مهند عدلي
مهند عدلي


اجتماعات مراكش لصندوق النقد والبنك الدولي نتائج باردة في أجواء ملتهبة

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 01 نوفمبر 2023 - 12:13 م

عقد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اجتماعهم السنوي في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر الماضي بمدينة مراكش بالمغرب وهي المرة الأولى منذ 50 عاما التي تعقد فيها هذه الاجتماعات بافريقيا حيث كانت آخر مرة تعقد بها عام 1973 في كينيا في وقت كانت لا تزال فيه معظم دول القارة تعاني تحت سلطة الاستعمار وكان الاقتصاد العالمي ما زال يكافح صعوبات صدمة نيكسون وإنهاء عصر الذهب كضمان للدولار كعملة عالمية وعلى المستوى الإقليمي فجاأت الاجتماعات حرب أكتو بر واندلاع الصراع بين مصر وسوريا من جانب وإسرائيل جانب آخر .

وفي 2023 بمراكش ورغم مرور خمسين عاما الا أن أوجه الشبه تبدو قريبة إلى حد بعيد فحتي الأن لا تزال دول القارة تعاني من النزاعات والانقالبات والكوارث الطبيعية بالإضافة إلى تداعيات كورونا والحرب الرو سية الاوكرانية و في تشابه مثير فاجأت الاجتماعات تجدد النزاع المسلح بين الفلسطينيين واسرائيل قبل بدايتها ب 48 ساعة.. وفي الحالتين كانت دول أفريقيا وبسبب هذه الظروف تعاني من أزمات الطاقة والغذاء بشكل حاد أضيف اليها مؤخرا  أزمة الديون السيادية لدول القارة.

وللمفارقة فإن التشابه لم يقتصر على الظروف والملابسات والمفاجأت بل وايضا في النتائج .. فكلا الاجتماعات انتهت إلى مناقشة قضايا الفقر والديون والمساعدات دون مناقشة القضايا الجوهرية المنتجة لهذه الاشكاليات ورغم أن الاجتماعات الأخيرة في مراكش قد أعطت أفريقيا مقعد في مجلس الإدارة وفتحت الباب لمناقشة زيادة حصص المشاركة إلا أنه ورغم موافقة الولايات المتحدة على ذلك من حيث المبدأ إلا أنها رفضت أن يكون لذلك اي انعكاس على نظام التصويت وهو ما يعني جعل التغيير دون جدوى جوهريا باستثناء زيادة موارد الصندوق التمويلية.

فكما تجاهلت اجتماعات 73 أجمالي الظروف الدولية والاقليمية والاقتصادية في وقتها تجاهلت اجتماعات 2023 كل ما يجري على الساحة الاقليمية والدولية وكأنها تعمل في عالم موازي ودون اي تناول لتغيير رت فعالة تؤدي إلى مزيد من التغيير الجاد نحو نظام مالي عالمي يقضي على أسباب الإشكاليات والتحديات وليس فقط مجرد عالج أعراضها

وهو ما يتناقض مع حقيقة ان نشأة الصندوق نفسها قد جاءت استجابة لمتغيرات سياسية وازمات اقتصادية دولية وإقليمية ولضمان عدم تكرارها مستقبلا الا أن هناك اصرار على أن يتوقف النظام المالي العالمي عند حدود عام 1944 هو العام الذي عقد فيه المؤتمر الذي استضافته الولايات المتحدة الأمريكية ولم تكن الحرب العالمية الثانية قد انتهت بعد بهدف تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد في مرحلة ما بعد الحرب وهو المؤتمر الذي شارك فيه 730 مندوبا يمثلون 44 دولة لمناقشة الصياغة التي أعدها كال من الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز وهاري ديكستر موظف الخزينة الامريكية واللذان وان اختلفا حول العديد من الامور خاصة عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الوطنية الا انه يجمعهما الإطار الفكري والمبادئ الليبرالية العامة المشتركة وهو ما اعترضت عليه اغلب الدول المشاركة في هذا الوقت ومنها ممثل المملكة المصرية وإيران  والصين والذين ينتمون إلى تجارب اقتصادية وثقافية مختلفة ومن الطبيعي ان يطالبوا بمراعاة هذا الاختلاف وهو ما تجاهله المؤتمر وتم اقرار التصور الذي صاغه كينز  ديكستر ليبدو وكأن التجاهل هو جزء من ميثاق النظام المالي العالمي الممتد منذ عام 1945 حتي الآن.

ان هذا الاصرار من الدول الكبرى على تجاهل المتغيرات الجارية عالميا سيكون هو الدافع الأكبر نحو مزيد من القوة للتجمعات الاقتصادية البديلة التي تحاول إيجاد نظام مالي عالمي أكثر عدالة مثل مجموعة البريكس وتجمع دو ل شرق أفريقيا وغيرها من التجمعات التي تجاهد في سبيل القضاء على عدم العدالة في النظام السائد وهي مدفوعة في ذلك بتغيرات ملامح الخريطة الاقتصادية العالمية سواء من حيث الناتج القومي الإجمالي أو نصيب الدول في حجم التجارة العالمية ومعدلات موازين القوى الاقتصادية بصفة عامة كذلك من المتوقع أن تشهد الاربع سنوات القادمة وحتى موعد الاجتماعات المقبلة بعد أربع سنوات في تايالند وهو الموعد الذي حددته قمة مراكش أن يشهد العالم تغيرات حاكمة قد تدفع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتغيير الاسس والمبادئ التي يرتكز عليها والتي تعتبر انعكاس واضح لمبادئ الليبرالية الامريكية والغربية دون اخذ في الاعتبار للمتغيرات  الإقليمية والدولية علي مدار الـ 78 عاما الماضية خاصة إذا ما استطاعت مجموعة الدول الاقليمية الكبرى في شرق آسيا والشرق االوسط بناء منظومة مالية مشتركة تعتمد على سلة قوية من العملات ونظام مدفوعات يتسم بالمرونة والشمول مما يجعل لديها القدرة على الضغط في اجتماعات تايلاند 2026 .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة