية نظرية المؤرخ العسكرى الروسى كارل فون كلاوسوفيتش وهو أحد آباء نظرية القتال الحديثة، الذى قال: إن الطرف الذى يتمكن من تركيز قوات كبيرة بما فيه الكفاية بسرعة فى نقطة معينة، على حين غرة، يكون قادرًا على إحداث اختلال توازن الخصم.

بالفعل لقد تم تحطيم الكاميرات وأبراج الإرسال والاستماع بنيران مضادة للدبابات، وتم تفجير السياج الضخم بعبوات ثقيلة، وتم قطع كابلات الطاقة والاتصالات بكل بساطة، وأصبح نظام القيادة والتحكم الأمامى صامتًا فى آن واحد.  هذه القاعدة البسيطة التى تم وضعها فى القرن الثامن عشر، أثبتت صلاحيتها حتى فى عصر الإنترنت والذكاء الاصطناعي: خط الدفاع الإسرائيلى الذى انهار كان يعتمد بالكامل على التكنولوجيا - فى الواقع، على مجموعة من التقنيات، بعضها الأحدث فى العالم.

وبعضها فخر التكنولوجيا الإسرائيلية الفائقة، والتى كان من المفترض أن تقوم على الأقل بالتنبيه وتوفير الحماية الأولية. وكان هناك حاجز عميق تحت الأرض، وسياج علوى (حساس للمس)، ومجموعة معقدة من الكاميرات، وأجهزة استشعار للحركة السطحية وتحت الأرض، وأجهزة استشعار تعمل باللمس، وهوائيات خلوية وأبراج تنصت، و بالطبع، مواقع «مطلق النار» - برج يعلوه رشاش فى الأعلى، يتم تفعيله عن بعد عند الضرورة بواسطة مراقبات، يجلسن فى مقر الفرقة أمام الشاشات، ومن المفترض أن يرصدن أى تحرك على الحدود.

إذا كان هذا الاستخدام المفرط للتكنولوجيا أثبت محدودية كفاءته الدفاعية، فإن الأمر يختلف عند الهجوم. الآن تتموضع  قوات الاحتلال الإسرائيلى على أعتاب غزة تأهبًا لاقتحام برى محتمل، كان من المفترض فى البداية أن يتم الهجوم البرى فى نهاية هذا الأسبوع، ولكن تم تأجيله لعدة أيام على الأقل جزئيا بسبب الظروف الجوية التى جعلت من الصعب على الطيارين الإسرائيليين ومشغلى الطائرات بدون طيار توفير غطاء جوى للقوات البرية. ثم جاءت زيارة الرئيس الأمريكى بايدن للمنطقة ذريعة رائعة لتأجيل الاقتحام البرى لغزة  إلى ما بعد انتهاء الزيارة.

لقد تجنبت القوات الإسرائيلية طويلًا هذا الاقتحام البرى بسبب مخاطره  العسكرية المؤكدة على الاحتلال، مع ذلك يتردد أن الهجوم المحتمل سيكون أكبر عملية برية لإسرائيل منذ الحرب فى لبنان عام 2006 ، وأن العملية ستكون الأولى التى ستحاول فيها إسرائيل السيطرة على الأراضى والاحتفاظ بها، على الأقل لفترة قصيرة، منذ الحرب مع غزة عام 2008. فالهدف هو  التدمير الكامل لقدرات حماس الحكومية والعسكرية».

 فى المقابل يتردد ان حماس تخطط أيضًا لنصب كمين للقوات الإسرائيلية من الخلف من خلال الخروج فجأة من الأنفاق المنتشرة فى شمال غزة.

لعل  المقاومة تثبت مجددًا صلاحية نظريات القرن الثامن عشر  لليوم
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة