انتصار دردير
انتصار دردير


صباح الفن

«وداعاً جوليا».. السينما كما يجب أن تكون

إنتصار دردير

الجمعة، 27 أكتوبر 2023 - 06:52 م

 جاء مشهد الختام فى الفيلم السودانى»وداعا جوليا» حيث تلقى «مني» المرأة الشمالية برأسها على «جوليا» المنتمية إلى الجنوب، وحيث تنطلق منى تغنى للتسامح والحرية، كأفضل نهاية لفيلم ينبذ التعصب، ويدعو إلى التسامح، حتى وإن لم يسفر عن تصالح، فقد استطاعت المرأتان المتباعدتان على كافة المستويات أن تتقاربا وتتصارحا وتتواجها رغم كل ماجرى بينهما.

تبدأ أحداث الفيلم عام 2005 قبل وقوع الانفصال بين شمال وجنوب السودان بينما كانت إرهاصاته واضحة، يعبر الفيلم عنها بسلاسة ومصداقية، فى سيناريو كتبه المخرج الشاب محمد كردفانى ووصفته مجلة «فارايتي» الأمريكية بأنه «كتابة سيناريو ذكية»، فهو يطرح قضيته السياسية فى إطار إنساني، ويكشف دون خطابة أو مباشرة ما الذى أودى إلى هذا الانفصال بين شمال وجنوب السودان، عبر مشاهد تكشف خطأ الطرفين ، لكن برغم قضيته المهمة فإن الفيلم يحمل متعة فنية كبيرة ودراما مشوقة، يخاطب بها الجمهور بكافة مستوياته.

لذا لا عجب أن يستقبل الفيلم بحفاوة وأن يتفاعل معه المشاهدون بمختلف الدول التى عرض بها، وأن يحصد جوائز دولية مرموقة بعدما شهد عرضه الأول مهرجان كان السينمائى الذى فاز فيه بجائزة «الحرية»، ثم تتوالى مشاركاته فى مهرجانات دولية حاز بها جوائز قيمة، ويظل الأهم فى رأيى أنه حاز ثقة الجمهور باختلاف ثقافاته وانتماءاته، جاء الفيلم كما ينبغى أن تكون السينما ممتعة وملهمة ومحركة .

وقد تميزت كافة عناصره من كتابة وتمثيل وتصوير وموسيقى وأغانى ومونتاج وأزياء ، عبر إدارة واعية لمخرجه محمد كردفانى فى أول أفلامه الطويلة، ليسجل به اسمه كأحد المخرجين القادمين بقوة فى صناعة السينما العربية، وكذلك بفضل تضافر جهات إنتاجية عديدة.

جاء افتتاح عروض الفيلم بالقاهرة ليشكل حدثاً فنياً مهماً وفرحة ممزوجة بالألم عاشها أفراد الجالية السودانية بمصر، الذين توافدوا لمشاهدته وهم يستعيدون عبر مشاهده شوارع الخرطوم وبيوتها ولهجة ناسها ليتضاعف حنينهم لبلادهم بعد أن إضطرهم الوضع السياسى بها للفرار منها.

فيلم «وداعا جوليا» الذى تم اختياره ليمثل السودان بمسابقة الأوسكار، فئة أفضل فيلم عالمي، يؤكد قدرة السينمائيين السودانيين على تقديم أعمال تنافس عالمياً وترفع اسم السودان برغم معاول الهدم والدمار التى تسيطر على المشهد السياسى ببلادهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة