خالد ميري
خالد ميري


نبض السطور

الانتخابات الرئاسية.. انطلاقة للمستقبل

خالد ميري

الإثنين، 27 نوفمبر 2023 - 09:25 م

المشاركة الشعبية تكتب قصة نجاح بناء الجمهورية الجديدة

الحوار الوطنى فتح الأبواب لحياة سياسية وحزبية حقيقية ومنافسة ديموقراطية

إرادة الدولة كلمة السر.. ووعى الشعب مفتاح النجاح.. والإفراج عن الشباب أكد الجدية

رؤية اقتصادية لتجاوز الأزمة الحالية.. ولا تحريك لسعر الدولار

بعد ٥ انتخابات رئاسية شهدتها مصر منذ عام ٢٠٠٥، وبعد أحداث يناير٢٠١١، وثورة يونيو٢٠١٣.. تأتى الانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤، والتى ستنطلق خارج مصر الجمعة القادمة، كأهم حدث سياسى فى تاريخنا الحديث.. انتخابات حقيقية تشهد منافسة واعية.. وتضع أساساً راسخاً لانطلاقة سياسية حقيقية لآفاق المستقبل الذى يستحقه الشعب المصرى، ونحن نبنى جمهوريتنا الجديدة.
■ ■ ■
الرئيس عبدالفتاح السيسى البطل الذى أنقذ مصر وشعبها من جماعة إخوان الإرهاب فى ثورة يونيو العظيمة.. وقادها لبناء المستقبل مع القضاء على الإرهاب الأسود.. واستعاد لها قوتها كحجر الأساس فى منطقتها.. وهو ما أكدته الحرب الصهيونية على الأشقاء فى غزة.. فالسلام يبدأ من القاهرة صوت الحكمة والقوة والعدل.. يخوض الانتخابات أمام ثلاثة من رؤساء الأحزاب الحقيقية، أمام فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديموقراطى الاجتماعى، وأحد أبرز وجوه الحركة الطلابية منذ السبعينيات، وأحد قادة المعارضة الوطنية الحقيقية.. وأمام د. عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد، أقدم وأعرق الأحزاب المصرية، الحزب الذى وصل إلى الحكم قبل ثورة يوليو المجيدة، واستعاد دوره السياسى مع عودة الأحزاب لمصر.. وأمام حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهورى، الذى تأسس عام ٢٠١٢، وحصل على ٥٠ مقعداً فى انتخابات مجلس النواب الأخيرة، كثانى أكثر الأحزاب فوزاً بمقاعد البرلمان.
نحن إذاً أمام انتخابات حقيقية، ومرشحين لهم ثقلهم ووزنهم الشعبى والسياسى، حقيقة لم نشهدها فى أى انتخابات رئاسية سابقة، ومشهد يجب أن نكون جميعاً شركاء فى نجاحه بالمشاركة الشعبية الواسعة.. كل مرشح وحملته يتحركون فى الشارع بحرية كاملة.. ويضعون برامجهم ورؤاهم أمام الشعب العظيم، الشعب الذى يملك مصيره بيده، وله الحق فى الاختيار، لنستكمل بناء المستقبل الذى نستحق.
■ ■ ■
الوصول لهذا المشهد الانتخابى المهم لم يكن سهلاً على الإطلاق، احتاج لجهد ضخم لبناء الثقة، وإحياء الحياة الحزبية والسياسية التى كانت تعانى وغائبة تماماً عن الشارع، كنا نرى معارضة عبارة عن ظواهر صوتية، وغياب عن الشعب والشارع، لكن بناء الجمهورية الجديدة كان يتطلب إحياء الحياة السياسية، ومنح قوة دفع حقيقية للأحزاب للعودة والوجود فى الشارع، وفتح الأبواب والنوافذ أمام المعارضة الوطنية لتطمئن وتثق أن الدولة تقف خلفها، والصالح العام يفرض منحها الفرصة كاملة للتعبير عن نفسها.
■ ■ ■
صحيح أن الرئيس عبدالفتاح السيسى ليس مجرد رئيس للدولة، هو البطل المنقذ، والرجل الذى شاءت الأقدار أن يتواجد فى توقيت حاسم من عمر الوطن، فى لحظة هى الأهم فى تاريخ مصر الحديث كان الرجل قائداً لجيشها العظيم والعريق، وانحاز لشعبه وحده فى ثورة ٣٠ يونيو العظيمة، لينقذ البلاد ورقاب العباد من جماعة إخوان الإرهاب، بعدها الشعب طالبه بالترشح للرئاسة، واختاره بأغلبية ساحقة ليقود إنقاذ الوطن، ويعيد بناء شبه الدولة، وقد كان، انتصرنا على الإرهاب ودفناه تحت الصحراء الحارقة، وعادت مؤسسات الدولة قوية راسخة، وانطلقت المشروعات القومية تغير وجه مصر وتستعيد لها مكانتها، ومع بناء الحجر كان بناء الإنسان، وانطلاقة مشروعات الصحة وإصلاح التعليم والشباب والرياضة، لنصل لنقطة انطلاق بناء الجمهورية الجديدة، استكملنا تسليح جيشنا من كل دول العالم، وتوفير أحدث تدريب له، ليحتل مكانته اللائقة وسط أقوى جيوش العالم، وبسياسة شريفة عنوانها الحق والعدل والمصالح والاحترام المتبادل، استعادت مصر مكانتها الإقليمية والدولية، عادت لقيادة منطقتها، ومع القوة الصلبة استعدنا قوتنا الناعمة كاملة من الإعلام للفن والرياضة والثقافة، وما زالت الانطلاقة متواصلة.. وجاءت الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة، والتفاف الشعب بأكمله حول قائده، لتؤكد حكمة وقوة مصر، ورؤية وبصيرة قيادتها، ورغم الصعوبات المعيشية بسبب ظروف اقتصادية، أغلبها يعود لأسباب عالمية لا دخل لنا فيه، إلا أن وعى الشعب كان كاشفاً وهو يلتف حول قيادته ودولته.. الحقائق تقول إنه لا أحد يستطيع منافسة الرئيس السيسى داخل قلوب المصريين أو فى عقولهم، لكن الحقيقة أن مصر الكبيرة كانت بحاجة لوجود منافسة، ولإصلاح سياسى حقيقى يسمح بالمنافسة.
هنا نعود لإرادة الدولة الحقيقية فى فتح الأبواب والنوافذ أمام المنافسة بإصلاح سياسى حقيقى، يعيد للأحزاب رونقها ودورها ووجودها، ويمنح المعارضة كامل حقها.. مصر شهدت أيام الزعيم الراحل أنور السادات عدة محاولات للإصلاح السياسى، لكنها لم تكتمل.. وشهدت أيام الرئيس الراحل حسنى مبارك عدة محاولات أخرى، كان آخرها أول انتخابات رئاسية متعددة عام ٢٠٠٥، لكنها لم تكتمل أيضاً.. الأسباب متعددة، لكننى أعتقد أن الإرادة السياسية لم تكن مكتملة أيضاً.
■ ■ ■
هذه المرة إرادة الدولة حقيقية ومكتملة لانطلاق إصلاح سياسى حقيقى.. والبداية الحقيقية كانت مع إطلاق الرئيس السيسى دعوته من إفطار الأسرة الوطنية لانطلاق الحوار الوطنى، وكان الشعار - وسيظل - الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية.. الدعوة جاءت وسط وجود كل رموز المعارضة على مائدة الإفطار، وترحيب الرئيس بهم، وعلى الفور انطلق العمل لبناء المساحات المشتركة بين كل القوى الوطنية، وباب المشاركة كان مفتوحاً للجميع باستثناء جماعة إخوان الإرهاب التى تلوثت أيديها بدماء المصريين.. وبذل ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطنى، والمستشار محمود فوزى رئيس الأمانة الفنية، وأعضاء أمانة الحوار الوطنى، جهداً ضخماً على مدار عام لتمهيد التربة.. ونجحت الجهود لينطلق بعدها الحوار فى مشهد مهيب، شهد مشاركة كل الأطياف الوطنية بلا استثناء.. وتوالت بعدها الجلسات وإعلان المخرجات بمشاركة الجميع.
ولأن إرادة الدولة حقيقية، والرئيس السيسى هو الأحرص على نجاح الحوار والإصلاح السياسى الحقيقى، فمع انطلاق الحوار كانت العودة لعمل لجنة العفو الرئاسى عن السجناء.. واكتملت الرؤية بقرارات العفو عن أكثر من ١٥٠٠ سجين، معظمهم شباب لم تتلوث أيديهم بالدماء.. والأهم بعد خروجهم فتح أبواب العمل والرزق أمامهم، وأيضاً ترحيب الرئيس بما تلقاه من مخرجات الحوار الوطنى، وإعلانه تنفيذ المخرجات التى تدخل فى نطاق صلاحياته الكاملة، وإرسال ملف الإصلاحات التشريعية للبرلمان.
■ ■ ■
الجدية والإرادة كانت واضحة للجميع، ومن خلف الستار كان هناك رجال عملوا ليل نهار ليكتمل العمل والبنيان، لإزالة العقبات وضمان النجاح.. لهذا لم يكن غريباً أن يكون النجاح هو العنوان الأبرز للحوار الوطنى، والانطلاقة الحقيقية للمستقبل والإصلاح السياسى الحقيقى.
هذا الجهد الأضخم لتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى الذى فتح كل ملفات وقضايا الوطن بلا خطوط حمراء على مائدة الحوار، وقرارات الإفراج الرئاسية المتتالية عن المسجونين، كانت التأكيد على جدية الدولة وإصرارها على المضى قدماً إلى الأمام.. وهو ما زرع بذور الثقة وأكدها.
■ ■ ■
ولهذا لم يكن غريباً أن يكتمل النجاح بالوصول إلى المشهد الانتخابى الحالى.. وأن نرى أخيراً مرشحين حقيقيين وجادين يخوضون انتخابات الرئاسة أمام زعيم مصر وبطلها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأن تضمن الهيئة الوطنية للانتخابات فرصاً متساوية للجميع فى العمل والدعاية والوصول للجماهير والشعب فى كل مكان.
هذا المشهد المحترم، والذى كنا نريده، هو حجر الزاوية لانطلاقة حقيقية نحو المستقبل، ولحياة سياسية وحزبية حقيقية نحتاجها ونريدها، والمشهد يكتمل بخروجنا جميعاً للمشاركة فى العملية الانتخابية، والاختيار بإرادة مصرية وطنية حرة.. المشاركة الشعبية تستكمل المشهد، وتضمن استكمال عمليات الإصلاح والبناء للمستقبل.
والحقيقة أننا لم نجد دعوة واحدة لمقاطعة الانتخابات إلا من جماعة إخوان الإرهاب وأبواقها التى تعيش خارج مصر، ولا همَّ لها إلا بث روح الفتنة والفرقة، فلا دين لهم ولا وطن.
■ ■ ■
لكننا أيضاً يجب ألا نلتفت أبداً لدعوة أن نجاح الرئيس السيسى ليس محل شك، فنعزف عن المشاركة، كلنا يجب أن نتمتع بالروح الإيجابية والوطنية، ويجب أن نشارك.. هذا مستقبلنا، وهذه بلادنا، وسنختار من نريد بحرية كاملة.. فلنذهب لصناديق الانتخابات ليكتمل المشهد الوطنى العظيم، ولنتمكن من البناء على هذا النجاح فى السنوات القادمة، لنستكمل إصلاحنا السياسى.
■ ■ ■
الحقيقة أن أى إصلاح سياسى سيمتد مردوده الإيجابى اجتماعياً واقتصادياً.. وإذا كنا جميعاً نعانى من أزمة اقتصادية وأزمة أسعار، فيجب ألا ننسى أبداً أن البداية الحقيقية للأزمة كانت مستوردة، فالإصلاح الاقتصادى بدأ عام ٢٠١٦، وكان ناجحاً، وتحرك الاقتصاد المصرى بقوة للأمام.. بعدها جاءت أزمة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وصولاً إلى الحرب فى غزة، لنرى آثاراً سلبية ضربت العالم كله، وأثرت علينا بقوة.. أثرت على السياحة، ودخل قناة السويس، والتصدير، وأسعار الشحن، وندرة السلع وارتفاع اسعارها.. تحديات ضخمة أثرت علينا وعلى العالم بأكمله، لكن المستقبل يحمل علامات التفاؤل، وهناك رؤية اقتصادية متكاملة للتعامل مع الأزمة وعلاج جذورها.. ومع ما ننتظره من استثمارات أوروبية، ومن صندوق النقد الدولى، بمبالغ تزيد على 13٫5 المليار دولار، ومع الاستثمارات من الدول العربية الشقيقة.. ومع نجاح مبادرات مثل «إبدأ» لدعم الصناعة، والجهد الكبير لتقليل فاتورة الاستيراد والتزايد المستمر فى قيمة الصادرات.. لكل هذا لم يكن غريباً الإعلان أنه لا تحريك لسعر الدولار، ولا تعويم جديداً، وأيضاً من المؤكد بعد الانتخابات الرئاسية تقييم عمل كل المسئولين على كل المستويات، وأن يكون البقاء فقط للقادر على العمل والإبداع والإنجاز فى جمهوريتنا الجديدة.
■ ■ ■
الانتخابات الرئاسية حجر الزاوية فى بناء جمهوريتنا الجديدة، مصر تحتاجنا جميعاً.. والمشاركة فى الانتخابات حق وواجب.. معاً نصنع مستقبلنا، ونضمن مستقبل أولادنا وأحفادنا.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة