النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب


«أصل الداء».. الواردات أم الصادرات؟

أخبار اليوم

الجمعة، 12 يناير 2024 - 05:47 م

يظن كثيرون أنهم «خبراء اقتصاد»، ويلخصون أزمة الاقتصاد المصرى فى شيء واحد، وهو الواردات بالدولار، ويدعون لوقف الاستيراد، بدعوى أنه المسئول الوحيد عن هذه الأزمة، متجاهلين «أصل الداء»، وهو قلة الصادرات مقارنة بالواردات، ووجود «أفكار شعبوية» مطروحة فى المجتمع المصري، تدعو إلى وقف بعض الواردات بدعوى أنها تشكل عبئا على الاقتصاد القومي.

لقد تراجعت الواردات المصرية بنسبة ٢٠٫٧٪ خلال العام الماضى لكن تراجع الاستيراد ليس مؤشراً جيداً ، لأن مصر تستورد أقل من الدول المثيلة لها اقتصادياً، ولكن المشكلة تكمن فى الصادرات، باعتبارها السبيل الوحيد لبناء اقتصاد حقيقى.  

والخطأ، هو الاعتقاد بأن المشكلة دائماً مرتبطة بزيادة الواردات، وفرض قيود على الاستيراد، وسماع كلام عن الواردات وتحميلها المسئولية.  

وللأسف هذا كلام مرسل، لأن مصر من أقل الدول استيراداً نسبة للناتج المحلى الإجمالي، ومكونات الواردات فى أغلبها عبارة عن خامات وسلع رئيسية تدخل فى الصناعة والزراعة والخدمات.

إن وقف الواردات بالشكل الحالي، يمكن أن يؤدى إلى مشاكل اقتصادية، لأن هناك أنشطة صناعية وزراعية وخدمية تعتمد فى المقام الأول على مُدخلات مستوردة، ومعنى وقف استيرادها هو الإضرار بقطاعات كبيرة ومؤثرة فى الاقتصاد المصري.  

الأزمة التى نواجهها حقيقة هى هروب المواطنين باتخاذ «الدولار والذهب» ملاذاً آمناً وتخزينه وبالتالى زيادة السعر بشكل غير مسبوق، ومن هنا فتحرير سعر الصرف هو الطريق الوحيد لوقف السوق الموازية، ليتحدد السعر وفقاً لقوى العرض والطلب فى السوق النقدية، ويقتصر تدخل البنك المركزى فى هذه الحالة على التأثير فى سرعة تغير سعر الصرف، وليس الحد من ذلك التغير، حتى يقوم كل من لديه دولارات بالتعامل دون خوف فنقضى على السوق الموازية تماماً. 

لقد شاهدنا بأعيننا خلال الأشهر الأخيرة، كيف تضاعف سعر سلعة أساسية لعموم المصريين مثل بيض المائدة، عدة مرات، فى وقت قياسي، لأن قرارات الحد من الاستيراد أثرت سلباً على سوق الدواجن الذى كان مزدهرا، وحقق لمصر الاكتفاء الذاتى من البيض، ثم - بقدرة قادر- تعثر استيراد الأعلاف بسبب شح العملات الأجنبية، فكادت هذه الصناعة الكبرى أن تتدمر، لأننا نعتمد على الخارج فى استيراد معظم الأعلاف.

لا يمكن إصدار  قرار بتقنين الاستيراد، بسبب تبعاته على الاقتصاد وفاتورته الباهظة أكثر من الفوائد المترتبة عليه، ويؤكد خبراء الاقتصاد، أن تقنين استيراد بعض السلع يعنى تراجع تصنيف مصر الائتماني، التى تصدرها مؤسسات التصنيف العالمية فور صدور مثل هذا القرار، بسبب ارتباطه باتفاقية «التجارة الحرة العالمية» التى وقعت عليها مصر، والتى تنص على تحرير قيود التجارة.

والحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو الاعتماد على توطين الصناعة، وإعلانها عن تنفيذ هذا الهدف وإنجازه فى مدة معينة وخلال هذه الفترة لا أستطيع حظر الاستيراد حتى وجود بديل محلى يساهم فى إحلال بعض السلع المستوردة.

لن أملّ من الدعوة دائماً إلى دولة قوية، وسياسات مرنة، والإنصات جيداً إلى كافة الآراء، والأخذ بكل السبل التى من شأنها أن تدعم تحقيق الهدف الأسمى، وهو تحول مصر من دولة مستهلكة الى دولة منتجة ولنبدأ فوراً بالصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر لأن عنصر الوقت هوة الاهم الان فى هذا التوقيت المهم من عمر الجمهورية الجديدة. 
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة