علاء عبد الوهاب
علاء عبد الوهاب


انتباه

إحياء الإنسانية!

علاء عبدالوهاب

الأربعاء، 13 ديسمبر 2023 - 07:17 م

يتنازعنى شعوران، الأول إيجابى لأن منتدى شباب العالم أطلق مبادرة هدفها إحياء الإنسانية والآخر سلبى إذ أن الناس لا تطلق مبادرة بحثا عن الموجود، وإنما عندما تفتقده أو تبحث عنه، أو تسعى لبعثه.

مبادرة «شباب من أجل الإنسانية» تهدف إلى تعزيز الأمان والسلام وحماية المدنيين فى مناطق النزاع، ولاشك أنه هدف نبيل، لكنه يفضح زيف العديد من الادعاءات التى كشفت الممارسات الفعلية، لمدعى الدفاع عن حقوق الإنسان، بل وحماية الحضارة والمدنية، إنهم فى الحقيقة أكثر من يحمى من ينتهكها إذا ما كان حليفا لهم، أو يحمى مصالحهم، أو من شأن دعمه وغض الطرف عن جرائمه أن يؤدى إلى مكاسب يتقاسمان جنيّها!

والحق أن المشهد الإنسانى باتساع المعمورة يدعو للرثاء، والحزن، والأسى فى آن واحد، بالعنصرية البغيضة والكراهية، والحقد تهيمن على سلوكيات مجتمعات بأثرها، من ثم فإن كل البشر بحاجة ماسة لهكذا مبادرة، صحيح أن الانتهاكات البشعة التى تسود فى مناطق الصراع الساخنة بل والدموية، تفرض أن تتصدر الاهتمام عند ترتيب سلم الأولويات لتفعيل آليات المبادرة، وتحركات القائمين عليها، إلا أن السقوط الأخلاقى المروع الذى يعانى منه البشر أينما كانوا، يعنى أن الجميع بحاجة إلى حماية مظلة مبادرة إحياء الإنسانية.

وإذا كان أحد تعريفات الإنسان أنه «حيوان أخلاقى»، فإن الواقع المعاش فى لحظتنا الراهنة يدحض هذا التعريف، بل يكاد يحذفه، مع تلوث الفطرة الإنسانية الذى يفوق ما طال التلوثات البيئية من معدلات غير مسبوقة!

لقد باتت البشرية بحاجة إلى وقفة واعية وحاسمة لكبح هبوطها السريع، نحو هوة سحيقة فى غيبة قيم أساسية، من شأن استعادتها إعادة البشر لإنسانيتهم المفقودة عبر تعزيز أمنهم، وضمان سلامهم.

إن تصدى شباب العالم لإنجاز هذه المبادرة حق وواجب، بعد تغيرات جذرية وعنيفة، تسارع إيقاعها بصورة غير مسبوقة خلال العقدين الأخيرين، لتواجه البشرية تحديات وجودية، لا يفيد فى ظلها مجرد إطلاق أحاديث عن مخاض نظام دولى جديد، فدون رؤية لبعد أخلاقى يؤطر لهذا النظام، فإن المستقبل لا يمكن أن يحمل فى طياته أى خير.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة