سلاح المقاطعة
سلاح المقاطعة


«سلاح المقاطعة»| الوجه الآخر للمقاومة.. ومنفذ لتشجيع المنتجات المصرية

لمياء متولي- أحمد عبيدو

الأربعاء، 27 ديسمبر 2023 - 06:29 م

أبوبكر الديب: خسائرهم مليارات الدولارات 

ياسر عبد العزيز: المنافسة تتطلب تحسين جودة المنتج المحلى

منى داوود: وسيلة فعالة لمساندة القضية الفلسطينية

خدعوك فقالوا إن مواجهة إسرائيل على الأرض بالسلاح فقط !..فهناك أسلحة أخرى فتاكة تصيب العدو الصهيونى فى مقتل وتجبره على التراجع عن أفعاله الدموية ونيرانه القاتلة تجاه المدنيين العزل فى قطاع غزة الحبيب ..

إنه سلاح المقاطعة الذى لجأ إليه الشعب المصرى للامتناع عن استهلاك منتجات العدو الصهيونى والدول والشركات الداعمة له فى مجازره ضد شعب غزة منذ اللحظة الأولى للحرب على القطاع وهو يعلن مقاطعته لمنتجات اليهود الملاعين ..»الأخبار» استطلعت آراء الخبراء فى تأثير سلاح المقاطعة لدعم الشعب الفلسطينى وإجبار العدو الإسرائيلى على التراجع عن قمعه الوحشى لقطاع غزة بإلحاق خسائر اقتصادية كبيرة بالشركات التى تدعمه.

بداية يقول أبوبكر الديب المفكر الاقتصادى، ومستشار المركز العربى للدراسات: إن دعوات المقاطعة الشعبية للدول العربية والإسلامية لواردات الدول الداعمة لإسرائيل كأمريكا وكندا والاتحاد الأوروبى وغيرها من الدول اعتراضا على الهجوم الوحشى لقوات الاحتلال على سكان غزة ومحاولة الإبادة والتهجير مقدرا أن تصل خسائرها إلى 2 ترليون دولار، وفى حال مقاطعة ما يقرب من مليارى مسلم لمنتجات وشركات الدول الداعمة لإسرائيل فإن تلك الدول ستضطر لمراجعة مواقفها وتصحيحها حيث إنها لن تستطيع تحمل ذلك .

كبح جماح العدو

وذكر أبوبكر الديب، أن حجم صادرات أمريكا للدول العربية والإسلامية بلغ نحو 150 مليار دولار، وأن حجم التبادل التجارى بين الولايات المتحدة الأمريكية والدولة العربية والإسلامية يزيد على 300 مليار دولار خلال العام 2022 كما أن الصادرات الأوروبية إلى الدول العربية تعادل 3.7% من الصادرات الأوروبية الكلية وأن ربع صادرات إسرائيل العسكرية اقتنتها الدول العربية بحوالى ثلاثة مليارات دولار.

وأكد أبوبكر الديب، أن أهم الصادرات الأمريكية للعالم العربى هى المنتجات الاستهلاكية والسيارات والمعلوماتية والمنتجات الزراعية والأغذية وخاصة القمح والصويا والذرة والمعدات الثقيلة من السيارات والطائرات والمعدات الثقيلة من أسلحة ومعدات حربية والمنتجات الطبية من أدوية وأمصال لعلاج الأمراض والاوبئة والحواسيب والأجهزة الإلكترونية الحديثة والتكنولوجيا والمنتجات الطبية والصيدلة والأسلحة الثقلية والمعدات مثل الطائرات والسفن الحربية والتسليح وأجهزة الذكاء الاصطناعى.

وقال أبوبكر الديب: إن سلاح المقاطعة الشعبية الاقتصادية من أهم أدوات الشعوب لكبح جماح واطماع الدول الكبرى ويجعلها تخضع للقانون الدولى واحترام حق الشعوب فى تقرير مصيرها.

وأوضح أنه يمكن استبدال الواردات من تلك الدول بدول أخرى كالصين وروسيا وغيرهما، كما أن معظم السلع والمنتجات التى تدعم إسرائيل لها بدائل محلية فى السوق المصرية والأسواق العربية، مشيرا إلى تراجع واضح لمبيعات بعض الشركات العالمية فى البلدان العربية والإسلامية، بعد إطلاق حملات المقاطعة ضدها وبدأ إعلان بعض الشركات العالمية تغيير سياساتها الداعمة لإسرائيل.
وتوقع أبوبكر الديب أنه فى مصر، حدث تراجع نسب البيع لدى الشركات الحاملة لأسماء شركات أجنبية بنسبة تصل إلى 50 % خلال الأسابيع الأخيرة منذ إعلان المواطنين المقاطعة لهذه المنتجات، فى مقابل ارتفاع الطلب على المنتجات المصرية.

وذكر أبوبكر الديب، أن مقاطعة منتجات الدول الداعمة للاحتلال الاسرائيلى ستعمل على زيادة تنافسية المنتجات المحلية وتطوير الصناعات المحلية وتحقيق حلم مصر بزيادة الصادرات لمستوى 100 مليار دولار ولذلك فوائد عدة على مصر من خلال زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى بالبنك المركزى وسداد ديون والتزامات الدولة وتأمين احتياجات الدولة ووارداتها من السلع الاستهلاكية، وتقليل الفجوة بين ما يتم استيراده وما يتم تصديره.

وتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع والبضائع، وتطوير الاقتصاد من خلال المنافسة والجودة، حيث يمثل النهوض بقطاع الصناعة الوطنية طريقا استراتيجيا مهما للدولة وأولوية متقدمة فى خطط التنمية الاقتصادية المستدامة، وتم العمل على وضع خطة منهجية متكاملة وتنفيذ عدد من المبادرات للارتقاء بهذا القطاع وتحديثه، وتعميق التصنيع المحلى من خلال التوسع فى إقامة المجمعات الصناعية، وتوفير مستلزمات الإنتاج، وتقديم تيسيرات غير مسبوقة لتشجيع المستثمرين على الاستثمار فى هذا القطاع الذى يرتبط بعلاقات تشابكية مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية.

فضلا عن رفع القدرة التنافسية للمنتج المصرى سواء فى الأسواق الداخلية أو العالمية، وهذه فرصة تاريخية لانتعاش الصناعة الوطنية، التى حظيت على مدى السنوات الماضية، باهتمام من الرئيس عبد الفتاح السيسى لتحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعى، من خلال توفير فرص العمل وتشغيل الشباب وزيادة دخل المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم، وذلك عبر عدة اتجاهات سواء مستوى التشريعات أو الاستثمارات الجديدة والتوسعات الأفقية والرأسية فى المدن والمناطق الصناعية.

وطالب أبوبكر الديب الحكومة بتفعيل قانون تفضيل المنتج المحلى فى العقود الحكومية، لفتح الطريق أمام الصناعات المختلفة فى مواجهة الاستيراد، وزيادة معدلات التصدير، حيث إن زيادة الطلب على الإنتاج المحلى ستدفع هذه المصانع إلى زيادة الاستثمار وهو ما يخلق فرص عمل جديدة، ومن ثم تراجع معدلات البطالة والفقر والتضخم فى مصر.

مشاركة سلمية

ومن جانبه يقول سيد خضر الخبير الاقتصادى إن المقاطعة تستخدم كوسيلة للمشاركة السلمية فى الحركات الاحتجاجية والمقاومة السياسية ويهدف المقاطعون إلى فرض ضغط اقتصادى على الجهة المستهدفة من خلال تجاهل شراء منتجاتها أو استخدام خدماتها، يعتقد المقاطعون أن هذا الضغط الاقتصادى قد يجعل الجهة المستهدفة تغير سلوكها أو تعيد التفكير فى سياساتها ، خاصة الاتجاه إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية كوسيلة للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين واحتجاجا على السياسات الإسرائيلية والحرب الشرسة على قطاع غزة.

ويضيف خضر أنه يتم تحديد المنتجات المستهدفة وفقا للأصول الجغرافية مثل المنتجات المصنعة فى إسرائيل أو الشركات المملوكة لإسرائيل أو المنتجات التى ترتبط بالقضايا السياسية المثيرة للجدل وبالتالى تكون هناك خسائر كبيرة لديهم أو من يساعدهم ، حيث تعتمد آثار المقاطعة الاقتصادية على العديد من العوامل، بما فى ذلك حجم الاقتصاد المستهدف ومدى اعتماده على التجارة الدولية، ومدى نجاح المقاطعة فى جذب تأييد ومشاركة واسعة النطاق، ومدى استمرارية المقاطعة، والتأثير السياسى الذى يمكن أن يرافقها.

حيث تكون للمقاطعة آثار إيجابية وسلبية على الدول المشاركة فيها من خلال. تأثير اقتصادى سلبى قد يؤدى تراجع الطلب على منتجات الدولة المستهدفة إلى تراجع فى صادراتها، وبالتالى تأثير سلبى على النمو الاقتصادى وفقدان الوظائف فى هذه الدولة، قد يتضمن ذلك تأثيرا سلبيا على الشركات والصناعات المعنية بالتجارة مع الدولة المستهدفة.

ويشير الخبير الاقتصادى إلى أن من ضمن فوائد المقاطعة تنويع الاقتصاد حيث يدفع التعرض للمقاطعة الدولة المستهدفة إلى التنويع فى مصادر الإمداد والتجارة، مما يمكنها من تقليل اعتمادها على سوق محدد أو منتجات معينة ، مما يؤدى ذلك فى بعض الأحيان إلى تعزيز الاقتصاد وتعزيز قدرته على التكيف والتأثير على الشركات المعنية فقد تتأثر الشركات المقاطعة بشكل مباشر، خاصة إذا كانت مرتبطة بالعمليات التجارية مع الدولة المستهدفة، وتواجه هذه الشركات تحديات مثل انخفاض الطلب على منتجاتها أو الحاجة إلى البحث عن أسواق بديلة، وبالنسبة للتأثير السياسى والدبلوماسى حيث توفر المقاطعة وسيلة للتعبير عن التضامن السياسى مع القضية الفلسطينية ومحاربة الاحتلال الإسرائيلي، وقد تؤدى إلى ردود فعل سياسية ودبلوماسية متباينة من الدول الأخرى، يمكن أن يؤثر التوتر السياسى على العلاقات الدولية والتعاون الاقتصادى والتجارى..

ويوضح خضر أن المستوى الداخلى يكون للمقاطعة تأثير محدود على المنتج المصرى ويعتمد ذلك على حجم التجارة بين مصر والجهة المقاطعة وعلى مدى تأثير المقاطعة على الطلب على المنتجات المصرية ولكن يجب الاتجاه إلى إنتاج منتج مصرى ذى جودة ومواصفات متميزة حتى نستطيع منافسة المنتجات العالمية وتحقيق التوازن فى مستوى الأسعار الداخلية وكيفية الترويج الجيد للمنتجات المصرية وغزوها إلى دول لتسهم فى زيادة القدرة التصديرية وتقليل فاتورة الاستيراد ، لكن يجب الأخذ فى الاعتبار أن يكون هناك رقابة صارمة على التجار الجشعين والأسواق حتى لا تستغل تلك المقاطعة فى صنع الثروات وزيادة الأسعار بشكل مخيف .

معان إنسانية

ويقول الدكتور ياسر عبد العزيز أستاذ الإعلام إن القضية الفلسطينية منذ بدايتها قد فجرت العديد من المعانى داخل المجتمع المصرى بداية من التضامن بكل المعانى والأشكال المختلفة له سواء كان معنويا أو ماديا وهذا أمر ليس بجديد على الشعب المصرى،مرورا باستخدام سلاح المقاطعة وهى المبادرة التى قام بها أفراد الشعب المصرى تضامنا مع الشعب الفلسطينى حيث بدأت المبادرة فردية وذلك بشعور كل مواطن مصرى بضرورة القيام بدور كنوع من الدعم والمساعدة للأشقاء الفلسطينيين خاصة بعدما قامت العديد من المحلات التجارية وبعض المطاعم فى الدول الخارجية بإعلان دعمها لإسرائيل بشكل واضح وصريح أمام العالم وتخصيص جزء من أرباحها لدعم إسرائيل وجرائمها الأمر الذى استفز مشاعر المصريين وأعلنوا بعدها القيام بمقاطعة المنتجات المستوردة والتى تناصر ما يقوم به الكيان الصهيونى من جرائم ومجازر ضد الشعب الفلسطيني،وكان لوسائل التواصل الاجتماعى دور كبير فى نجاح المقاطعة فالجميع يقترح ويضع قوائم للمنتجات أو الأماكن المقاطعة وفى الوقت نفسه يعلنون عن البدائل المطروحة المحلية من أجل احتلالها محل المنتج المستورد.

ويضيف أن المقاطعة تعد سلاحا ذا حدين له جوانب إيجابية وأخرى وسلبية ..مشيرا إلى أنه على الرغم من أن له مدلولا رمزيا ومعنويا وله تأثير ملموس منذ بداية المبادرة والغالبية باتت تبحث عن المنتج المصرى إلا أنه فى الوقت نفسه بعض المنتجات بحاجة إلى استغلال هذه الفرصة بالشكل الصحيح سواء من حيث الجودة أو شكل المنتج المعلن عنه أو طريقة التسويق فى الوقت نفسه،فبعض الصناعات لا تقوم من خلال مبادرات أو المقاطعة ولكنها بحاجة إلى تحسين الجودة لتستطيع أن تحل محل المنافس فى ذلك الوقت

روح الجماعة

وتقول الدكتورة منى داوود أستاذة علم النفس إنه دائما ما يتميز الشعب المصرى بالتعاون وروح الجماعة فى المواقف الصعبة والأزمات وذلك على كل المستويات وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالشأن الفلسطينى فإنه يأخذ على عاتقه كل ما يستطيع أن يقوم به من أجل مناصرة القضية الفلسطينية وهذا أمر ليس بجديد عليه ، فالصراع الفلسطينى الإسرائيلى ليس وليد اللحظة ودائما ما تقف مصر وأبناؤها خلف قيادتها من أجل تقديم كل الدعم لأبناء الشعب الفلسطينى..

وتضيف أن إسرائيل هذه المرة مارست كل أنواع الوحشية وانعدام الإنسانية تجاه ابرياء وكان المقابل لهذه الجرائم أن كل فرد من أفراد الشعب المصرى شعر بضرورة القيام بدوره ليشعر أنه يقف بجانب اشقائه الفلسطينيين خاصة أن المشاهد التى يتم بثها وتداولها سواء على وسائل الإعلام أو على وسائل التواصل الاجتماعى غاية فى الصعوبة .

وتضيف أن بداية الدعم كانت تعاطفا معنويا ولكن مع استمرار القصف بشكل يومى أخذ الدعم منعطفا آخر تجسد فى المساهمة فى المساعدات التى تم إدخالها إلى قطاع غزة فالعديد قدموا مساعدات مادية وعينية وآخرون قاموا بالسفر من أجل المساهمة فى إدخال المساعدات للأشقاء الفلسطينيين..وكل يوم يبحث أبناء الشعب المصرى عن وسيلة جديدة سواء مباشرة أو غير مباشرة من أجل مساندة ومناصرة القضية الفلسطينية والتى كان منها المقاطعة التى قرر خلالها الشعب المصرى مقاطعة أى منتج مستورد أعلن مناصرته لإسرائيل

وتشير إلى أنه بالفعل حققت المقاطعة تأثيرا كبيرا بل خلقت مساحة واسعة للمنتج المصرى للعودة إلى الأسواق من جديد وبات ذلك واضحا فى بعض المنتجات المحلية التى كانت شبه مختفية عن السوق المحلى لتبدأ فى العودة وبقوة للأسواق وذلك عزز بشكل كبير ثقة المستهلكين فيه أثناء رحلة البحث عن بديل والبعض من أصحاب هذه المنتجات أستطاع أن يستغل الفرصة بشكل صحيح وقام بتحسين جودته وشكله ليستطيع أن يدخل دائرة المنافسة ويستعيد ثقة المستهلك فيه مرة أخرى خاصة مع التنافس الشديد بين المنتجات والبحث عن الأفضل سواء فى الجودة أو السعر.

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة