كرم جبر
كرم جبر


إنها مصـر

«العمل العسكرى» و«المشروع السياسى»!

كرم جبر

الجمعة، 19 يناير 2024 - 09:51 م

إذا لم يؤد أى "عمل عسكرى" إلى "مشروع سياسى"، فالفوضى هى سيدة الموقف.. فهل تصل المنطقة إلى مشروع سياسى، يطفئ النيران المشتعلة، ويمنع توسيع نطاق الحروب؟.

فى غزة كنموذج كثير من الإشكاليات تحتاج إلى الحسم، قبل مجىء "اليوم التالى" لوقف الحرب، فى صدارتها غموض الرؤية الفلسطينية للمستقبل، خصوصاً الحكومة الموحدة التى تدير الأوضاع فى الضفة والقطاع معاً، وهى خطوة عصية حتى الآن، وتعطى إسرائيل الفرصة لترديد نفس الحجة القديمة، بأنها لا تجد من تتفاوض معه.

أمريكا تضغط على الرئيس أبو مازن لاختيار نائب، ورئيس للحكومة بصلاحيات واسعة، وأبو مازن يريد وقف الحرب أولاً والبدء فى إعمار غزة لتهيئة الأوضاع للحل النهائى، ثم مناقشة قضايا الأمن ومقترح الدولتين.

والوقت كالسيف والفرصة الضائعة لا تجىء، لتجنب إهدار تضحيات أهل غزة والتوصل إلى مشروع سياسى، ينهى المعاناة وحملات الاجتياح والقتل والترويع المستمرة التى ترتكبها إسرائيل، فكل قطرة دماء أريقت لا يجب أبداً أن تضيع هباءً.

والبحر الأحمر كنموذج آخر ليس هناك دلائل بأن الغارات الأمريكية البريطانية سوف تؤدى إلى تدمير قوة الحوثيين، والوضع المتردى مُرشح للاستمرار فترات طويلة.. والسؤال الصعب: ما المشروع السياسى المنتظر لانهاء الصراع فى البحر الأحمر؟

الحوثيون وفقاً لمصادر كثيرة لديهم القدرة على تفكيك القواعد العسكرية ونقل الصواريخ قبل الغارات، ولهم التفوق الجغرافى فى الجبال الوعرة، ويمتلكون صواريخ كروز التى تتجه فى خط مستقيم لتدمير الهدف المحدد.

والسؤال الأكثر صعوبة: هل أمريكا جادة بالفعل فى تدمير قوة الحوثيين؟.. والشواهد تقول "لا"، والنتيجة المحتملة هى اتساع نطاق الحرب، وقد تمتد إلى منطقة الخليج لتزداد الأوضاع اشتعالاً، فى ظل افتقاد "مشروع سياسى" ينهى صواريخ الحوثيين فى البحر الأحمر.

والاستمرار معناه زيادة الفاتورة الفادحة للخسائر التى تتحملها بالدرجة الأولى الدول الفقيرة والنامية، ومصر خاصة، نتيجة تراجع معدلات مرور الشاحنات فى قناة السويس.

والسودان منذ اندلاع ثورته قبل خمس سنوات ويتصارع الفرقاء حول "مشروع سياسى" ينهى الفوضى، فاتسعت رقعة الدمار الشامل بين قوات الجيش والدعم السريع منذ أبريل من العام الماضى، حتى وصل الأمر ليأس الفريق البرهان فقال "لا صلح معهم ولا اتفاق، سنقاتل حتى تنتهى قوات الدعم أو ننتهى نحن".. والحقيقة أن الذى يدفع الثمن الفادح هو الشعب السودانى.

المشروع السياسى للمصالحة فى طريق مسدود، والتصريحات الغاضبة أعلى صوتاً من التفجيرات، وبات السودان ضحية أطماع إقليمية ودولية لنهب ثرواته وتحطيم قدراته، وينتظر السودانيون عناية السماء.

ولا تزال بعض دول المنطقة تعانى من توابع "الفوضى الخلاقة" التى جاء بها الغرب إلى دول كانت مستقرة، فأيقظ الجماعات الدينية المتحاربة أو ما اسماه " الصحوات الاسلامية" والميليشيات المسلحة، لتشعل النيران وتفكك الدول وتشرد الشعوب.

حروب بلا نهاية ولا أفق لحلول سياسية، إلا الانهاك والفناء، ليكون الجميع مهزومين ويقبلوا ما يملى عليهم من شروط وإملاءات.. وإذا بحثنا عن المستفيد: إسرائيل.
ما يجرى فى المنطقة لا يحدث إلا فى أفلام الخيال السينمائى، وحتى فى الأفلام يبذل المخرج جهده لتكون النهاية عادلة، أما على أرض الواقع فالنهاية ليست أبداً سعيدة.. وفى انتظار "عدالة السماء".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة