هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

«رمزية» محكمة العدل الدولية

هالة العيسوي

الأربعاء، 10 يناير 2024 - 10:46 م

الخطوة الشجاعة التى اتخذتها دولة جنوب إفريقيا بالشكوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية واتهامها بالقيام بحرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين فى غزة، خطوة غاية فى الأهمية، وجاءت فى وقتها المناسب، كان ولا بد أن يجد الاحتلال الإسرائيلى من يواجهه ويفضحه أمام دول العالم التى آثرت ألا ترى أو تسمع أو تتكلم، كان من الضرورى أن يكون هناك موقف جاد معلن من أحد أعضاء المجتمع الدولى ضد الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل ومازالت ترتكبها بعيدًا عن أى محاسبة. 

مع ذلك فإننا لا نعول كثيرًا على هذه القضية، التى تبدأ اليوم أولى جلسات الاستماع بها، كما لا نعول على نتائجها، لا لضعف القضية المرفوعة؛ بالعكس فقد قدمت جنوب إفريقيا ملفًا من 84 صفحة دعمته بالوثائق والصور حمّلت فيه إسرائيل المسئولية عن انتهاكها معاهدة الإبادة الجماعية الموقعة عليها منذ عام 1948وطالبت بتعليق طارئ لحملتها العسكرية ووقف أى أعمال إبادة جماعية أو اتخاذ إجراءات معقولة لمنع الإبادة الجماعية، وإصدار تقارير منتظمة إلى محكمة العدل الدولية حول مثل هذه الإجراءات، هذا المطلب الجنوب إفريقى يعد نوعًا من التدابير المؤقتة أو الأوامر التقييدية المعمول بها فى المحكمة الدولية لمنع تفاقم النزاع أثناء نظر المحكمة فى القضية بأكملها، وهذه التدابير بمثابة ما نعرفه فى مصر بحكم الأمور المستعجلة لمنع خطر داهم .

أما عن سبب عدم تعويلنا على القضية فيعود لأسباب إجرائية بحتة تتلخص فى طول أمد التقاضى أمام محكمة العدل الدولية الذى قد يصل إلى سنوات حتى يصدر قرار نهائى من المحكمة الدولية ملزم للدولة المشكو فى حقها، للتوضيح، قبل أن تصدر المحكمة قرارها حول التدابير المؤقتة، عليها أولًا أن تقرر ما إذا كانت تتمتع بالولاية القضائية للفصل فى النزاع، وأن تقرر أن الأفعال موضع الشكوى يمكن أن تقع ضمن نطاق معاهدة الإبادة الجماعية، كما أن أى تدابير تقررها لن تكون بالضرورة هى تلك التى يطلبها صاحب الشكوى، بل ومن الممكن أن يقرر القضاة عدم اتخاذ تدابير الطوارئ، وتمضى القضية بوتيرتها العادية، ستتاح لإسرائيل بعد ذلك فرصة أخرى للدفع بأن المحكمة ليس لديها أسس قانونية للنظر فى مطالبة جنوب إفريقيا وتقديم ما يسمى بالاعتراض الأولى

الذى لا يمكن أن يمس إلا قضايا الاختصاص القضائي، وإذا رفضت المحكمة هذا الاعتراض، فيمكن للقضاة أخيرًا النظر فى القضية فى جلسات استماع علنية أخرى. 

المشكلة أنه من المألوف أن تمر عدة سنوات بين المطالبة الأولية وجلسة الاستماع الفعلية للقضية بشأن موضوعها، فى هذه الأثناء ماذا سيكون مصير غزة وأهلها؟ 

من المعروف إن أحكام محكمة العدل الدولية نهائية وغير قابلة للاستئناف، لكن حتى لو صدر فى نهاية الأمر حكم ضد إسرائيل، إلا أن المحكمة لا تملك أى وسيلة لتنفيذه، وهذه مشكلة أخرى، صحيح من الممكن أن يضر الحكم ضد إسرائيل بسمعتها الدولية ويشكل سابقة قانونية، وهنا تكمن الأهمية الرمزية لقرارات محكمة العدل الدولية، وأحكامها، لكن الواقع على الأرض سيكون قد اختلف تمامًا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة