المستشفيات في غزة تستضيف المصابين والنازحين في آن واحد
المستشفيات في غزة تستضيف المصابين والنازحين في آن واحد


«أزمة مُزدوجة».. المستشفيات في غزة تستضيف المصابين والنازحين في آن واحد

إسراء ممدوح

الإثنين، 06 نوفمبر 2023 - 10:09 م

في ظل هذا الوضع الإنساني والصحي الكارثي الذي يشهده قطاع غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر الماضي، أصبحت المستشفيات في القطاع تحت ضغط هائل يفوق تحملها، فهي اليوم مكتظة بأعداد ضخمة من المصابين والجرحى الذين يتوافدون إليها بشكل يومي، ولكن تلك المستشفيات لم تعد مجرد أماكن لتقديم الرعاية الصحية، بل أصبحت ملاذًا أيضًا للنازحين الذين فقدوا منازلهم جراء القصف المستمر في أنحاء القطاع.

فاليوم، نجد في أروقت هذه المستشفيات الأشخاض الذين فقدوا كل ممتلكاتهم وقصف الاحتلال أماكن عيشهم وبيوتهم، يبحثون عن مكان آمن ويكن لهم ملجأ مؤقتًا مضطرين إلى النزوح للمستشفيات والبحث عن مأوى آمن، وفي ذات الوقت، يصل الجرحى أيضًا إليها بأعداد مهولة كل يوم، يبحثون عن الشفاء لجراحهم النازفة بسبب استمرار طائرات العدوان بقصف كل مكان في القطاع.


حال مستشفيات القطاع بعد مرور شهر من الحرب 

أما الآن وبعد مرور شهر كامل على الحرب على غزة، أصبح المشهد داخل مستشفيات القطاع لا يمكن وصفه إلا بأنه مأساوي، فالمستشفيات مكتظة بأعداد ضخمة وغير مسبوقة من الجرحى والنازحين في كل زاوية وركن من أروقة المستشفى، حتى خارج أبوابها، يفترش الناس الأرض تحت أشعة الشمس الحارقة في النهار وتحت ظلال القمر في الليل، ومع كل لحظة تمر، لا يعرفون ما هو مصيرهم.

هذا الضغط الهائل في مستشفيات القطاع يجعل الأطقم الطبية تعمل بسعة كاملة بل وأكثر من المعتاد أو الطبيعي بكثير، في الوقت الذي تواجه المستشفيات فيه نقصًا حادًا في الموارد والأجهزة الطبية والأدوية، مما يزيد أيضًا من صعوبة تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمصابين، وهذا الوضع يضع حياة العديد من الأشخاص في خطر، ليجعل الأمور تتحول إلى كارثة إنسانية وصحية خطيرة.

ومع ذلك، لم يكن هناك حد لوحشية الاحتلال، الذي لم يكتف بقصف المنازل والمخابز والمحلات التجارية وغيرها من المنشآت الحيوية في قطاع غزة، بل امتدت يد الاحتلال لتطال العديد من المستشفيات في القطاع، التي تعدّ ملاذًا للمرضى والجرحى والنازحين أيضًا في وسط أوضاع الحرب، وسبّب القصف الوحشي الذي نفذته طائرات الجيش الإسرائيلي على هذه المستشفيات أضرارًا جسيمة وأجبر هذه المؤسسات الطبية على الخروج عن الخدمة بالكامل.


مع استمرار العدوان.. المستشفيات «لم تعد آمنة» لا للمصابين ولا للنازحين

وفي ظل استمرار القصف العنيف والمروع في قطاع غزة هذا، لم تعد المستشفيات مأمونة بالمعنى الحقيقي للكلمة، لا بالنسبة للمرضى الذين يحتاجون إلى العلاج ولا حتى بالنسبة للنازحين الذين يجدون فيها اللجوء الوحيد بعد فقدان منازلهم وممتلكاتهم بشكل وحشي جراء القصف الإسرائيلي.

وتعرضت العديد من المستشفيات لهجمات مباغتة من طائرات الجيش الإسرائيلي، ومن بين هذه المستشفيات مستشفى المعمداني الأهلي، الذي شهد أحداثًا مروعة جراء هذه الجريمة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال، والتي كان يحتمي به مئات النازحين من بيوتهم بعدما دمرها الاحتلال، هذا القصف الذي طال المستشفى أسفر عن مقتل مئات الشهداء وإصابة الكثيرين من الأبرياء العُزل، بالإضافة إلى سلسلة المستشفيات التي أصابها الاحتلال بغارات عنيفة مثل مستشفى الشفاء والقدس والإندونيسي وغيرهم الكثير والكثير، الأمر الذي تسبب أيضًا في تدمير هذه المرافق الطبية الحيوية، فلم يكن هناك سوى دمار وخسائر جسيمة في مؤسسات الرعاية الصحية، وسط تزايد الأعداد الهائلة من الضحايا.


احتياج القطاع لـ«إقامة مستشفيات ميدانية عاجلة»

وأكدت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، على أن قطاع غزة أصبح في أمس الحاجة إلى إقامة مستشفيات ميدانية عاجلة نظرًا للوضع الصحي الكارثي الذي يشهده القطاع، وقالت إنه "يتزايد عدد المصابين يومًا بعد يوم ووصل إلى أكثر من 24 ألف مصاب بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل".

وفي تصريح لها على منصة "فيسبوك": "أصبح هناك أكثر من 24 ألف جريح في قطاع غزة، وهذا يتطلب تدخلًا عاجلاً وفوريًا، ونحتاج بشدة إلى إقامة مستشفيات ميدانية تساهم في تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهؤلاء المصابين".

وأشارت الوزيرة الفلسطينية، إلى أن 51 عيادة من أصل 72 في غزة خرجت عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي ونقص الوقود، مما أدى إلى وضع كارثي في القطاع الصحي، وأن اتهامات الاحتلال الإسرائيلي للمستشفيات في غزة تهدف إلى تبرير استهدافها وتدميرها.

وحذرت الكيلة، من وقوع كارثة داخل المستشفيات في قطاع غزة، حيث يفتقد المصابون العديد من الإمكانيات الطبية الأساسية، ويعانون من نقص الوقود الذي يؤثر على تشغيل المعدات الطبية، وأوضحت أن استمرار القصف الإسرائيلي حول محيط المستشفيات وبواباتها يهدف إلى ترهيب الكوادر الطبية وإجبارهم على ترك مرضاهم ومغادرة المستشفيات.

وفيما يتعلق بتأثير الاحتلال على القطاع الصحي في غزة، أشارت الكيلة إلى أن انتهاكات الاحتلال أدت إلى استشهاد أكثر من 150 كادرًا صحيًا، وتدمير 27 سيارة إسعاف، وأدى إلى خروج 16 مستشفى و32 مركزًا للرعاية الصحية الأولية عن الخدمة حتى اليوم.

وتتزايد الصعوبات التي يُواجهها سكان قطاع غزة يومًا بعد يوم، والآن، يجدون أنفسهم لا يعرفون إلى أين يمضون وإلى أي مأمن يلجئون، فلا ملاذ آمن يمكن اللجوء إليه في غزة، فالحصار المستمر الذي يمارسه الاحتلال، والقصف المباغت والعنيف الذي يستهدف كل ما يعيق تحقيق أهدافه يضعهم في مواجهة خطر لا هوادة فيه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة