لوحة للفنان رومانى سمير
لوحة للفنان رومانى سمير


منى عبد الكريم.. البنات اللاتي يسكن قصائد الشعراء

أخبار الأدب

الخميس، 18 يناير 2024 - 01:54 م

كيف تبدو تلك المرأة التى سكنت قصيدة الشعر.. أتذكر محاضرات الشعر بكلية الألسن، وسونتات شكسبير وأسرح بخيالى إلى المرأة السمراء التى ألهمته وإلى ذلك الغموض الذى ارتبط بها، ثم إلى كل تلك النساء الباحثات عن نوافذ لتطل علينا من قصائد الشعراء.

ذهبت للبحث عن «البنات اللاتى تسكن قصائد الشعراء» وهو عنوان المعرض الذى استضافه مؤخرا جاليرى أرت كورنر بالزمالك بمشاركة عدد كبير من الفنانين، حيث تطل علينا تلك العيون الساحرة التى فتنت الشعراء بعد أن وجدت لها ترجمة بصرية فى الفن التشكيلى، لتطرح تساؤلا عن عملية التأثير والتأثر بين التشكيل وسائر ألوان الفنون  والآداب الأخرى.

اقرأ أيضاً| وزير الثقافة الفلسطيني: على الإسرائيلي الطيب أن يختفي من الكتابات العربية!

حكاية المعرض بدأت منذ فترة حين قرر الفنان سمير عبد الغنى أن يقوم برسم مجموعة من  قصائد أصدقائه الشعراء السكندريين بدافع محبته للشعر، واختار الشعراء السكندريين تحديدا لأنه عاش معهم فى الإسكندرية فى بداية حياته قبل أن ينتقل إلى القاهرة، حيث يقول: منهم تعلمت معنى الأدب وماهية الإبداع.. وهم مخزون المحبة والصداقة الحقيقية..وهم كذلك الطاقة التى جعلتنى أستمر حتى الآن.

ويضيف عبد الغني: بالفعل رسمت أكثر من 100 قصيدة.. حيث أعجبت الرسومات الفنان عصمت داوستاشى الذى عرض على مشاركته فى معرض فنى ومعنا الفنان جلال جمعة، وبالفعل أقيم المعرض فى العام الماضى.. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فمع نهاية المعرض حين ذهبت لأخذ لوحاتى اكتشفت مفاجأة جميلة، ترك لى الفنان الكبير داوستاشى 10 توالات هدية مع رسالة لطيفة لتشجيعى على الرسم يقول فيها «أرجوك لا تعد للبيات الشتوى.. استمر وهذه التوالات هدية منى لمعرضك القادم» وبالفعل استكملت المشوار حتى خرج معرض «البنات التى تسكن قصائد الشعراء» للنور، بمحبة الفنان الكبير عصمت داوستاشى ومشاركته تقديرا له، مع الاحتفاء فى الوقت ذاته بالشعر والشعراء خلال فترة إقامة المعرض، وقد أهدينا المعرض كذلك للفنان السورى سرور علوانى  لنقول للعالم كله إن مصر بخير وأنها دائمة الاحتفاء بالمبدعين العرب  بكل محبة وتقديرا لكل شعاع نور فى هذا الواقع المظلم.

والحقيقة أن علاقة الفنان سمير عبد الغنى بالشعر ممتدة فى أكثر من تجربة سابقة، فقد سبق وأن رسم ديوانى «بيننا سمكة» و«ما قبل البطيخ» للشاعرة المبدعة عبير عبد العزيز، وفاز عن ديوان «ما قبل البطيخ» بجائزة ساويرس الثقافية لأفضل رسوم.. وقد شارك كذلك بمجموعة من رسوماته فى إطار حملة  ادعم شعر، التى أطلقتها «ذات» للشاعرات والتى استهدفت ربط الشعر بالفنون والحياة.

وإذا كان الفنان سمير عبد الغنى قد استلهم كثيرا من لوحاته من الشعر، فإن عنوان معرض «البنات التى تسكن قصائد الشعراء» كان ملهما بحد ذاته للفنانين  المشاركين، فقد جذب العنوان الفنانة نورا ثروت لتقدم عملين بالألوان المائية لفتاتين ترقصان، حيث تقول «اخترت فى إحدى اللوحات اللون الأحمر الثورى الذى يعبر عن المرأة فى انفعالات الشعراء المتفجرة فى بعض القصائد، والأزرق الحالم  الذى يعكس حالتهم فى قصائد أخرى»

ويبدو أن علاقة ثروث بالأدب ممتدة ربما ليس الشعر تحديدا، فقد سبق وأن اشتركت فى معرض من وحى رواية «الشمندر» لخالد الخميسى، والذى استضافه جاليرى شلتر بالإسكندرية، حيث تقول عنها: «كانت تجربة جميلة، فقد تم توزيع نصوص من الرواية على عدد من الفنانين وقمنا برسم تلك النصوص بعد جلسة من النقاش مع الكاتب»، والرواية ذاتها تتناول سيرة فنان تشكيلى من خلال لوحاته وعلاقتها بتفاصيل حياته، كذلك قدمت نورا ثروت رسوم مجموعة «نداء بائع متجول» القصصية للكاتب عصام سعد بالأبيض والأسود بالتعاون مع دار روافد للنشر.

 بعض الفنانين المشاركين بمعرض «البنات التى تسكن قصائد الشعراء» اكتفى من عنوان المعرض بنصفه الأول فقط، فكانت  «البنات» هى موضوع أعماله الفنية، تماما مثلما حدث مع فنان الموزاييك رومانى سمير الذى قدم مجموعة من البورتريهات المستوحاة من وجوه الفيوم، حيث يهتم الفنان رومانى بحياة الشارع المصرى وبالتاريخ والحضارة والتراث، يقول روماني: حين عرض على المشاركة فى المعرض وجدت عندى مجموعة من «البنات» المستوحاة من وجوه الفيوم، ووجدت أنها أفضل ما يعكس الصفات الجميلة للبنت المصرية.

وإذا كانت الأعمال المعروضة قد عكست فى جانب كبير منها  حالة التأثير والتأثر بين الأدب والفن التشكيلى، فإن عملا واحدا استوقفنى كثيرا بالإحالة إلى عمل تشكيلى آخر، وهو لفنان الكاريكاتير السورى «سعد حاجو» الذى كان فى زيارة للقاهرة قادما من السويد، حيث شارك فى المعرض بعمله الذى صور امرأة حامل، تحمل بداخل بطنها فى موضع الجنين يدا ممتدة وأصابع تحاول الوصول إلى  يد أخرى ممتدة إليها من الخارج. هاتان اليدان اللتان تذكراننا بجدارية «خلق آدم» الشهيرة لمايكل أنجلو، والتى تعتبر جزءا من  رسم سقف كنيسة سيستين، حيث يحاول آدم الوصول إلى الله أو ربما هى تلك اللحظة التى ينفخ فيها الرب الحياة فى آدم ضمن كثير من التفسيرات التى ارتبطت بهذا المشهد. ولذا لعل الرابط الأهم بين عملى حاجو ومايكل أنجلو هو رمزية كل منهما، حيث يترك لنا حاجو التفسير، ربما هى عن المرأة ودورها فى الميلاد واستمرار الحياة، أو عن فكرة تكامل الحياة بوجود الشريكين معا اللذين رمز إليهما باليدين.

وقد تنوعت الأعمال التى تضمنها المعرض بين النحت والموازييك والرسم والتصوير، وشارك بالمعرض عدد كبير من الفنانين من بينهم عصمت داوستاشى، وجورج البهجورى، ومحمد حاكم، وجلال جمعة، وإيمان خطاب، وحسن داود، و سعيد بدوى، وسمر أبوزيد، ومجدى سداوى وهانى عبد الجواد، وماهر دانيال، وماهيتاب عرابى.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة