هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

إنها ليست سيناء فقط!

هالة العيسوي

الأربعاء، 01 نوفمبر 2023 - 09:35 م

اعتاد المراقبون للشأن الإسرائيلى الانتباه إلى التصريحات والاقتراحات التى تصدر عن مسئولين سابقين فى أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، وما ينشر فى دوريات مراكز الدراسات الاستراتيجية وخلايا التفكير،  باعتبارها المرآة التى تعكس خطط الاحتلال المستقبلية، وحين أعلن الخبير الأمنى والمسئول الاستخباراتى السابق جيورا آيلاند عام 2004عن مقترحه الكارثى فيما سمى وقتها بخطة فك الارتباط عن غزة، والذى أفصح فيه لأول مرة عن السعى لتهجير أهالى غزة إلى سيناء إلى مصر، بحيث تقوم مصر بإفراغ منطقة للفلسطينيين بمساحة 600 كيلومتر مربع، بطول 30 كيلومتراً على طول الحدود الإسرائيلية المصرية، وعرض 20 كيلومتراً داخل سيناء، بما فى ذلك الشريط الساحلى الذى كان فى يوم من الأيام المدينة البحرية، حينها التقط المصريون الإشارة، وأدركوا أن عين الاحتلال الإسرائيلى لم ترفع عن سيناء، وأن أطماعه فيها لم تنته.

اليوم يظهر ما هو أخطر ، فالدولة الصهيونية لا تضع عينها على سيناء وحدها، إنما على العديد من المدن المصرية بما فيها العاصمتين القديمة (القاهرة) والإدارية الجديدة، يطل معهد مسجاف للأمن القومى والاستراتيجية الصهيونية بورقة موقف هى وثيقة تطهير عرقى بامتياز،  أعدها رئيس المعهد، مستشار الأمن القومى السابق مئير بن شباط، تدعو مجددًا  إلى «إعادة التوطين والتوطين النهائى لجميع سكان غزة»، ويدعو إلى استغلال اللحظة الحالية لتحقيق هدف صهيونى طويل الأمد يتمثل فى إبعاد الفلسطينيين عن أرض فلسطين التاريخية، بدعوى أن هناك فرصة فريدة ونادرة  فى الوقت الحالى من الصعب أن تتكرر لإخلاء قطاع غزة بأكمله.  

تبين الورقة أن صاحبها قام بدراسة الواقع السكانى والجغرافى  والاقتصادى المصرى دراسة معمقة، اعتمد فيها على تقارير تعود إلى عام 2017 ،  أفادت أن هناك 10 ملايين وحدة سكنية متاحة فى مصر، نصفها مبنى والنصف الآخر قيد الإنشاء، على سبيل المثال، يوجد فى اثنتين من أكبر المدن التابعة للقاهرة، «6 أكتوبر» و»10 رمضان»، عدد هائل من الشقق المبنية والفارغة الخاضعة لملكية حكومية وخاصة، فضلاً عن قطع الأراضى الفارغة للبناء التى تكفى فى المجمل السكن. من حوالى 6 ملايين نسمة.

ويبلغ متوسط تكلفة شقة مكونة من ثلاث غرف بمساحة 95 مترًا مربعًا لأسرة متوسطة فى غزة مكونة من 5 إلى 14 فردًا فى إحدى المدينتين المذكورتين 19 ألف دولار. وبحساب إجمالى عدد السكان الذين يقيمون فى قطاع غزة، والذى يتراوح بين 1٫4-2٫2 مليون نسمة، يمكن التقدير أن المبلغ المطلوب تحويله إلى مصر من أجل التمويل سيكون حوالى 5 إلى 8 مليارات دولار، بن شباط يقر بأن هذه المبالغ المالية ضئيلة مقارنة بالاقتصاد الإسرائيلي، وأن استثمار بضعة مليارات من الدولارات (حتى لو كانت 20 أو 30 مليار دولار) من أجل حل هذه القضية الصعبة هو حل مبتكر ورخيص وقابل للتطبيق، معتبرًا أن ضخ أموال بهذا الحجم من شأنه أن يوفر ميزة تشجيع للاقتصاد المصري! 

هذا الواهم نموذج شخصية تاجر البندقية، الوضيع البخيل فيحسب الثمن بسعر التكلفة، وكأنه يبنى فى بيت والده، ويتصور فى أحلام يقظته أنه امتلك مصر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة