علاء عبد الوهاب
علاء عبد الوهاب


انتباه

سؤال التحدى الحضارى

علاء عبدالوهاب

الأربعاء، 15 نوفمبر 2023 - 09:28 م

البندقية لا تصنع حضارة، لكن الحضارة تحتاج إلى بندقية تحمى منجزها ومسارها. للأسف فإن المسألة على هذا النحو ـ برغم ما يحمل من تبسط ـ تبدو بديهية، لكنها تتعرض لمحاولة دحضها، بل ورفضها من الأساس، عبر تصدى من يتصور واهما أنه يحتكر القوة حصريا، وللأبد، بل يتناسى هؤلاء أن للدول والحضارات دورات، وأن من يتصدر المشهد اليوم، قد يكون على وشك بلوغ قمة تعقبها مراحل يتزحزح بعدها إلى السفح، وربما إلى القاع. الذين يتصورون أن التاريخ قد توقف عند لحظة، أو أنه انتهى بتعبير بعضهم، أو توهمه ذلك، لم يقرأوا التاريخ بتمحص وعناية ووعى كافيين ليستوعبوا دروسه وعبره ومساراته. ثمة تشوش فى الرؤية يعترى من يخلطون بين القوة العسكرية، وامتلاك أدواتها التى تمنعهم فورا من التفوق فى لحظة تاريخية بقوة السلاح، وبين التفوق الحضارى بمقوماتهم وشروطه، يغيب عن أصحاب هذه الرؤية أن امتلاك القوة العسكرية قد يكون مقترنا بتخلف حضارى، بالمعنى الحقيقى للحضارة وجوهرها الذى يحتضن الثقافة والمدنية بمنتجاتها المتعددة، وجذورها الضاربة فى عمق التاريخ. قراءة صحيحة لتاريخ الإنسانية يؤكد ما نذهب إليه، فكم من هجمات شنتها شعوب همجية على مراكز حضارية فخربتها وكم من غزوات بربرية دفع ثمنها شعوب مسالمة إلى حد القضاء عليها، وكم من غزاة استطاعوا بآلة الحرب أن يخضعوا أمما تفوقهم حضارة وعلما وثقافة؟ الإجابة تتطلب جهودا مضنية، إذ أن صفحات التاريخ تعطى لكل ذى حق حقه، فلا تصبغ على الغازى أو العنصرى أو الهجمى غلالة من تحضر، ولا تخصم من أصحاب الحضارات رصيدهم لأنهم هزموا أو استعمروا إلى حين. من هذا المنظور يجب أن نطل على المشهد الراهن إقليميا ودوليا، ومن تلك الزاوية نعالج قضية التحدى الحضارى المفروض علينا حتى نستطيع أن نجابهه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة